جرائمكم لن تُنسى وصواريخنا ستتحدث

إب نيوز ١٨ إبريل

فاطمة عبدالإله الشامي

في جريمة معلنة بكل بجاحة، ارتكبتها الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر وواضح، استُهدف ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة، في واحدة من أبشع جرائم العدوان وأكثرها خسة ودناءة. قصفٌ صاروخي وجوي استهدف منشأة مدنية بالكامل، خلّف عشرات الشهداء من عمّال ومواطنين، ومئات الجرحى، ثم تبعه هجوم ثانٍ جبان طال فرق الإسعاف والدفاع المدني التي هرعت لإنقاذ الضحايا، في انتهاك صارخ لكل الأعراف والمواثيق، ووصمة عار ستلاحق هذا الكيان الإرهابي الأمريكي إلى الأبد.

لم تكتفِ أمريكا بالجريمة، بل خرجت لتعلن مسؤوليتها الكاملة عنها، في وقاحة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، وكأنها تتفاخر بقتل الأبرياء، وتتباهى بسفك الدماء، وتُعلن للعالم أنها تتزعم محور الشر، وترتكب المجازر بغطاء دولي، دون خجل، دون خوف، دون احترام لأي قانون أو حق إنساني.

لكنها أخطأت التقدير.

فاليمن، الذي علّم الأعداء معنى الثبات، لم يصمت، ولم تمرّ 24 ساعة على المجزرة حتى جاء الرد العسكري القاصم، بإعلان رسمي من القوات المسلحة اليمنية على لسان العميد يحيى سريع، أن مطار بن غوريون في قلب الكيان الصهيوني قد ضُرب بصاروخ “ذو الفقار” الباليستي، وأن حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس فينسون” كانت هدفًا مشروعًا لقواتنا البحرية، وأن طائرة التجسس الأمريكية MQ-9 قد سقطت بنيران الدفاعات الجوية في أجواء محافظة صنعاء. إنها رسائل واضحة: دماء شعبنا ليست رخيصة، والرد حاضر، وقادم، وموجع.

لن تمر هذه الجريمة، ولن تُغلق دفاتر الحساب. نحن أمة لا تنسى، وذاكرة الشهداء ليست ورقة تسقط في الرياح، بل نار تحت أقدام القتلة، تطاردهم أينما حلّوا، وتحرق أوهامهم بالتفوق والسيطرة.

هذه الجريمة لن تسقط بالتقادم، ولن تبقى بلا رد، ولن تكون الأخيرة في سجل المواجهة، بل ستكون بداية لمرحلة جديدة من الرد المباشر، والضربات الدقيقة، والمفاجآت التي يعرف العدو جيدًا أنها قادمة.

يقول الله تعالى:

“فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم، واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين”

لقد حاولت أمريكا وإسرائيل أن توجه رسالة من خلال هذا العدوان، فردّت عليهم صنعاء برسائل من نار، مفادها أن زمن الإفلات من العقاب قد انتهى، وأن من يستهدف شعبنا، سيدفع الثمن سريعًا، وغاليًا، وبحجم الألم الذي زرعوه في أجساد الأبرياء.

أما عن فلسطين، فإن هذه الجرائم لن تثنينا عن موقفنا الثابت. سنواصل دعمنا اللامحدود للمقاومة الفلسطينية، وسنبقى جزءاً أصيلاً من معركة الأمة الكبرى ضد الكيان الصهيوني، لأن فلسطين ليست شعاراً، بل عقيدة، والتزام أخلاقي، وإنساني، وديني لا يتزعزع.

من الحديدة إلى غزة، ومن صنعاء إلى جنين، دمنا واحد، ومصيرنا واحد، وعدونا واحد. ومن يراهن على أن استهدافنا سيُضعف موقفنا من دعم القضية الفلسطينية فهو واهم، فكل قطرة دم تُسفك هنا، تجعلنا أكثر التزاماً هناك، وكل شهيد نسجّل اسمه في سجل العز، نضع بجانبه وعداً ألا نخون قضايا أمتنا، وألا نخون عهد الشهداء.

يقول الله سبحانه:

“وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد”

وما نقم منا هذا العدو الغاشم إلا لأننا نقف في وجه طغيانه، ونرفض الخضوع لمشيئته، ونواجه مشروعه الصهيوني الأمريكي الذي يهدد الأمة كلها.

ليعلم العدو أن كل صاروخ يُطلق على شعبنا، سنرد عليه بعشرة. وكل جريمة تُرتكب بحقنا، سنحوّلها إلى وقودٍ لمعارك الكرامة والسيادة. ولتعلم أمريكا أن زمن الاستفراد بالشعوب قد ولّى، وأن الحديدة اليوم ليست وحدها، بل هي جبهة من جبهات الأمة، وأن من يستهين باليمنيين لم يقرأ التاريخ، ولا يعرف معنى الثأر عند من لا يركعون.

لن ننسى، لن نغفر، لن نهدأ، ولن نترك دماءنا تذهب هدراً وسنُحاسب القتلة، وسنلاحقهم، وسنقتص من كل من شارك، وأمر، وموّل، وساهم في هذه الجريمة. سيتحدث التاريخ عن رأس عيسى كما تحدث عن الدرة وصبرا وشاتيلا وقانا، لكن هذه المرة، سيكتب خاتمة مختلفة، خاتمة من نار تقتلع جذور الشر وتُنهي أسطورة الهيمنة.

وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

You might also like