تعز تحت رحمة الميليشيات .

أصبحت ساحة للقتال بين الجماعات الإرهابية ومسرحاً لعمليات الاغتيال والتصفية!

مصرع المرتزق الحمادي يأتي في إطار المواجهات والتصفيات المتبادلة بين مرتزقة العدوان
سعت المليشيات الإخوانية الإرهابية التابعة لما يسمى الشرعية لفرض سيطرتها على محافظة تعز لعدم قدرتها على اختراق الجنوب لتصحو المدينة في صباح الواحد والعشرين من مارس الماضي على أصوات القذائف والرصاص، واشتباكات متبادلة بين الجماعات الإرهابية التابعة لمليشيات حزب الإصلاح “الإخوان” من جهة ومليشيات “أبو العباس” السلفية التابعة للإمارات من جهة أخرى كطرفين متصارعين على النفوذ داخل المدينة استخدم فيها كل طرف مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة والمتوسطة, لتتحول المدينة إلى ساحة معارك عنيفة امتدت لتشمل كل أحياء المدينة القديمة، من بينها قلعة القاهرة التاريخية وباب موسى ووادي المعسل وشارعا المصلى والعواضي وانتشار كثيف للمسلحين التابعين للطرفين في كافة أحياء المدينة القديمة وفوق أسطح البنايات والحواري والأزقة ، كما انتشر العديد من القناصة بمختلف أزقتها, كما شهدت أحياء في المدينة القديم لمداهمات عسكرية واسعة من مختلف التشكيلات العسكرية التابعة لمليشيات الإصلاح .

