مستقبل العراق السياسي مابين، إعادة التموضع الأستراتيجي وطرح بدائل نفوذ جديدة .!!
إب نيوز ١٨ أكتوبر
غيث العبيدي ممثل مركز تبيين للتخطيط والدراسات الاستراتيجية في البصرة.
أتفقت جميع النخب العراقية ”السياسية والثقافية والإعلامية“ على إن مرحلة ما بعد الأنتخابات البرلمانية المقبلة، المقرر اجرائها في 11/11/2025،ستكون من أخطر المراحل التي مرت على العراق ما بعد 2003، لأنها ستكون مرحلة الأختبار الحقيقي للنظام السياسي والحكومة المرتقبة في بغداد، لكونها ستنقل البلاد من مراحل تأسيس الدولة العراقية الحديثة، والتعريف بها إقليمياً ودولياً، بكل ما رافقتها من مشاكل أمنية، وحروب إرهابية، وأزمات سياسية، وفوضويات إجتماعية، وضنك إقتصادي، لمراحل مختلفة كليآ ”مرحلة تطبيق الدستور“ وستعمل فيها الحكومة المركزية الجديدة على إعادة تموضعاتها الأستراتيجية، وستتكفل برسم خرائط النفوذ بعد الانسحاب الأمريكي من العراق، وتطرح بدائل جديدة «لهيمنة إقليمية مشتركة مع واشنطن بذات الأهداف» من ذوات المقبولية الدولية والإقليمية الواسعة، كجزء أساسي من التغيير، الموضوع الذي شاع مؤخراً بشكل مكثف، والمغطى إعلامياً بصورة متكررة في الكثير من المنصات الإعلامية.
▪️ التوجهات الإقليمية حول العراق في المرحلة المقبلة.
🔹 التوجه التركي.
من داخل إطار الفكرة العالمية، والمعتقد الإقليمي،
وكنتيجة حتمية للتغييرات الجيوسياسية والإستراتيجية التى حصلت في الشرق الأوسط، ووسط كم هائل من الضغوطات الغربية “الأمريكية والإسرائيلية“ على الحكومة الحالية، والتي سترمي بياناتها بشكل آلي في أحضان الحكومة المقبلة، حتى ترى إن هناك أدوار إقليمية هبطت في إشارة إلى ”إيران“ وأدوار أخرى قد صعدت في إشارة إلى ”تركيا“ ويماثلون لكليهما في الحالة السورية واللبنانية والغزاوية الجديدة بلا حماس، تحديداً وإن هناك رغبة شديدة لدى أنقرة في تغيير ملامح التحالفات الإقليمية لصالحها خلال الفترة المقبلة، لتسمح بتعاظم الدور التركي في العراق، علمآ إن ملامح العصر العثماني، بدأ يتشكل في الفترات الماضية في شمال البلاد.
🔹 التوجه الخليجي.
تطمح دول مجلس التعاون الخليجي، المناهضة للمشاريع الجيوسياسية الإيرانية، وعلى رأسها السعودية لـ ”لبننة“ العراق سياسياً، ليكون متأزم دائماً ويمر في متاهات سياسية وإجتماعية وأقتصادية يصعب الخروج منها، لتنهي من خلاله الدور الإيراني في العراق، على أعتبار أنه دور لا يراعي المصالح العربية، ونقل العراق من طور الدولة في الحضن العربي، إلى اللا دولة في الحضن الإيراني، فأرهق نفسه وخفت نجمه وقل تأثيره في البلاد بصورة كبيرة، وستدعم الدول الخليجية هذه التحولات الإستراتيجية إن حصلت وبقوة، ولا مشكلة لديها أن تلاقت مصالحها، أو تقاطعت مع المصالح التركية في بغداد، وكل ما يهمها هو عراق خالي من إيران.
🔹 توجهات أخرى.
