من ريشةِ حمزةَ أسدِ الله إلى فرسانِ الميدان: القلمُ اليمنيُّ وسيفُ الحقِّ في معركةِ الوعيِ الكبرى.
إب نيوز ١٧ أكتوبر
عدنان عبدالله الجنيد:
في تاريخِ الأمم، لكلِّ معركةٍ سلاحٌ، ولكلِّ بطلٍ علامةٌ.
وفي معركتِنا الكبرى اليومَ، استُبدلت الريشةُ بالقلم، والرُّمحُ بالصاروخ، غيرَ أنَّ الروحَ بقيتْ روحَ حمزة، والإيمانَ إيمانَ عليٍّ، والثباتَ ثباتَ الحسين،عليهم سلام الله.
في غمرةِ بدرٍ الكبرى، حيثُ التقى الحقُّ بالباطل، ارتفعت ريشةُ نعامةٍ على صدرِ أسدِ الله حمزةَ بنِ عبدِ المطلب، فكانتْ علامةً فارقةً تُرهبُ الأعداء، وتُشيعُ الطمأنينةَ في قلوبِ المؤمنين.
سأل الأسرى: «مَنِ الرجلُ المُعلَّمُ بريشةِ نعامة؟» فقالوا: «حمزةُ»، فأجابوا بانبهارٍ: «ذاك الذي فعلَ بنا الأفاعيل!»
فكانتِ الريشةُ شعارَ الشجاعةِ والإقدام، تختصرُ كلماتِ التعارف، وتُجسّدُ وضوحَ الموقفِ وصدقَ الانتماء.
التحوُّلُ الاستراتيجي: من ريشةٍ إلى قلم
اليومَ، وفي معركةِ الفتحِ الموعودِ والجهادِ المقدَّس، تشهدُ الساحاتُ تحوّلًا استراتيجيًّا عظيمًا؛ إذ انتقلتِ الريشةُ من صدرِ البطلِ الشهيد إلى يدِ البطلِ المجاهد، من رمزِ القوةِ الجسدية إلى سلاحِ الفكرِ والبيان.
لقد تحوّلت ريشةُ حمزةَ إلى أقلامِ فرسانِ الإعلامِ اليمنيّين، الذين يخوضون معركةً لا تقلُّ شراسةً عن بدرٍ وأُحد، غير أنَّ ميدانَها صارَ فضاءً إعلاميًّا تُحاكُ فيه المؤامرات، وتُشنُّ فيه حروبُ التضليل.
السيِّدُ القائدُ واستراتيجيَّةُ جبهةِ الإعلامِ المقدَّسة:
من النهجِ الإلهيّ أدركَ قائدُ الثورةِ – يحفظه الله – خطرَ اليهودِ في التضليل، وخبرتَهم العريقةَ في ذلك، كما وصفَهم اللهُ تعالى:
{ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ } [النساء: 113].
فإنْ كانوا قد سعَوا لإضلالِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله، فكيفَ بنا ونحن نواجهُ يهودَ اليومَ الذين هم أخطرُ من يهودِ الأمس، وقد امتلكوا أدواتِ التضليلِ وتقنياتِ الإعلامِ كافة؟
لقد وعى القائدُ – يحفظه الله – هذه الحقيقةَ وعمِلَ على مواجهةِ أفواهِ الباطل، مُسترشِدًا بقولِ الله تعالى:
{ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } [التوبة: 32].
فأسَّس لاستراتيجيَّة جبهةِ الإعلامِ المقدَّسة، مستندًا إلى ملازمِ الشهيدِ القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) ومحاضراتِه النيّرة التي صاغتِ المنهجَ الفكريَّ والعمليَّ لفرسانِ الإعلام.
ووصفهم بأنهم فرسانُ الجهادِ في ميدانِ الإعلام، مدركًا بحكمةِ القائدِ المستنير أنّ أمريكا وإسرائيل تركزان على السيطرةِ على الرأيِ العام من خلالِ وسائلِ الإعلام، فجعلَ من الإعلامِ اليمنيِّ جبهةً مقدسةً توازي الجبهاتِ العسكريّة.
