التدخل الخارجي.. يهدد وحدة اليمن أم يقوي شوكة صنعاء

 

إب نيوز ٩ ذي القعدة

طالب الحسني

مشروع  الانفصال الآن في جنوب اليمن في ذروته وهو هذه المرة مسلح وواقع أيضا وبقي فقط أن يعلن بصورة مباشر بعد ان أعلن لمرات كثيرة بطريقة غير مباشرة ، لكن مع ذلك هو أقل تهديدا مما كان عليه منتصف العقد الماضي 2007 رغم سيطرة النظام حينها وضعف امكانية ما كان يسمى بالحراك الجنوبي الذي تطور من تجمع المتقاعدين العسكريين الجنوبيين .
المعادلة التي تعطي هذه النتيجة غير المنطقية في ظاهرها ، أن حراك 2007 كان حالة داخلية جنوبية بحتة مستندة على مظلومية تراكمت منذ حرب صيف 1994 التي انتصر فيها نظام علي عبدالله صالح ( الشمالي ) على الشطر الجنوبي الذي وقع وحدة 90 قبل أن يتراجع عنها بعد ذلك بسبب توسع الخلافات بين صالح وسالم ، ولذلك فإن احصائية مؤيدي الحراك الجنوبي كانت ترتفع بشكل مستمر وبتلقائية إلا أن اقتربت في العام 2011 مع انفجار الربيع العربي من 80%
سنترك هذا التاريخ ونقف على الحالة الراهنة ومستقبل الانفصال .
لا يمكن رؤية الحراك الجنوبي التقليدي الآن ، ذلك لأن التدخل العسكري الذي قادته السعودية وجارتها الامارات بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وصل إلى طريق مسدود ، وهو في طريقه غير ما كان قد تشكل منذ ما يقارب من عقدين ، حين أسس معسكرات ومكونات جديدة استخدمها في الحرب وسمح لها في المقابل أن ترفع أعلام ( دولة ما قبل الوحدة ) أعني هنا الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات بشكل علني ومغاير لخطط السعودية
هذا الحامل لراية الانفصال جديد ومنفصل عن الحراك السابق الذي ذاب في مكونات متعددة ولا يشكل اجماعا جنوبيا شاملا ، أضف إلى ذلك أنه لا يزال مختلط ومتشابك مع ما تسمى ” الشرعية ” التي انتهت هي الاخرى إلى مجلس مكون من عدد من القيادات غير المتجانسة ، وهو ما جعله مزدوج الهوية ، هو مرة جزء من الشرعية التي تؤمن بالوحدة وتتمسك بها ، وهو في ذات الوقت منفصل عنها وخصمها ومشروع مغاير لها تماما .
من هنا كان الانتقالي ، الذي يدعي انه حامل لواء الانفصال موضع اشكالية جنوبية جنوبية ومشروع تمزيق للجنوب وفتت في طريقه مكونات عديدة حملت قبله ما عرف بالقضية الجنوبية ، استقوى بالسلاح والدعم الإماراتي موضع الإشكالية الأكبر ، تسببت في عودة الكثير من القيادات الجنوبية من مربع المطالبة بالانفصال إلى مربع المتمسكة بالوحدة لمنع سيطرة الانتقالي ، أحد أبرز معالم هذا الرفض أن المكونات الحضرمية ترفض أن تكون جزءا من مشروع الانتقالي ، وتضع مشروع  انفصال آخر  سيجعل من الجنوب دولتين وليس دولة واحدة
الأولى فيما يسمى بالمثلث وتضم عدن والضالع لحج ، والثانية تضم أجزاء من أبين بالإضافة إلى شبوة وحضرموت وصولا إلى المهرة ، وهذه المحافظات هي منطقة الثروة ، استخدام القوة لاخضاعها سيعني حربا أهلية قد تطول ، ومن هنا يصبح الدعم الخارجي للانفصال وإعادة اليمن إلى ما قبل الوحدة يضع أولى الخطوات نحو سيناريو مظلم
” الشرعية ” قوة وهمية مشتتة و مقسمة جغرافيا ، تسيطر على أجزاء محدودة في المحافظات الجنوبية والشرقية وبعض الغربية وتفتقر إلى القدرة على فرض أي واقع وتنادي بمشروع الدولة الاتحادية  المقسمة من أقاليم بناء على الحوار الوطني 2013 ، الطرف الاكبر فيها  الاخوان المسلمين ( حزب الاصلاح ) واجنحة منشقة عن حزب صالح ،  وقيادات جديدة بينهم جنوبيين .
القوة الثانية – الانتقالي ، وهو مشروع انفصال مدعوم من الإمارات ولديه جيش وقدرات عسكرية غير معلومة ، تتركز في محافظات عدن والضالع ولحج ، وتريد أن تتمدد نحو شبوة وحضرموت والمهرة وسط رفض كبير ، أشرنا إليه سابقا إلى انه قد يفتح حربا أهلية داخلية ولا تحظى باجماع جنوبي
القوة الثالثة في صنعاء ، لديها كل مقومات الانتصار بعد أن خرجت من الحرب التي يقودها التحالف السعودي الامريكي وكونت جيشا كبيرا راكم خبرة قتالية على مدى ثمانية أعوام ولديها قدرات عسكرية هائلة بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة ، والجغرافية الواسعة والكثافة السكانية 70% من سكان الجمهورية اليمنية وتحمل مشروع الدولة اليمنية الموحدة ، وأظهرت تصلبا كبيرا فيما يتعلق برفض أي تقسيم وتعتبر المحافظات الجنوبية مناطق محتلة ومن غير المرجح أنها ستقبل بأي تسوية تتضمن اقرار التقسيم والقبول بعودة التشطير .
الخلاصة ، أنه في الوقت الذي يرى أن تقسيم اليمن بات أمرا واقعا ، يرى أيضا أن تعقيدات كثيرة أمام ذلك وان تهديد الوحدة أقل خطورة مما كان عليه سابقا ، علاوة على أن التدخل الخارجي الذي قادته السعودية والامارات افضى إلى نتائج جعلت شوكة صنعاء اقوى مما كانت عليه ولديها القدرة على منع تقسيم اليمن مرة اخرى

You might also like