حديث الجرحى ..

إب نيوز ١ نوفمبر

سعاد الشامي

في مكة ، وتحت ظلال الأصنام وبين حنادس الجهل والشرك تفاقمت الانحرافات والخرافات في واقع البشرية وامتلأت الأرض ظلما وجوراً ، وتحولت الأمة إلى ساحة للرذائل والمآثم والفجور والضلال وتنصل الجميع عن دورهم ومسؤوليتهم في الحياة.

في هذه المرحلة السيئة من تاريخ البشرية والتي تضاءلت فيها دائرة نور الإيمان وأطبق فيها ظلام الشرك على كل الأفئدة كان لابد من نورٍٍ مبين يأتي به الله إلى هذه الأرض ضمن مسارات الهداية للبشرية والتنوير العقلي ومن منطلق الرحمة الالهية ليعيد للعالمين كرامتهم الإنسانية المفقودة ويحيي فيهم الاخلاق والقيم الميتة ، ويضيئ لهم دروب الفوز والفلاح .

سطع نور الهداية بمولد النبي المصطفى محمد صلوات الله عليه وعلى آله في الثاني عشر من شهر ربيع الأول واضاءت الأكوان بقدومه فهو الشاهد والمبشر والنذير و الهادي والمنقذ والمبدد لظلمات الجاهلية .

وكان النبي محمد صلوات ربي عليه وعلى آله رجلاً عظيماً بحجم هذه المهمة الملقاة عليه والمكلف بها وذلك لماكان يتحلى فيه من الأخلاق الكريمة والقيم السامية والتي جعلته يتصدى لتعنت طواغيت قريش ويواجهه كل التحديات والصعوبات ويتحمل كل المشاق والآلام والأذى في سبيل إرساء دعائم الدين وايصال رسالة الله .

كان كفار قريش يحملون روح الإجرام وروح الأنانية والاستكبار ، وكان الطواغيت منهم يرون في هذا الدين تحرير للعباد من جبروتهم وهذا ما يشكل خطرا عليهم وعلى نفوذهم وسلطانهم فسعوا بكل أساليبهم القذرة للحد من تحركات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومواجهة المشروع القراني والتصدي له وتعذيب من أسلم وخاصة المستضعفين بكل أساليب التعذيب الوحشية وشن الحصار الجائر عليهم في شعب أبو طالب واستخدام الخطاب التحريضي ضد شخص النبي نفسه وغيرها من صور التصدي للرسول والرسالة .

ولكن مكائد قريش باءت بالفشل أمام عظمة الصبر الذي تحلى به النبي ومن معه من المؤمنين والذين اخرجوا من رحم هذه المعاناة أعظم أمة هدمت صروح الكفر وزلزلت عروش الظالمين .

كان محمد صابراً… وأنتم أيها الجرحى تحملون ذات النفسية العظيمة التي أزاحت من أمامكم كل العوائق والتحديات وجعلتكم تنسجون من الآمكم وجروحكم خيوط العزة والكرامة والنصر المبين .

كان محمد مجاهداً ….وأنتم أيها الجرحى أصابتكم الجروح وأنتم في أقدس معارك العزة التي تسير لصالح المستضعفين من النساء والاطفال والشيوخ والذين تستهدفهم صواريخ القتل والدمار بلا وجه حق ، اصابتكم وأنتم في مواجهة طواغيت هذا العصر والذين لايقلون شرا عن طواغيت قريش والذين يسعون إلى تعبيد البشرية لصالح أمريكا وإسرائيل .

كان محمد محسناً … وأنتم أيها الجرحى منكم من فقد ذراعه لتبقى أذرع الآخرين في سلامة ومنكم من فقد قدمه لتبقى أقدام الآخرين في سلامة ومنكم من فقد بصره لتبقى أبصار الآخرين في سلامة ؛ فأي تضحية هذه التي بذلتموها وأي احسان هذا الذي قدمتموه وأي منزلة عظيمة وصلتم إليها وأنتم ترتقون إلى أسمى درجات الإنسانية وأبلغ درجات البذل والعطاء .

أنتم أيها الجرحى العظماء من جسدتم حبكم لمحمد تجسيداً عملياً وسلوكاً ملموساً ومضيتم على نهجه قولاً وفعلاً وشهدت لكم جراحكم الطاهرة على صدق الموالاة وعظيم المودة ونقاء السريرة وقوة البصيرة فسلام الله عليكم مااشرقت الأكوان بنور المصطفى وسلام الله عليكم بما بذلتم وبمانلتم عليهم من الفضل العظيم وجزاكم الله عنا خير الجزاء .

 

You might also like