ولسوف نلتقي…2

إب نيوز ٢٢ سبتمبر

رويدا البعداني

لطالما شعرت بالوحدة في غيابه خاصة بعد أن سكنا في منزلهما الجديد الذي يبعد عن قريتها وأهلها كل البعد لكنها مع الوقت اعتادت، أراد زوجها ثائر من ذلك أن تكون أقرب إلى عمله إضافة إلى أن صديقه المجاهد غازي يقطن في نفس الحي الذي لم تشأ حكمة الله بعد بأن تنجب زوجته شمس طفلاً علما بأن هذه السنة السابعة من زواجهما. جمعت الأيام بين المجاهدتين وربطتهما علاقة الود والاحترام مع مرور الأيام؛ فقدكانتا تقضيان أغلب الأوقات معًا تشغلان نفسيهما بأبسط الأشياء تتوقان لسماع الأخبار وتحلمان بنشوة الوصال وتنتظران قدوم بطليهما بفارغ الصبر، وماإن يعودا ببذلتيهما العسكرية البهية حاملين على أكتافهما السلاح معلقين عليها الجعب حتى تنفرج أسارير قلبيهما من جديد.

حين يأتي تبتسم عتبة المنزل المشتاقة لرؤيته، وتغني له الجدران وتشاركها الأركان ابتهاجا وفرحا بعودته. أما هي فترى أنها ولدت في تلك اللحظة، و في حال ذهابه تشعر وكأن دموع العالم قد غصت في حنجرتها، وكأن الهموم تقيم في قلبها، لكنها تعتكف في منبر الصمت وتأبى ذرف الدموع بحضرته. تتخذ الكتمان ملجأ لأتراحها كي يذهب إلى ثكنته مرتاح البال مطمئن القلب كانت تتلمظ الفخر والكآبة معًا، وأخيرًا تعود أدراجها وتخر ساجدة كي تدعو له بالسلامة ودنو الوصال وحين تجتاحها لواعج الشوق وترزح الآلام وكر قلبها، تعود لتقلب صوره؛ علها ترتوي من زمزم محياه، تقلب ملابسه بأناملها المتقدة بالحنين وتأخذ بذلته لتستنشق عبير ريحته الجهادية ومن ثم تعود لتحملق في صوره لتأنس أكثر. وأخيرا تربط زمام جأشها وتتصبر لحالها متأملة أن تنتهي الحرب في القريب.

كان مجاهدٌ مدججا بالبسالة والصمود، لايخاف رصاص المنايا، لايعيق سيره أي أمر، همه الشاغل أن يرتقي شهيدًا، وألايتخلف عن قضيته الحقه-مشروع الجهاد- وفي نفس الوقت كان يحمل الحب والرحمة. يشعر بأن غيابه يضمر الحرائق في غاب زوجته صمود ، كونه يعلم خبايا قلبها، وماتكن له، و يدرك أنها محرومة من وجوده إلى جانبها، بل إن غيابه عنها قد يصل إلى عدة شهور مذ تزوجا فينتابه الألم لذلك، لكنه يعرف أن مبدأ الجهاد أجل وأسمى، وأنهما سيلتقيان في كنف الحبيب المصطفى ولن يفترقا من بعدها بأذن المولى. يناجي نفسه قائلاً:- ماحال صمود الآن؟ هل لازالت تمارس عادتها اللازبة كاستيقاظها في وقت مبكر ورمي حبات القمح أو الأرز على سطح المنزل كي تأتي العصافير لتأكل وتطعم صغارها؟ هل لازالت تفضل شرب القهوة وتشاركها بذلك صديقتها شمس؟ آه ياعزيزتي كم أرغب بأن أكون معك لأشاركك قهوة الصباح التي تصنعها أناملك السكرية. ماذا عن حديقة منزلنا أتراك زرعتي ورود الياسمين والرياحين التي تُشبهك؟ أم اقتنيت كل أنواع الزهور وزينتِ بها حواف شرفات المنزل بعد أن وضعتها في أصص أخاذة المنظر؟ ليتني أمتلك منظارا لأتفقدك من هنا.

You might also like