(ويتلوه شاهد منه)

 

إب نيوز ١٣ مايو

منتصر الجلي

لا نستطع مع الزمان صبرا أو قولا، وإنما نقتطف من أزهاره مياسم الذكرى ومعاني الشمول للفضيلة الأبدية، المسافات شاسعة ونحن الملهفون له ولمقامه في عالم الإنسانية الكبير،
إنه لمن الشطط القول أننا نستطع به إحاطة أو إستيفاء، ومن العدل القول بعظمته النافذة على بصائر الحكمة ومواليد البلاغة ومعاني اللسان .. ففي كل عام من شهرنا الفضيل نمر على النصف الأخير منه على شفرات السيوف، نختضب مدامع الشوق والماسآة والنكران لقاتليه، كل عام ونحن نحتمل الليال الموبقات التي انتجها السيف الأموي الخبيث وأشقى أشقياء هذه الأمة….
هو ” علي ” الإمام المفدّى وصاحب ليلة الهجرة النبوية، هو الإمام الجسور وغالب اليهود وفاتح خيبر، هو جبرائيل يوم أحد ، وسيف الملائكة يوم الخندق، هو علي العلى في الرسالة والإيمان والهوية والتقوى، والفتى الهاشمي القرشي الإسماعيلي اليمني الإبراهيمي، هوالسفح الشامخ والطود الرصين، هو العالي في البر والتقوى، هو علي المكين في الأرض نكال قريش ومبير اليهود وقسيم الجنة والنار في زمن الانحراف، هو من هو ؟ سألوا جبرائيل وميكال والملائكة بعد ذلك ظهيرا، سألوا الألواح وفي نسختها اسمه وسمته وهمته وفضله وشرفه وقدره وخلافته للمؤمنين، هو الزبور وما أوحى ، وهو الصحف وما تُتلى، وهو الإنجيل السماوي والقديس الباقي والتوراة السماوية، هو القرآن الناطق وهارون الرسول وبقية الرسالة ، هو العترة وسيدها ورأسها وعلمها وعالمها، هو الحج ومواقيته التامات، والغدير والبلاغ المبين، وبه ختمت الرسالة المحمدية يوم قال ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه ) علي الشاهد والحاضر، ذلك الفتى الكوكب المنير، العالي سموا ورحمة ونهجا وعالم كبير ..

نعم هي العشر الليال من هذا الشهر العظيم وماوتر الواترون وقام القائمون فيها، على سفوح الدهر وملمات الانحراف سقط ذلك القرآن، سقط بنهجه ووصفه وكلماته وأسرار علمه،
# سقط هارون محمد كما سقط هارون موسى من قبل# سقط ذلك السقف الذي بناه الرسول صلوات الله عليه وآله طيلة نيف وعشرون عام من الدعوة الى الله وإخراج الناس من الظلمات الى النور، فإذا بالأمة تربي وتخنع وتصنع ظلمات أخر بعضها فوق بعض، لذلك لم تعد ترى النور العلوي فاعتلى للسماء محله ومستقره الأول والآزل،
ما السبب الذي جعل شخص كالإمام علي ذلك الرجل المجاهد الصابر المثابر ثالث المؤمنين وسيد الأمة بعد نبيها أن يسقط شهيدا في محراب مسجده وفي فناء مسجده و “بسيف” محسوب على الأمة ؟ أليس يمكننا القول أنه الانحراف الذي وقعت في شراكه الأمة، وأن شخصا كمعاوية يحكم الدولة الإسلامية بأسم الدين والعدل والقول الرباني وهو عن ذلك بعيد وشريد ؟

فرضية الحكمة والعقل تحكم وقوانين التشريع السماوية ترى في ذلك الواقع الهش المظلم هو نتاج طبيعي لأهواء ظلت واصابتها العظمة وداء الغفلة منذ ورسول الله على فراش الموت حين قال قائلهم ( اتركوه إنه يهجر ) على وقع هذه العبارات أوقع الأمة في تيه ليس له أربعون سنه، بل له الحياة بدهرها ومابقي من زمن الدنيا !!
أليس هنا ضاعت مفاهيم الرسالة التي حارب وقاتل وضحى من أجلها هذا المقتول في محرابه المقدس ؟

أليس هذا الانقلاب الجاهلي والإطاحة بالإمام علي عليه السلام هو انقلاب بالرسالة والرسول والقرآن وعلى التوجيهات الربانية؟
إذ فمال هولاء القوم لا يفقهون حديثا، فلم يكن أن يقتل الإمام علي شخصه، بل هو اجتثاث للعلم النبوي ومخالفة صريحة لله رب العالمين وما أمر به يوم الغدير بخم، أن يسقط رجل كعلي هو سقوط للأمة حتى قيام الساعة إلا من أقام رايته،
فالسلام الدائم الباقي على ذلك المقتول الشهيد المظلوم على حصيف محرابه وقبلة ربه وبين يدي العزيز الحكيم، فالسلام السلام على سيد الوصيين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين الإمام علي ابن ابي طالب – صلوات الله وسلام عليه وآله الطاهرين –
واللقاء بك الجنة عند مليك مقتدر .

You might also like