قصة ممتعة جداً …

إب نيوز ٢٩ نوفمبر

سعاد الشامي

كان مجرد عابر طريق، وعند مروره بأحد الاسواق رأت عيناه تحفة مذهلة في غاية الجمال فقرر أن يشتريها ويقتنيها لنفسه. فطلب من التاجر أن يعطيه إياها فرد عليه : ياعزيزي هذه تحفة ثمينة جداً، فهي نادرة الوجود ومرصعة بالذهب والألماس وغير قابلة للكسر. ستبقى معك إلى آخر الدهر .
قال الرجل : ولأنها بهذه المواصفات اريدها لي ولن اتنازل عن حقي في طلب شرائها.
قال التاجر : لكن ثمنها باهظ جداً وقد لا تقوى على الدفع
قال الرجل : لاتقلق شاشتريها لو كلفني الأمر أن أبيع كل ما أملك في سبيل أن تكون لي .
وفعلا اشترى الرجل تلك التحفة الثمينة وعاد بها إلى بيته فرحاً مسروراً وكأنه قد امتلك الكون بيديه .. ووضعها في أعلى وأجمل مكان داخل البيت وأمام عينيه يتأمل جمالها صباحاً ومساءاً ويهتم بها أجلّ اهتمام ..
ومع مرور الأيام والشهور والسنين فقدت تلك التحفة رونقها في عين صاحبها فصكوك الملكية أحيانا تفقد الشيء قيمته؛ فيهدأ كل شيء وينتهي مع الوقت .. وأصبح ينظر إليها كنظرته إلى بقية التحف الاخرى التي يزين بها أرجاء بيته !
تدهورت الحالة المادية لهذا الرجل وأصبح عاجز عن ارضاء زوجته التي تطالبه بمصاريف البيت وتتحامل عليه لتفريطه بماله سابقاً وشرائه الكثير من الاشياء الغير ضرورية ومن ضمنها تلك التحفة الثمينة والتي كانت ترى أن حقيبتها أولى بقيمتها .
لم يبحث الرجل عن حل سليم ينقذه من هذه الوضعية السيئة سوى أنه يرضي زوجته من خلال الاستغناء عن تلك التحفة وبيعها فذهب إلى السوق وباعها وعاد إلى المنزل وقال لزوجته الآن لو سمحتي خذي هذه الفلوس ودعيني أنام ..!!!
مرت الأعوام وتغيرت الأوضاع وتحسنت الأحوال ونهض ذلك الرجل من سباته ونظر إلى مكان تلك التحفة فشعر بحجم الفراغ الموحش الذي تركته وحاجته إليها فقرر أن يذهب إلى السوق ليستردها أو يشتري مثلها وهناك تفأجي بأنه قد تم بيعها ولم يرى بين تلك التحف مايتناسب مع طلبه فكل التحف المتبقية متشابهة في شكلها وهشة في كسرها ومقلدة في صنعها.
وفي احد الأيام تم استدعاء ذلك الرجل لحضور إحدى المناسبات وأثناء دخوله إلى الديوان رأى بريق تلك التحفة الجميلة يشع من على إحدى الطاولات الفاخرة فسارع إليها وهو يقول : أنها تحفتي .. أنها ملكي ..أنها حقي .. لقد اشتريتها سابقا بأغلى الاثمان وكانت أغلى ممتلكاتي .. وكان التاجر من ضمن الحاضرين فذهب إليه وقال له : نعم ياعزيزي لقد اشتريتها مني بأغلى الأثمان ولكنك بعتها بثمنِ بخسِ ولم تقدر قيمتها وقدر غيرك ذلك فاشتراها وحافظ عليها ووضعها في المكان المناسب لها .
وذهب ذلك الرجل إلى الرجل الآخر الذي قام بشراء هذه التحفة يترجاه أن يبيعها إياه وسيدفع له كل مايطلب من المال , فنظر إليه نظرة استهزاء وقال : لن ابيعها لك لو اعطتيتني خزائن السماوات والأرض فالرجال الاغبياء فقط هم الذين يبيعون الدرر. والذين لايقدرون قيمة النعمة لا يستحقون من الله إلا النقمة وحاشا الله أن أكون منهم.
فعاد ذلك الرجل إلى بيته منكس الرأس مسوّد الوجه يقلب كفيه على ما فرّط به وآهات الندم والحسرة تكاد تخطف قلبه من بين تجاويف صدره لتلقيه قتيلاً وهو يفكر بحجم الخسارة التي خسرها !

وهكذا هو حال الكثير من البشر، يمنحهم الله العديد من النعم المادية والمعنوية فلا يستشعرون أهمية وجودها في حياتهم؛ ولا يقابلونها بالشكر والحمد والثناء لله كماينبغي لها. وبالتالي فهم لايشعرون بقيمتها إلا حين يفقدونها ويسلبهم الله إياها أو يرون غيرهم ينعمون بها .

#سعاد_الشامي

 

You might also like