عطوان : هل حدد السيد نصر الله “ساعة الصفر” لتدمير منصات الغاز الإسرائيلية.. ومتى؟

إب نيوز ١٤ يوليو

 

عبدالباري عطوان:

 

هل حدد السيد نصر الله “ساعة الصفر” لتدمير منصات الغاز الإسرائيلية.. ومتى؟ وهل يستعد لإجهاض ضربة استباقية وشيكة أعدها اجتماع سري خليجي إسرائيلي باوروبا لإستهدف المقاومة؟ ولماذا كشف الستار عن معادلة لما بعد “كاريش” الآن ومع وصول بايدن؟

ربما حدد السيد حسن نصر الله “ساعة الصفر” للحرب القادمة، والوشيكة عندما قال في خطابه الذي القاه يوم امس بالتزامن مع وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن الى فلسطين المحتلة، “ان امام اللبنانيين شهرين فقط لاستغلال الفرصة الذهبية المتاحة، لاستخراج الغاز والنفط اللبنانيين من حقولهم في البحر المتوسط والا فإن التكلفة ستكون باهظة جدا بعدها”.
هذه من المرات القلائل التي ينتقل فيها السيد نصر الله من الدفاع الى الهجوم ويأخذ فيها زمام المبادرة بالتحرش المباشر والمدروس بالعدو الإسرائيلي من خلال ارسال ثلاث مسيرّات استطلاعية لتصوير منصات الغاز في حقل “كاريش” اللبناني المحتل، ونقل الصور الى قيادتها في غرفة العمليات التي تتحكم في تشغيلها في “مكان ما” في جنوب لبنان، والتأكيد في الخطاب على جاهزية المقاومة لتحرير ثروات البلاد الغازية والنفطية وحل جميع الازمات اللبنانية بضربة واحدة.
السيد نصر الله يدرك جيدا ان الهزيمة “الأولية” التي لحقت بالولايات المتحدة الامريكية وحلفائها الأوروبيين في حرب أوكرانيا واحتمالات إطالة امد هذه الحرب، تمثل فرصة ذهبية فعلا للتحرك سريعا لتحرير الثروات اللبنانية المدفونة في أعماق المتوسط، وتوظيف قدرات المقاومة لتحقيق هذا الهدف السامي، فالشهادة في حرب الكرامة والعزة اشرف، وأنبل من الموت جوعا.
***
لبنان كدولة انهار فعلا، وليس على طريق الانهيار، مثلما يقول البعض، وشعبه لم يعد يجد الخبز بعد ان فقد الامل بتأمين حاجاته في الوقود والكهرباء والدواء والخدمات الأساسية الأولية، ولم يبق الا ان يتحول اطفاله الى “هياكل عظمية” مثل نظرائهم في اليمن والصومال واثيوبيا بسبب الجوع والمرض والحصار.
السؤال المطروح بقوة هو عن استجداء لبنان لصندوق النقد الدولي للحصول على قرض مهين لا تزيد قيمته عن ثلاثة مليارات دولار لن يغير من الواقع المتأزم على الأرض ميليمترا واحدا، بينما هناك 600 مليار دولار من احتياطات الغاز والنفط يمكن ان تحل جميع ازماته، وتسدد جميع ديونه، وتجعل منه اكثر رخاء من أي دولة خليجية.
السيد نصر الله عندما يؤكد ان جميع الخيارات مفتوحة لمواجهة العدو في البر والبحر والجو، ويكشف انه جرى رصد جميع منصات الغاز والنفط على طول الساحل الفلسطيني المحتل، ربما في إطار الاعداد لـ”ضربة استباقية” لإجهاض عدوان يستهدفه والمقاومة، وكل لبنان، كان يتصدر تنفيذه جدول أعمال اجتماع “سري” مسؤولين في استخبارات 30 دولة في احد الدول الأوروبية، من بينهم ممثلون عن “إسرائيل” والسعودية والبحرين والامارات وقطر حسب موقع “اكسوس” الأمريكي الواسع الانتشار.
الإسرائيليون يأخذون كلام السيد نصر الله على محمل الجد من دون معظم، ان لم يكن كل الزعماء العرب، لانه قائد لا يخاف الحرب، ويملك القدرة على اتخاذ قرار اشعال فتيلها اذا اضطر الى ذلك كخيار أخير، ولم يدخل اي حرب الا وانتصر فيها، ابتداء من حرب تحرير الجنوب عام 2000، ومرورا بحرب تموز عام 2006، وانتهاء بالحربين السورية والعراقية.
الإسرائيليون الذين كانوا يسخرون من مقولة “الرد في المكان والزمان المناسبين” في إشارة الى هجماتهم المتكررة على سورية ولبنان، لم يردوا حتى هذه اللحظة على ارسال ثلاث مسيرات لحزب الله الى منصات “غازهم” في “كاريش”، وبلعوا الإهانة، لانهم يدركون جيدا ان من أرسلها ينتظر هذا الرد على أحر من الجمر واعد العدة لمواجهته بعشرات الآلاف من الصواريخ الدقيقة، والمسيرات الملغمة الانتحارية.
نعم.. المقاومة في لبنان قادرة على تعطيل استخراج النفط والغاز في البحر المتوسط، في وقت يواجه فيه العالم، وأوروبا تحديدا ازمة طاقة (غاز ونفط) مثلما هي قادرة أيضا على الضرب في العمق الإسرائيلي وتدمير معظم مؤسسات البنى التحتية، من ماء وكهرباء ومطارات.. والقائمة تطول.
معادلة وصول الصواريخ الى حيفا وما بعد حيفا ما زالت قائمة، وجرى تحديثها بإضافة ام الرشراش (ايلات)، وديمونا في النقب اليها، لكن المعادلة الجديدة الطازجة التي اضافها السيد نصر الله في خطابه الأخير وحصرها بالتهديد بـ”ضرب كاريش، وما بعد كاريش، وما بعد بعد كاريش”، ستزيد من قلق الإسرائيليين ورعبهم فالصواريخ والمسيرات جاهزة تنتظر الضوء الأخضر، لبدء الحرب الإقليمية انطلاقا من لبنان.
لبنان ينتظر منذ عام الوعود الامريكية الكاذبة بوصول الكهرباء الأردنية والغاز المصري، ولا نعتقد انه سينتظر رغيف الخبز المعجون بالاذلال أيضا ولأشهر او سنوات قادمة، فليس بعد الموت موت.
بيني غانتس، وزير الحرب الإسرائيلي هدد بالسير الى صور وصيدا وبيروت، فماذا ينتظر، وليتفضل مثلما قال السيد نصر الله، وسيجد حتما ما لا يرضيه، فلبنان اليوم غير لبنان ما قبل اربعين عاما، ولم يبق للشعب اللبناني ما يمكن ان يخسره غير جوعه وفقره معاناته، وفساد نخبته السياسية وعمالتها لأمريكا، بينما هناك الكثير الكثير الذي ستخسره دولة الاحتلال.. والأيام بيننا

You might also like