فِيْ ذِكراهُم العطِرة نَحصُدُ مَازَرعوهُ بدمائهم

إب نيوز ٩ جمادي الأولى

إقبال جمال صوفان

قال تعالى :  (وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أَمۡوَ ٰ⁠تَۢاۚ بَلۡ أَحۡیَاۤءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ یُرۡزَقُونَ) نعيشُ هذه الأيام في حضرةِ أسبوع الشّهيد الذي يُجدد فينا كل القيم الجهادية والمبادئ القُرآنية الحقّه، ها نحن نُشيد بالشُّهداء العُظماء في كلِّ زمانٍ ومكان وليسو بحاجةٍ لذلك ولكنّ بطولاتهم تفرضُ علينا وتُلزمنا بسردِ كل تفاصيلهم النيّرة ، عيش ذكرياتهم الباقية ، والاحتفاظ بوصاياهم السويّة، يهبطون ضيوفاً أعزاءً على بساطِ أرواحنا، يُنعشون قلوبنا ، بمُجرد النظر إليهم نستعيد شغف الحياة ونتزود بوقود الصّبر والثّبات ، صفحات الأرض جميعها لا تكفي للحديث عنهم لا تفيهم قطرة واحدة من بحرِ تضحياتهم الثّمينة المُخلصة النقيّة.

نأتي لربط الماضي بالحاضر وهو أن أقوال خطابات وكلمات جميع الشُّهداء لاتخلو من” تحرير القُدس” وأنَّ فلسطين هي قضيتنا الأولى دون جدال ، وفعلاً بدأو بذلك، وها هم البقيّة من جُند الله يواصلون السير نحو التّحرير ، وقعت معركة طوفان الأقصى الكُبرى فكُنّا نحن اليمنيين أولّ من أيّد وباركَ وخرج بمسيراتٍ مليونية في مُختلفِ المُحافظات دعماً وإسناداً لكل أحرار المُقاومة ، بل وأعلنّا رسميّاً وشعبياً إلتحامنا المُباشر بتلك المعركة الحاصدة لأرواح الإسرائيليين، قررنا خوض المعركة جنباً إلى جنب رغم بُعد المسافات وتخاذل المُنظمات .

لقد وظّفت اليمن اليوم جغرافيتها في الملاحة البحرية ضد العدو الصهيوأمريكيّ، وقام أبطال قواتها البحريّة في (19/11/2023) بإحتجاز سفينةٍ إسرائيلية في البحر الأحمر تسمى بـ “galaxy leader” طولها يتجاوز “180” متر سعرها أكثر من “55” مليون دولار ، وجاء ذلك الإنجاز المُبهر والإصطياد الماهر ، بعد إطلاق العديد من الطائرات المُسيّرة ، والصواريخ البالستيّة نحو تجمعات ونقاط عسكريّة للعدو الإسرائيلي في إيلات وعدة مناطق مُتفرقة، وأيضاً بعد تهديد مُباشر من قائد الثورة ولكن لا مُجيب ، فتحتمّ على القوات البحريّة اليمنيّة  التنفيذ نُصرةً للحق وردّاً على الإجرام الوحشيّ والإبادة الجماعيّة الّتي تجري في فلسطين المُحررة قريباً بإذن الله، لقد تصدّرت اليمن كل شيء وأصبحت عالمية بمواقفها المُشرّفة وأفعالها الشُجاعة، تربعت على عرش الشرق الأوسط ، بفضل الله وفضل سواعد الرّجال البواسل ، من رفعوا رؤوسنا وبيّضوا وجوهنا، من شقّوا طريق النّصر بإصرارهم ، من أكدوا أن هذا الإنجاز ليس الأول ولن يكون الأخير وما على العدو إلا أن يفهم لُغة الإشارة قبل الإنتقال للُغةِ المسح الكلي.

رفرفت أرواحنا فرحاً بذلك الإنجاز البحريّ العظيم، سجدنا سجدة شُكر لله الواحد القهّار، من تمسكنا بحبلهِ المتين الذي لن ينقطع أبداً ، لك الحمـدُ ملئ السمٰوات والأرض ، لك الحمـدُ ملئ البحار وعدد الأشجار، أكرمتنا بقائدٍ أربكَ العالم، غيّر كل المُجريات والأحداث، علا بِنا في سماواتِ الحُريّة، الكرامة، العروبة، العزة، الرِفعة، التفرّد والثبات، جَأوه بكُلِّ وسائل الترغيب والترهيب ليكُف حربه المُعلنة ضدّ المُحتلّ الإسرائيلي ، ولكنّه رفض الرفض القاطع وقال:(لسنا ممن يتلقى توجيهاته منكم،ولسنا ممن يتقبل أوامركم، ولا نخضع لأوامركم،سنستمر على المستوى العسكري، لن نتوقف حتى يتوقف العدوان على غزة) وهُنا أُشبهُ ردّه سلام الله عليه بردِ سيّد البشريّة جمعاء حين قال :(والله لوْ وضعوا الشمس فِيْ يميني، والقمر فِيْ يساري على أن أتركَ هذا الأمر حتى يُظهره الله أو أهلك فيه ما تركتُه).