إعداد/ ساري نصر

وتواصلت رقعة الاشتباكات لتصل إلى جميع أحياء تعز لتسود حالة من الرعب التي خيمت على قلوب النساء والأطفال حيث قام المرتزق عادل عبده فارع، قائد كتائب أبو العباس بسحب مجاميع تابعة له من جبهة الكدحة في مديرية المعافر إلى مدينة تعز كتعزيز لمقاتليه، فيما قامت قيادات لمليشيات حزب الإصلاح باستقدام مجاميع من عناصر “أنصار الشريعة” وتنظيم القاعدة لإسناد ما يسمى لواء الصعاليك في المواجهات, واستهدفت عارف جامل وكيل محافظة تعز المعين من قبل الفار هادي ما أدى إلى إصابته بجروح جراء إطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين على لجنة الوساطة أمام مقر الشرطة العسكرية غرب المدينة, كما دارت اشتباكات بين الجانبين في محيط جولة المرور امتدت إلى حي قبة المعصور وغرب شارع جمال عبدالناصر بمدينة تعز بالتزامن مع إغلاق الطرفين عددا من شوارع المدينة, كما قامت قوات عسكرية من قيادة المحور موالية لمليشيات للإصلاح باقتحام معسكر الشرطة العسكرية بعد ساعات من اتفاق يقضي بأن تتولى الشرطة العسكرية فتح الشوارع والانتشار في مواقع الاشتباكات , وإعادة الهدوء إلى المدينة جراء التوتر القائم بين الجماعتين .
خروج مرتزقة الإمارات
وفي السابع والعشرين من شهر أبريل من العام 2019م دخلت الأزمة المتفجرة بين تشكيلات العسكرية والأمنية في محافظة تعز مفترق طرق، بعد أن تمكنت الحملة الأمنية التابعة لمليشيات الإصلاح من إجبار كتائب القيادي السلفي عادل فارع المكنى بـ”أبو العباس”، المدعوم إماراتياً، على مغادرة المدينة عقب مواجهات متقطعة راح ضحيتها قتلى وجرحى من الطرفين ومن المدنيين, حيث غادرت مليشيات “أبو العباس”، المنضوية في إطار “اللواء 35 مدرع” في قوات الفأر هادي من المدينة القديمة التي كانوا ينتشرون فيها بتعز، صوب منطقة الكدحة، وهي الوجهة التي انتقلت إليها الكتائب، باعتبارها المنطقة الخاصة بتمركز اللواء, حيث جاءت المغادرة برفقة عشرات الأطقم من ما يسمى ألوية الحماية الرئاسية التي حضرت إلى تعز للإشراف على الخطوة الخاصة بنزع فتيل المعارك بين المرتزقة داخل تعز.
وتأتي موافقة ما يسمى كتائب “أبو العباس”، بالانسحاب من تعز بناءً على اتفاق رعته لجنة وساطة شكلها محافظ تعز نبيل شمسان المعين من حكومة المرتزقة ، حيث قضى الاتفاق بتسليم هذه الكتائب مطلوبين للسلطات الأمنية في المدينة ومغادرة العناصر الأخرى في القوة إلى الكدحة، لتطوى بذلك صفحة ما يقارب العامين من الأزمة المتفجرة بالصراع داخل مدينة تعز بين مليشيات عسكرية وأمنية يصنفها البعض بأنها قريبة من مليشيات الإصلاح التابعة للعدو السعودي ” وبين “أبو العباس”، الذي يمثل أحد أبرز الأذرع المدعومة إماراتياً في المدينة, حيث تعد الانتكاسة التي انتهت إليها معركة المرتزق أبو العباس في مدينة تعز حصيلة جملة عوامل، أبرزها الاتهامات والمعلومات المتواترة عن وجود متطرفين منضوين في صفوف القوة التي يقودها, ففي أكتوبر 2017م، صنفت الولايات المتحدة وحلفاؤها “أبو العباس” في قوائم المتهمين بدعم تنظيم “القاعدة”.
الإصلاح يصفي خصومه
وكما هو معروف عن مليشيات الإصلاح بتصفية خصومها أكدت مصادر صحفية آنذاك أن الحملة الأمنية لهذه المليشيات في تعز جاءت لتصفية الخصوم في مشهد يعيد نفسه في حملة تشكيلات مختلفة تقوم بفعل واحد وهو تنفيذ أجندة لا علاقة لها بالجانب الأمني، حيث تعرض المواطنون للاعتقالات التعسفية في مختلف أنحاء المدينة بذرائع وأعذار واهية ، وتم الزج بهم في المعتقلات دون مبررات قانونية على أيدي جماعة الأخوان المهيمنة على تشكيلات الجيش والأمن والأجهزة الأمنية لتعيش تعز حالة طوارئ غير معلنة فرضتها مليشيات ترفض تطبيع الأمن وعودة الدولة, وتقوم بمداهمات وحملات تفتيش للمنازل في الجمهوري والدائري حيث تعرض منزل القيادي المؤتمري يوسف الحياني للحرق والتنكيل, كما أن الحامية التابعة لما يسمى القوات الخاصة المرابطة في قلعة القاهرة جرى التحايل لإبعادها بالقصف من جبل صبر ومناطق مقابلة ليتم تسليمها لما يسمى اللواء الخامس حرس رئاسي الموالي للجماعة .
معركة التربة
في أواخر أكتوبر من العام الماضي شهدت مدينة التربة اعنف المعارك بين فصائل المرتزقة التابعة للإمارات المنضوية ضمن ما يسمى اللواء 35 مدرع حيث دارت آنذاك مواجهات بين ما يسمى كتائب أبو العباس بقيادة عارف الهويش وعناصر من اللواء 35 مدرع المحسوب على الناصريين بعد سحب الإمارات معدات عسكرية من اللواء, حيث خلفت المواجهات عددا من الإصابات في صفوف المواطنين كما حولت المعارك القرى المحاذية للجبل إلى ساحة مواجهات مفتوحة, لسعي كل طرف للسيطرة على موقع صبران الاستراتيجي التابع للناصريين والمطل على خط عدن- تعز ومدينة التربة, في ظل خروج حشود متظاهرة في مسيرة راجلة تطالب بإخلاء العديد من المواقع العسكرية التي من ضمنها جبل صبران وبيحان ومنيف كونها أصبحت مرتعا لارتكاب الجرائم والاعتداءات على المواطنين وإقلاق السكينة العامة, وكانت الإمارات قد سحبت في وقت سابق آلياتها من الكتائب واللواء وسط غموض يكتنف أبو العباس المدرج على اللائحة الأمريكية للإرهاب والموقوف لدى الإماراتيين, حيث أتت هذه التطورات وسط تحركات إماراتية لنقل محور تعز إلى التربة وإعادة هيكلة قواته في محاولة لسحب الورقة العسكرية في تعز من تحت بساط مليشيات الإصلاح.
