إلى من يهمه الأمر. 

إب نيوز ١٧ جمادي الأولى

بقلم الشيخ/  عبدالمنان السنبلي.

الإحتفاء بالشهداء، في الحقيقة، لا يأتي بتخصيص يوم من أيام السنة مثلاً أو إسبوع أو حتى شهر لهم، لنسلمهم بعد ذلك إلى عالم من النسيان بقية أيام وأشهر وفصول السنة!

لا يأتي بدعوة أسرهم وذويهم مثلاً إلى مهرجاناتٍ وفعالياتٍ احتفائية موسمية تقام على شرفهم ويتم خلالها إطلاق وصرف الكثير من الإلتزامات والوعود العرقوبية الوردية لهم والتي ما تلبث أن تتبخر وتذهب أدراج الرياح بمجرد الإنتهاء من مراسيم الإحتفال بالمناسبة!

لا يأتي أيضاً بالقيام بزياراتٍ موسميةٍ سنويةٍ عابرة لهم لمجرد التقاط وأخذ بعض الصور التذكارية معهم في مقابل تقديم بعض الهدايا الرمزية لهم.

الإحتفاء بالشهداء لا يأتي كذلك بالقيام بطبع وتعليق صورهم على الجدران في الشوارع مثلاً والطرقات ولوحات الدعاية والإعلان و…

أو بوضع أكاليل الورد والفل والزهور على قبورهم بين فترة وأخرى أو من السنة إلى السنة!

كما أنه لا يأتي بتسمية بعض المؤسسات والمرافق الحكومية أو الشوارع والحارات والأحياء بأسمائهم أو بإدراج سيَرهم وأخبارهم في المناهج التعليمية أو المقررات الدراسية!

فكل هذه الإجراءات في الحقيقة لا تعدو عن كونها إجراءات ومظاهر شكلية مبتكرة قد لانكون مضطرين إلى تنفيذها على الأقل في الوقت الحالي.

الإحتفاء بالشهداء بصراحة إذا لم يأتِ بالطريقة والشكل الذي يريده الشهداء أنفسهم أولاً، فإنه لا قيمة له في اعتقادي.

الشهداء بصراحة قد لا يكونون في حاجةٍ إلى أيٍّ من ذلك كله، فما أعطاهم الله سبحانه وتعالى أهم وأعظم وأكبر.

الشهداء فقط يتطلعون إلى أمرين إثنين :

الأول :

أن نواصل السير على خطاهم وأن نتشبث بالمبادئ والقيم التي استشهدوا من أجلها دون الإنحراف عن مسارها أو التفريط أو المساومة عليها بأي حالٍ من الأحوال.

الثاني :

أن نبرَّهم فقط في أهلهم وذويهم بعدهم!

أن نرعى أبناءهم وآباءهم وأمهاتهم ومن لهم حقٌ عليهم الرعاية الحقة واللازمة التي تكفل لهم في المحصلة حياة عزيزة وكريمة!

أن نخصهم أيضاً بقدرٍ من الإهتمام والإحترام والتقدير والتبجيل.

أن لا يقتصر تذكرنا لهم أو مزاورتهم وعيادتهم فقط على مرة واحدة في السنة كما هو حاصلً حالياً للأسف الشديد!

أن لا نعهد أمرهم إلى مؤسسة أو هيئة يفترض أنها هي المعنية بأمر رعاية أسر الشهداء والجرحى والحقيقة أن دورها، لو لاحظنا، لايزال مقتصراً فقط على الدور الإحصائي تقريباً حتى اللحظة.

الشهيد لا يطيق أن يرى ابنه أو أباه أو أمه ينفقون أعمارهم وهم يتابعون عبثاً الجهات المختصة أو المسئولة بحثاً عن بعضٍ يسير من حقوقهم!

الشهيد يريد الجهات المختصة والمسئولة هي من تداوم على تتبع أسرته لحظةً بلحظة ومراقبة أحوالهم وأوضاعهم والعمل على توفير احتياجاتهم وما يعوزهم من خدماتٍ عامةٍ وغذاءٍ ودواء.

هنالك من أسر الشهداء، والله، من يعانون دون أن يعلم أحدٌ من المسئولين عن رعايتهم والعناية بهم عنهم شيئا!

أعرف أم شهيد، في حينا فقط، تعاني من فشلٍ كلوي، وآخر والد شهيد لا يجد ما يشتري به الدواء..

وكم هنالك من حالات أسوأ وأسوأ طبعاً.. لا يعلم عنهم أحد بسبب تقصير البعض أو إهمالهم أو تجاهلهم!

لذلك، ومن هذا المنطلق، فإنه إذا لم تقم الجهات المعنية بتغيير خططها وسياساتها وطريقتها في التعامل مع أسر الشهداء وكذلك تطوير أداءها بما يتناسب مع متطلبات واحتياجات هذه الأسر وبحسب توجيهات السيد القائد، فلا داعي إذن لكل هذه الإحتفائيات والفعاليات وهذه (البروبوغاندا) الدعائية والمكلفة جداً.

فالشهداء أكبر وأغلى وأعظم من أن نختزل تضحياتهم في مجرد فعالية أو حفل أو هدية على الماشي.

 

#معركة_القواصم

You might also like