عطوان : لماذا نعتقد ان زمن الحصارات الاسرائيلية الأمريكية يلفظ أنفاسه الأخيرة وكيف نتوقع اخبارا سارة من لبنان وسورية واليمن وغزة؟

 

إب نيوز ٩ يونيو

عبدالباري عطوان :

لماذا نعتقد ان زمن الحصارات الاسرائيلية الأمريكية يلفظ أنفاسه الأخيرة وكيف نتوقع اخبارا سارة من لبنان وسورية واليمن وغزة؟ وهل ستتدفق ناقلات النفط الإيرانية الى مرفأ بيروت مثلما تدفقت الى طرطوس؟ وما هي المؤشرات الثلاثة التي سترسم خريطة المنطقة؟

تواجه خمس دول وكيانات شرق أوسطية حصارات اقتصادية خانقة هذه الأيام، هي ايران وسورية ولبنان واليمن الى جانب قطاع غزة، الهدف منها تركيع شعوبها، ودفعها للثورة والتمرد للإطاحة بالأنظمة القائمة فيها، اما للإتيان بأنظمة أخرى ترضخ للمشروعين الأمريكي والإسرائيلي، او زرع حالة من الفوضى التدميرية، وتفكيك الدول القائمة.
هذه الحصارات لم تفشل فقط، بل أتت بنتائج عكسية تماما، وتؤكد معظم المؤشرات بان هذه الدول تخرج منها اكثر قوة وصلابة، بينما تواجه الحكومات العربية المنخرطة في المشروعين الامريكي والاسرائيلي أزمات داخلية سياسية واقتصادية متفاقمة، خاصة في منطقة الخليج.
فالحصار الخانق دفع حركات المقاومة في قطاع غزة، وحركتي حماس والجهاد الإسلامي تحديدا على تحقيق الاكتفاء الذاتي في تصنيع الأسلحة، وتطوير قدرات عسكرية متقدمة تتوجت بالانتصار الأخير في قطاع غزة، اما سورية فامتصت، او بالأحرى اجهضت، تطبيقات قانون قيصر، واستطاعت ان تكسر الحصار بشكل تدريجي، اما ايران كبيرتهم التي علمتهم السحر، فاستطاعت ان تجد البدائل في روسيا والصين والاستقلال نوويا، وترغم الولايات المتحدة على استجداء التفاوض معها للعودة الى البرنامج النووي، دون التراجع مليمترا واحدا عن شروطها، بل ودون الجلوس على مائدة واحدة مع المفاوضين الأمريكيين وجهة لوجه.
***
تصريحان لافتان للنظر في المنطقة العربية وتطور “قضائي” مهم في الدولة الإيرانية يمكن ان تحدد جميعها السيناريوهات الزاحفة الى المنطقة، والخطوط العريضة لخريطة التوجهات القادمة فيها:
الأول: الانذار الذي وجهه السيد حسن نصر الله امين عام “حزب الله” في كلمته التي القاها في العيد الثلاثين لانطلاق قناة “المنار”، وهدد فيه بكسر حصار المحروقات المفروض على اللبنانيين، واستقدام ناقلات محملة بالبنزين والمازوت من ايران، وتوفير الحماية لها اذا حاولت الدولة بتحريض من ميليشيات موالية لأمريكا منعها، وللمرة الالف نقول ان هذا الرجل اذا قال فعل خاصة اذا فاض كيله.
الثاني: دعوات من اعضاء متشددين في البرلمان الايراني لتقديم شكوى رسمية ضد الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني ومقاضاته لتوقيعه على وثيقة لليونسكو لعام 2030 بشأن المساواة بين الجنسين في التعليم ورفضها السيد علي خامنئي المرشد العام، وجرى تعليقها عام 2017، فإعادة نبش هذه الوثيقة قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية في 18 حزيران (يونيو) الحالي يعني ان عصر الإصلاحيين انتهى عمليا، وان احتمالات العودة للاتفاق النووي باتت محددة، ان لم تكن معدومة، وكل هذه المفاوضات في فيننا جاءت لكسب الوقت للوصول الى هذه الانتخابات.
الثالث: كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في حديث لتلفزيون “الجزيرة” “ان بعض الأطراف (لم يسمها) كانت تتآمر على الدول العربية على غرار سورية، قال في “يوم ما” سنعود الى الجزائر بعدما ننتهي من سورية”، وقال “انا أقول لهذه الاطراف لحمنا مر ولا يؤكل”، والسبب وقوف الجزائر الى جانب الشعوب المغلوبة والمقهورة في إشارة الى قضية فسطين، وعزم الجزائر استعادة دورها في محور المقاومة.
الانتخابات الرئاسية الايرانية التي ستتم بعد عشرة أيام، ومن المرجح ان يفوز فيها إبراهيم رئيسي شيخ المتشددين، ربما تكون “ساعة الصفر” للتوجه الجديد في المنطقة، وعنوانه الأبرز التصدي للمشروعين الأمريكي والإسرائيلي.
لا نفهم لماذا تتمدد طوابير السيارات امام محطات الوقود في لبنان عدة كيلومترات بينما ترفض الدولة عروضا لشراء ملايين البراميل الايرانية بسعر منخفض، وبالليرة اللبنانية، رضوخا لإملاءات أمريكية؟ والشي نفسه في اليمن، وقبلهما في سورية وقطاع غزة؟ هل النفط الايراني “حرام” والنفوط  الأخرى “حلال” مثلا؟ وهل النفط بات أداة استعمار واحتلال في بلد بلا حكومة وثلاثة ارباع شعبه تحت خط الجوع؟
وهل من المنطقي ان يتم احتلال آبار النفط السوري واليمني من قبل حلفاء أمريكا، ثم يتم منع استيراد المحروقات في الوقت نفسه من دول أخرى، بما في ذلك دول الخليج “العربية” مثلا؟ وهل قدمت هذه الدول البترول والغاز للشعوب في سورية واليمن ولبنان وقالوا لا؟
هذه الحصارات بدأت تتآكل بسرعة قياسية، بسبب مقاومة هذا الواقع المأساوي، والالتفاف حول الأحزاب والفصائل التي تتصدى للهيمنة الامريكية والإسرائيلية المشتركة، فالسيد نصر الله سيكسر الحصار النفطي على لبنان حتما، ويعرف كيف يحمي ناقلات النفط الإيرانية، وحركة انصار الله في اليمن تتلقى هذه الأيام عروضا من الوسطاء بنقل فرق التفتيش الدولي من جيبوتي الى الحديدية، وإعادة فتح مطار صنعاء لجميع الطائرات باستثناء القادمة من طهران وبيروت وبغداد، اما حركات المقاومة في قطاع غزة فأصبحت صواريخها هي صاحبة الكلمة العليا، وبات الوسطاء يتدفقون الى حركة “حماس” وحلفائها طالبين وقف اطلاق النار، بما فيهم الرئيس بايدن شخصيا.
زمن الحصارات يتآكل ويقترب من نهايته، وزمن الرعب والهلع الى الإسرائيليين وحلفائهم العرب قد بدأ، والانطلاقة الأكبر لمحور المقاومة ستتبلور في ابهى واقوى صورها وكلمة السر قد تكون اعلان نتائج الانتخابات الإيرانية، وحينها لكل حادث حديث.. والأيام بيننا.

You might also like