فوضى وانفلات أمني
وتعيش مدينة تعز حالة من الفوضى والانفلات الأمني بعد سيطرة مليشيات حزب الإصلاح عليها وترتكب العديد من المخالفات والانتهاكات والجرائم في حق أبنائها وساكنيها الذين يرزحون تحت إجرام تلك المليشيات الإرهابية, حيث أفادت تقاريرعن قيام هذه المليشيات باحتلال 62 مؤسسة ومقراً حكومياً ورفض تسليمها، وقيامها بنهب محتوياتها، إلى جانب إدارتها لـ 13 سجناً خارج إطار القانون فيها أكثر من 3 ألف مختطف ومخفي قسرياً، منع عنهم زيارة الأهالي ويمارس بحقهم أنواع التعذيب”، علاوة على إدارة المليشيات لشبكات اغتيالات والقيام بحمايتها, وأضافت التقارير إن مليشيات الإصلاح تسيطر على أكثر من 400 منزل بقوة السلاح عبر عصابات مسلحة ورفض إعادتها لأصحابها وزورت ملكياتها وقامت ببيعها إلى جانب نهبها 500 سيارة تابعة لمواطنين, كما أوضحت التقارير أن المليشيات قامت بسجن واختطاف وتعذيب الناشطين والإعلاميين ولم تفرج عنهم إلا بعد تعهدات خطية بعدم العودة لمزاولة الأنشطة الحقوقية والإعلامية فيما لا يزال بعضهم مخفياً مثل أيوب الصالحي وأكرم حميد, كما أكدت التقارير “نهب الحزب للإغاثة عبر أكثر من 200 جمعية ومؤسسة تنضوي تحت عباءة ائتلاف الخير، وممارسة البلطجة عبر عصابات إرهابية تقوم بالبلطجة العلنية في أسواق المدينة وشوارعها وقتل المواطنين ونهب التجار وفرض إتاوات يومية عليهم بقوة السلاح ومن يرفض يحرقون وينهبون متجره ويقتلونه كما حدث مع التاجر حميد الشرعبي وصراف الياباني.
سجون ومعتقلات
وتحمل قصص المعتقلين المفرج عنهم من سجون مليشيات الإصلاح في تعز الكثير من الألم والقهر، حيث قامت المليشيات بتحويل بعض المدارس في تعز إلى سجون وزجَّت بالعشرات إلى غياهبها وأبرز تلك المدارس مدرسة “باكثير” الواقعة في الشماسي شرقي المدينة, حيث أكد معتقلون استخدام المليشيات فصولا دراسية تستقبل فوق طاقتها الاستيعابية أعداداً من السجناء الذين لا يعرف أكثرهم تهمة اعتقاله ويشكون من سوء المعاملة ورداءة الطعام المقدم لهم, كما تقوم هذه المليشيات باستجوابات فاضحة للمواطنين، فبعد منتصف الليل يتم استجواب شخص أو أكثر قبل أن يعودوا مرهقين ويتم إجبارهم على الوقوف لساعات بسبب تعرضهم للتعذيب .
اغتيالات وتبادل للاتهامات
وتشهد محافظةُ تعز إثر سيطرة مليشيات حزب الإصلاح عليها صراعاً متواصلاً بين فصائل المرتزِقة وقد شهد هذا الصراع عدّة جولات من المواجهات وعمليات الاغتيال المتبادلة أبرزها اغتيال العميد المرتزق عدنان الحمادي قائد ما يسمى اللواء 35 مدرع في الثاني من ديسمبر الماضي في ظروف غامضة إثر إصابته بطلق ناري في الرأس ليلقى مصرعه أثناء نقله إلى مستشفى الريان في تعز لتتبادل فصائل المرتزقة الاتهامات فيما بينها, حيث قالت وسائل إعلامية تابعة لمرتزقة الإصلاح إن خلافاً نشب بين جلال الحمادي وشقيقه عدنان الحمادي في منزل الأخير، ما دفع جلال إلى إطلاق رصاصة قاتلة في رأس أخيه وتمكن مرافقو المرتزق عدنان الحمادي من تصفية جلال في اللحظة نفسها داخل المنزل في مسقط رأسه في منطقة بني حماد مديرية المواسط محافظة تعز.
في الوقت ذاته قالت مصادر أخرى إن مرتزقة الإصلاح يكنون عداءً كبيراً للمرتزق الحمادي المدعوم من قبل الاحتلال الإماراتي والمحسوب على التنظيم الوحدوي الناصري, مؤكدة أن الحمادي تمت تصفيته لأنه رفض الضغوط عليه للسماح لقوات العميل المر تزق طارق عفاش بفتح الطريق من جهة عدن للدخول إلى مدينة تعز, ناقلة عن الحمادي قوله قبل مصرعه: “عندي 2800 شهيد قتلهم طارق بكتائب قناصته التي أرسلها إلى تعز، فكيف أسمح له بالدخول إليها اليوم” , في الوقت الذي شن فيه ناشطون في الإصلاح هجوما عنيفا على الحمادي واتهموه بالخيانة لما سموها قوات الشرعية, مشيرة إلى أنه تم تهميش الحمادي خلال الفترة الأخيرة لصالح المرتزق أبي العباس ومساعده القحطاني، ومن ثم اتخذ قرار التصفية وبدأ مخطط اغتياله, مؤكدة أن حادثة توريط أخيه بالاغتيال مجرد تمويه فقط، وتمت تصفية الجاني في الحال كي لا يبقى شهود على المخطط .
ويرى مراقبون أن عملية اغتيال الحمادي سياسية بغطاء شقيقه تمت لطمس معالم عملية الاغتيال, فيما وجه مرتزقة المجلس الانتقالي الجنوبي أصابع الاتهام إلى مليشيات لإصلاح حيث قال المرتزق فضل الجعدي، عضو ما يسمى هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، في تغريدة له على “تويتر”: “الإخونج يغتالون العميد الركن عدنان الحمادي قائد لواء 35 مدرع في تعز، القائد الوحيد الذي لم يخضع للإخونج ورفض هيمنتهم وعنجهيتهم على تعز وأبنائها.. اغتالوه بطريقة خسيسة وقذرة وبادروا إلى إصدار بيانات نعيه وذرف دموع التماسيح”.

You might also like