الخالدون

إب نيوز ١٧ ديسمبر

بلقيس علي السلطان

هم من بذلوا أغلى مايمتلكون واسترخصوا أرواحهم في سبيل الله ، وهم من فرشوا طريق النصر بدمائهم ، ووهبوا أمتهم العزة والكرامة والحرية ، هم الذين لم ترضى عيونهم أن تبصر المجازر البشعة دون رد ، وهم من لم تطق أسماعهم على سماع صرخات الأطفال والثكالى دون موقف ، وهم من تاقت أرواحهم إلى تجارة الله الرابحة ، فانطلقوا ليحضوا بجائزة الله للصادقين من الرجال الأحرار ، فنالوا الخلود الأبدي .

لقد ظن المعتدين المتحالفين على اليمن أنهم سيشنون حربهم على شعب مستضعف لا يملك العتاد الذي سيواجه به فخر الصناعات الحربية المختلفة ، وطالما سيطروا على الجو والبحر وحاصروا اليمن ، فلابد أن النصر سيكون في بضعة أيام معدودة ، لكنها كانت المفاجأة.. !
مر العام تلو العام وتلاه عام وعام أخر ، وقاموا باستخدام جميع حيلهم وخططهم ، استجلبوا مقاتلين وجندوا الكثير من المرتزقة ، وأنفقوا الكثير والكثير من الأموال ، ومازال الهزيمة والخزي حليفهم ، فباتوا يسألون أنفسهم عن السبب في كل ذلك ؟

لم يعلم المتحالفون بأنهم اصتدموا بجدار من الصمود والإيمان المطلق ، جدار لبناته شعب صادق وحر ، يأبى الضيم والخنوع والإذلال ، شعب أرتوا بثقافة الجهاد والاستشهاد ، فكان منه رجال مؤمنون مخلصون جعلوا الشهادة نهجهم ومبتغاهم ، وجعلوا من جهاد الأعداء هدفهم ووسيلتهم للوصول إلى رضا الله ، ليقبل منهم عطاءهم وبذلهم ويوفيهم جزاءهم الذي وعدهم به في تجارته مع المؤمنيين ، فانطلقوا بثقتهم بنصر الله ولم يثنيهم عن ذلك ترسانة الأسلحة التي رُصت من أجل إبادة الشعب اليمني ، وبتوكلهم على الله داسوها بأرجلهم وأحرقوها (بولاعة) ، وبكثير من التسبيح والحمدلله اسقطوا فخر طائراتهم وأسروا طياريها ، ومع تعالي صرخاتهم وبراءتهم من الأعداء اقتحموا وتقدموا وانتصروا ، فقلعوا عين السعودية في نهوقة ، وجاء النصر من الله في وادي جبارة ، وبوقوفهم صفاً كالبنيان المرصوص حرروا نهم والجوف ، وبيقظتهم العالية أمكنوا من الأعداء ، وعهداً ووفاءً لمن سبقهم من الشهداء صنعوا الصماد والراصد ، والقاهر وذو الفقار والبدر والبركان والزلزال….وغيرها من الأسلحة المقاومة .

لقد أزهرت اليمن واخضرت بروضات الشهداء في كل مكان ، كما أزهرت بالحرية والاستقلال الذي صنعوه ، وكما اختاروا طريق الخلود ، فقد حققوا للشعب النصر الخالد الذي عجز العالم عن فك شفرة صموده واستبساله ، لأن العالم آمن بالأقوياء والمسيطرون بقوة السلاح ، وجهلوا بأن القوي هو القوي بالإيمان بالله وبالتوكل عليه ، فهو الذي جعل من عصا موسى سلاحاً رادعاً لهيمنة فرعون ، وهو الذي زاد فتية آمنوا بربهم هدى وزادهم إيماناً فوق إيمانهم ، وجزاهم بما صبروا ورابطوا واستبسلوا ، شرف الشهادة والارتقاء إلى جوار ربهم ، فسلام الله عليهم حين ولدوا وحين استشهدوا وحين يبعثوا أحياء .

 

You might also like