الإعلامُ الحربيُّ: سلاحُ الردعِ الناعمُ ومعجزةُ العصر:
لقد غدا الإعلامُ اليمنيُّ سلاحًا استراتيجيًّا زلزلَ عروشَ الاستكبارِ العالمي، ومثَّلَ معجزةً من معجزاتِ الصمود؛ إذ انطلقَ من أرضٍ محاصرةٍ معدومةِ الإمكانيات، ليُحقِّق ما عجزت عنه إمبراطورياتٌ إعلاميةٌ ضخمةٌ:
1- بناءُ ورفعُ المعنويات (التوجيهُ المعنويُّ الداخليّ):
يقومُ الإعلامُ الحربيُّ بتعزيزِ العقيدةِ القتالية، وتوثيقِ البطولات، وتحويلِ البرامجِ الوثائقيةِ والأناشيدِ الثوريةِ إلى موادَّ تحفيزيةٍ تشحذُ الهممَ وترفعُ العزائم.
2- الردعُ والتأثيرُ على العدوّ (الحربُ النفسيّة):
استطاع الإعلامُ اليمنيُّ أن يُقيمَ ردعًا نفسيًّا حقيقيًّا، أجبرَ المنابرَ الدوليّةَ على التراجعِ أمام الروايةِ اليمنية، وجعلَ من الكلمةِ سيفًا يُصيبُ الوعيَ المعاديّ في مقتلٍ.
3- كسبُ الرأيِ العام (جبهةُ الوعيِ الخارجيّ):
نجحَ الإعلامُ اليمنيُّ في اختراقِ الحصارِ الإعلاميِّ العالميّ، وحوّلَ ملازمَ الفكرِ القرآنيّ إلى خططِ عملٍ إعلاميةٍ مُنظَّمةٍ، تُقدّم الحقائقَ والأدلّةَ كسلاحِ ضغطٍ على المؤسّساتِ الدوليّة.
مشاهدُ التميّزِ الإعلاميِّ اليمنيّ:
تجلّى التميّزُ في تعدّدِ وسائلِ التعبيرِ: قنواتٍ وطنيةٍ، وإذاعاتٍ وصحفٍ ومجلاتٍ، ودوراتٍ وورشٍ تثقيفيّةٍ، إضافةً إلى الحملاتِ الإعلاميةِ المستقلّةِ التي شكّلت ظاهرةً فريدةً في تاريخِ الإعلام.
ومن أبرزِ تلك الحملات: الحملةُ الدوليةُ لكسرِ الحصارِ عن مطارِ صنعاء الدوليّ، التي تحوّلت إلى منبرٍ عالميٍّ للأحرار، تُعقدُ فيها المؤتمراتُ والندواتُ لكشفِ زيفِ المؤسساتِ الدوليّةِ وازدواجيةِ معاييرِها.
الحملةُ الدوليةُ لكسرِ الحصارِ: نموذجُ الفعلِ الإعلاميِّ الثوريّ:
لم تكنِ الحملةُ مجرّدَ مطلبٍ إنسانيٍّ، بل كانتْ فعلًا ثوريًّا متقدّمًا حوّلَ قضيةً محليّةً إلى قضيةٍ عالميّة.
فقد نجحتْ – بجهودٍ ذاتيّةٍ – في أن تكونَ ساحةَ لقاءٍ فكريٍّ حرّ، يجتمعُ فيها الأحرارُ من كلِّ صوبٍ، ليرسموا بخطوطِ أقلامِهم ملامحَ عالمٍ جديدٍ، يفضحُ زيفَ الشهاداتِ الأمميةِ، ويربطُ مظلوميةَ اليمنِ بفلسطين، مؤكدًا أنَّ المعركةَ واحدةٌ، وأنَّ الأعداءَ مشتركُون.
عهدٌ وبيعة:
يا قائدَ الأنصار، ناصرَ الطوفان،
ها نحنُ فرسانُ الميدانِ الإعلاميّ، نقفُ صفًّا واحدًا، نقسمُ باللهِ العليِّ العظيمِ أن تظلَّ أقلامُنا مشرعةً، وكلماتُنا صواعقَ، وصورُنا شهودًا على جرائمِ المستكبرين.
عهدًا أن نظلَّ في جبهةِ الوعيِ نقارعُ الباطلَ، نكشفُ زيفَ الإعلامِ الغربيِّ، ونُعرّي أدواتَه حتى تتحرّرَ المقدّساتُ، ويرتفعَ علمُ الحقِّ في كلِّ أرضٍ، ويتمَّ نورُ الله ولو كرهَ الكافرون.
يا فرسانَ الإعلام، إنَّ أقلامَكم اليومَ هي ريشاتُ حمزةَ العصر، تُرفعُ كما رُفعتْ ريشةُ أسدِ الله عاليًا لتقولَ للعالم:
ها نحنُ أبناءُ حمزةَ قد عُدنا… وبحبرِ الحقيقةِ يُكتبُ النصرُ الموعودُ على صفحاتِ التاريخ!