العم يحيى وروضة شهداء الخمسين

إب نيوز ١٣ يونيو

أفنان محمد السلطان

من بين تلك الحكايات التي تدون، ومن بين تلك القصص التي تروى على مسامعنا هنا قصة بلغ فيها العطاء في أعلى القمم وتجلى فيها ااحسان في أتم صوره ، ووصل الوفاء ذروته.

فمن عطر تلك الورد التي غرسها بيديه ،ومن شوق تلك الرياحين ﻷنفاسه أكتب حكاية المجاهد الحاج /يحيى اسحاق
من أختار أن يقضي ماتبقى من عمره في الاهتمام بروضة الشهداء ، فكان يقضي ساعاته متنقلا بين ضريح ذلك الشهيد ليزينه بالورود الزاهية إلى ضريحا أخر ليسقي تلك الرياحين التي أعتادت على ملامسة يديه الحانيتان التي لم تمل ولم تكل من تلك اﻷعمال الشاقة لكنها بالنسبة له أعمال تبث في قلبه سعادة لامتناهية كونها في مجال رد جزء بسيط من الوفاء لدماء شهدائنا من تشرفت اﻷرض باحتضانهم في جوفها .

فرغم كبر سنه إلا أنه لم يقعد ويبحث له عن أعذار واهية للتخاذل والجلوس في البيت ، بل أدرك أن جندي الله مهامه شاملة والجهاد له أشكال عدة .
فأتخذ من أهتمامه بروضة الشهداء مجال ليجاهد من خلاله
فكان يستقبل الوافدين إلى تلك الروضة بوجه لاتفارقه اﻷبتسامة وبقلب رحب ،مما جعل له في قلوب الكثيرين محبة وإجلال لعظيم إحسانه.

فأي أيمان حمله في داخله حتى يقضي ماتبقى من عمره في اﻷهتمام بروضة سكنها خيرة شباب هذه اﻷرض من شهدت الجبال ثبات أقدامهم ومن لامس العدو قوة بأسهم ياله من فضل عظيم يناله إنسان ذاب في حب الله وأوليائه .

فكم شهد تراب تلك الروضة آثار أقدامه ذهاب وإياب وهو يسقى تلك المزروعات التي تشققت باطن كفيه من زراعتها وتبللت كتفيه وهو يحمل الماء ليسقي ظمأها فما أجل أحسانه وما أعظم أجره.

وفي يوم كانت تلك الزهور والرياحين تنتظر الوقت الذي يأتي إليها مزارعها بحفاوة ، ولكن مر الوقت المرتقب ولم يأتي!!
والسبب أن المجاهد العم يحيى فارق الحياة.

فقد غادر ذلك المزارع الحياة إلى اﻷبد وتم إيجاده في غرفته التي تمﻷها البذور التي كانت تنتظر بشوق أن تشرق الشمس لتتشرف بأن تزرع على أولئك العظماء من الشهداء اﻷخيار لتكتسب منهم الرائحة الزكية ، ولكن العم يحيى كان ملقى على فراشه بعد أن أرتقت روحه إلى بارئها بعد جهوده التي بذلها في العناية بروضة شهداء لتكون بالمستوى الراقي لرقي وعظمة من دفن في ثراها ولتكون بجوده أجمل روضة في أمانة العاصمة
فسلام الله على العم يحيى إسحاق ورحم الله روحه الطاهرة

ختم عمره بين أرواح منهم أحياء عند ربهم يرزقون ، فهم صدقوا ماعاهدوا الله عليه ، وهو كان ممن ينتظر فقضى نحبه على آثارهم فتم تشييع جثمانه بجانب الشهداء وتحت ظلال تلك اﻷشجار التي مازالت آثار يديه عالقة في جذوره ، وكانت تلك الورود تزين ضريحه وكأنها تتسابق لترد ذلك الجميل الذي أعطاهن حين كان يقضي جل وقته في العناية بهن .

فلولم يكن من المحسنين لما لبث في أرض سكنها رجال قال الله عنهم أحياء ولكن لاتشعرون فهنيئا له وسلام على روحه التي شملها الله حين قال وكذلك نجزي المحسنين .

 

You might also like