التوجه التركي والتوجه الخليجي، كلاهما يمثل توكيد معنوي للتوجهات السورية والأردنية في العراق، حيث يتطابق الاول مع التوجهات التركية، بينما يلتحق الثاني تلقائيا بالتوجهات الخليجية، وكل الأطراف اعلاه لا تريد أن تعمل بصورة إنفرادية، ويمكنهم تشكيل حلف رباعي بدواع أمنية وإقتصادية لتعزيز أمن بلدانهم القومي، نظراً لكون النشاط السياسي السابق في بغداد، يمثل نشاط معادي لهم، خصوصاً بعد أن أصبح للحشد الشعبي وفصائل المقاومة أجنحة سياسية في الحكومات العراقية.
وكل الأطراف اعلاه تدرك أن فرصة التعاون بينهم بشأن العراق، مرتبط كلياً بنوع الحكومة القادمة، لذلك سيعملون لاحقاً وبكل الوسائل والأمكانيات، على خلق نوع من التقارب بين سوريا والعراق، لتخفيف الحساسية السياسية والأمنية بين بغداد ودمشق.
▪️ موقف الأحزاب العراقية من التوجهات أعلاه.
تدرك الأحزاب والقوى السياسية الشيعية، وخصوصاً الكبيرة منها، أن التوجهات التركية بشأن العراق هي عبارة عن؛ محاولات قائمة على خلفيات تاريخية، لإعادة أمجاد الدولة العثمانية، بحلتها الجديدة في البلاد، وبالتحديد في المناطق التي تراها انقرة مرتبطة تاريخياً بالعثمانيين، كمدينة الموصل وضواحيها، وتنظر نفس الأحزاب اعلاه إلى العمليات العسكرية في شمال العراق على أنه احتلال سافر وجد حجته وأعلن برهانه بعقد مبرم بين بغداد وأنقرة، للقضاء على حزب العمال المعارض للحكومة التركية، على أساس أنه أمر مؤقت «كمسمار جحا تماماً» لتهيمن تركيا على مناطق مهمة من إقليم كردستان، حتى أصبح الاحتلال ”واقع حال“ لا يسر أحد في فترة زمنية حرجة، بغض النظر عن رغبة الحكومة وآمالها.
ومن المؤكد إن نفس الأحزاب اعلاه تنظر إلى التوجهات الخليجية في العراق على إنها محاولات لجر البلاد بأتجاه التطبيع مع تل أبيب، لترافق بغداد باقي العواصم العربية، حتى تجتاز القافلة طريق التطبيع بيسر وسهولة.
بينما الأحزاب والقوى السياسية السنية والكردية، ترى في الخليج وتركيا، عمق عربي، وأمتداد إسلامي، ولا تمانع الاتحاد مع تركيا، ومحالفة الخليج، أو كلاهما معاً، ويمكن أن نقول إن لديها نوع معين من الأهداف وتسعى لتحقيقها حتى وإن وضعت إيديها بأيدي الشيطان نفسه.
عموما..
كل ما تقدم أعلاه مجرد فرضيات وتحليلات عميقة، قد تصيب وقد تخيب، فأن صابت، نرجوا من الحكومة المرتقبة أن تكون على قدر المسؤولية، لتحافظ على أمن وأمان البلاد والعباد، وأن خابت، نرجوا منها أن لا تدمر الدين والحرية والأقتصاد والبنوك والمعلومات، أما إذا خاب بعضها وصاب الآخر، نرجوا منها؛ أن تمتلك رغبة واضحة ونية صادقة، في الإصلاح الشامل والتقدم والازدهار، وفي كل الأحوال وتحت جميع الظروف، على الحكومتين ”التشريعية والتنفيذية“ في المرحلة المقبلة قطع أذرع أخطبوط الفساد، بكل السبل وشتى الإمكانيات. وأن لا تسلك طرق ملتوية، وتخترع سبل معينة، حتى يدافع عنها محاربين الإعلام مجاناً.
وبكيف الله.