هذه ليست زكاة .. فلا تكذبوا على الله !

 

 

إب نيوز ١٠ مايو

عبدالملك سام

تخيل عزيزي القارئ في فترة من الفترات كانت تصرف الزكاة على المشائخ والنافذين !! بل لو أنك كنت موظف في مصلحة الواجبات سابقا فهذا أمر يغبطك عليه الآخرون او كما يقال : ( أمه دعت له ) ، في حين أنه من أصحاب السعير !! وبأعتبار أن الزكاة لها ستة مصارف معروفة لكل من يقول أنه مسلم فهي : ( للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وأبن السبيل ) ، ولكن لا شيء من هذا كان يتم ، وهذا ما ادى للكثير من الإنحرافات والمشاكل نتيجة الأبتعاد عن تعاليم الله وشريعته ..

في الواقع كانت النسبة الأكبر من الزكاة لا تصرف في أي من المصارف التي حددها الله ، بل وكانت هذه المصروفات تتم بتوجيهات من الدولة لأشخاص لا يستحقون ، مما جعل الكثير من التجار يتجراء ويصرفها بنفسه بدل من تسليمها للجهة المفترض أن تقوم بجمعها وصرفها ، وتطور الموضوع لدى بعض التجار أن يحدد هو فيما يصرفها ، حتى وصل الأمر إلى قيام بعضهم بإعتبار أي خسارة تلحق به جزء من زكاته ، وحتى أحيانا خسارته بسبب تغير سعر الصرف يقيدها من ضمن الزكاة !! تخيل ؟!!

هذا ما يحدث عندما لا يكون هناك وعي ديني ومجتمعي تقوده دولة فاسدة ، وهذا ما حدث فعلا في بلدنا ، ومازال يحدث للأسف لدى بعض التجار !! وهم لا يعرفون أو يعرفون أن هذا التصرف يعني أنه لن يتقبل منه أي عمل صالح يقوم به وهو يعطل جزء مهم من ألتزامه الديني ، والموضوع يشمل كل مسلم لديه ما يدخل ضمن ما يجب الزكاة عنه كالذهب والمشاريع …..الخ ، فأنتشار الفقر والأوبئة والمعاناة والظلم والسرقة والزنا وغيرها من الآفات الإجتماعية هي نتيجة حتمية لبعدنا عن منهج الله القويم ، بل أننا لا نبالغ لو قلنا أن المشاكل الإقتصادية كالكساد والتضخم والإفلاس والخسائر الرأسمالية وغيرها مما يصيب التجار ناتج في معظمه بسبب هذا الأنحراف الخطير ، فالله هو الغني ، وعندما وجهنا لهذه الفريضة فهو يعلم ما فيه مصلحتنا وسعادتنا ..

يجب أن يفهم الجميع أنك لست مخولا بصرف أي مبلغ من زكاتك ، بل أنت تؤدي ما عليك من زكاة للدولة وهي من تصرف هذه الزكاة في مصارفها ، أما أنت فمخول في مالك بأن تتصدق أو تهب كما تشاء بعد أن تؤدي ما عليك من زكاة ، هذا لمن يتحرى أن تبرأ ذمته ويتقبل الله منه باقي عمله ، والدولة عبر هيئة الزكاة هي من تقوم بالتوزيع بحسب إحصائياتها وبياناتها ، وهذا الأمر كفيل بحل كثير من المشاكل التي نعاني منها في الوقت الحاضر .

فمثلا كلنا نتضايق عندما نرى أولئك الفقراء والمساكين وهم ينتظرون لساعات طويلة أمام بيت تاجر ، وأيضا معرفتنا أن بعض هؤلاء يستلمون مساعدات من أكثر من جهة وفوق ما يحتاجون ، بينما البعض يعانون من الفقر والفاقة ولا يحصلون على شيء ! وهناك جوانب أخرى من الحالات المرضية التي تحتاج من يمد لها يد العون ، في حين هناك أشخاص يزورون تقارير طبية ويدعون أن فيهم مرض خطير ويحتاجون مساعدة ، وغيرها من المظاهر والإنحرافات التي هي في الأساس بسبب عدم الألتزام بالطريقة الشرعية في جمع الزكاة وإجراءات صرفها ..

السيد القائد في إحدى محاضراته نبه لهذا الموضوع الجوهري ، وأكد فيه اهمية إخراج الزكاة وتسليمها للجهة المختصة ، وأن هذا العمل كفيل بإنهاء معاناة الفقراء والمساكين والمحتاجين أذا ما تمت بالطريقة التي حددها الله . أما ما يقوم به معظم التجار اليوم فهو عمل عبثي لا يعبر عن ألتزام ديني ولا حتى أخلاقي ، ووفق ما يتم في دول أخرى فأنه كان يمكن أن تؤخذ منهم أضعاف ما كان أن يدفعوه كزكاة ورغم هذا لا تبرأ به ذمتهم ، ويوم القيامة يحاسبون على كل فلس مما غلوا من مال !!

نصيحة لكل تاجر وكل من تجب عليه زكاة .. أدفعوا زكاتكم التي هي براءة لذمتكم إلى الجهات المختصة وهي هيئة الزكاة التي أنشئت لمصلحة المجتمع بكامله ، ويمكنكم أن تتفقوا مع هذه الجهة على آلية تريحكم لإخراج هذه الزكاة وطريقة صرفها ، وبهذه الطريقة تضمنون براءة ذممكم ، وأيضا تضمنون أن الله سيعيدها لكم أضعافا مضاعفة كما وعدكم .. هلموا لما فيه نجاتكم في الدنيا والآخرة .. ومن اخرج من ماله شيء بعد اداءه لزكاته فهو بذلك يتقرب من الله ولن يضيعه الله أبدا ، ولن يموت حتى يرى مكانته ومنزلته وهو مستبشر .. والله من وراء القصد .

 

You might also like