نوجهُ رسالة أخيرة لكل حكام العرب المتخاذلين الذين ظهروا ببيانات وإدانات شجب وإستنكار قد تكون  لمدرسة إبتدائية في الصف الأول ، فلتضغطوا على أنفسكم قليلاً وترفعوا رؤوسكم نصف رفعة فقط من تحت حذاء” النتن yaho” وقولوا كلمة حق تُخفف مافي ذممكم من دماء سفكتموها منذ عقود هذا إذا سمح لكم وإن قرر دعسكم مُجدداً ومساواتكم بالأرض فلا بأس فذلك المكان المُناسب لأمثالكم أيها القتلة السفاحين، نتمنى لكم نوماً عميقاً لا تصحون مِنه إلا في نار جهنم خالدين فيها أبداً .

الإخوة الفلسطينيين ،” لستم وحدكم “كلمتان أطلقهما قائد مسيرتنا القُرآنية، وهو رجل القول والفعل نحن إلى جانبكم بالدعاء، بالدعم العسكري والمالي، نحن إلى جانبكم بحراً وجواً وقريباً إن شاء الله براً، لن نترككم ما حيينا شجرة البُن اليوم بعثت بسلامها لشجرة الزيتون ، وسيكون التصافح عمّا قريب، كُلنا ثقة ويقيناً بالله، وبصمودكم وصبركم وتحملكم للأوجاع المهولة والمجازر المُروعة نحن جميعاً مُصابون ، نشعرُ بكم ونتألم معكم جُلّ التحايا وسحابات الدموع الممزوجة بالنصر نبعثها إليكم من صنعاء الحُرّة إلى غزّة المُثخنة بجراحها.

كنظرةٍ سريعة لكل مايحدث ومانعيشهُ الآن بفضل الشُّهداء ، لقد تحركوا، بذلوا، دافعوا، واجهوا، قاتلوا،  صنّعوا، عالجوا ، برمجوا ، طوروا، كتبوا ،صوّروا، حوصروا، جاعوا، تحمّلوا، جُرحوا، تقطّعوا، تجرّعوا ويلات الحربِ والحِصار بكلِّ شجاعة وقوة وعزم ، دون تراجع أو خوف دون تشكيك أو توقعات دون منٍّ أو استعراض، مضوا دون الإلتفات إلى الوراء ، واثقين بأنَّ بلدهم هذا سيكون الرائد سيكون صاحب الكلمة الفصل ، مهما كانت التّضحيات، فـ لتهنئ أرواح الشهداء فوالله أنهم ورّثوا كل معاني الإخلاص الوفاء الإباء الصلابة والتحدي، أحرار العالم أجمع ماضون على دربهم المحفوف بالبشارات الإلٰهية الّتي تليق بسموّهم وعظمتهم ، ها نحن نعيش الانتصارات الكُبرى على أئمةِ الكُفرِ في زمننا هذا بفضلهم ، وسبقهم ، بفداءهم،  باندفاعهم ودمهم الثائر الذي توقّد ناراً أحرق كل جبروتٍ طاغٍ ومُتكبر ، ذهبوا بعزمهم الذي حركهم أُسوداً مُقاتلة لقتلةِ الأطفال والنساء، أُخاطبهم وكُلّي عزةً كرامةً وفخراً على ما أهدونا إياه من أمان سلام وسيادة، أُخاطبهم وكُلّي دموع منهمرة على أراضيهم الخضراء الموجودة أمام أعيُننا، هل يشعرون بأننا في أوجِ الحُرية بسببهم؟ هل يدرون بأننا نواجه أعتى قِوى العُدوان وأكبرها وكُلنا ثقة بأننا منتصرين؟ وهذا كُله يرجع لهم من بعد الله عزّ وجلّ ، نحنُ عندما نعيش الانتصارات والإنجازات الكُبرى نتذكرهم فوراً ؛ لأنهم من وضعوا البذرة الأولى للنصر وَ سَقوها بالدماء الزّكيّة الطّاهرة ، مشروعهم هو المشروع الوحيد الذي لن يُعلن إفلاسهُ مهما بلغت الخسائر، وها نحن اليوم نقولها بملئ الأفواه أننا في إطارِ ذِكراهم العطِرة نحصد مازرعوهُ بدمائهم.

#الحوثي_فخر_الأمة
#كاتبات_وإعلاميات_المسيرة

You might also like