رغم التحديثات المتلاحقة.. MQ-9 تسقط للمرة الـ21 في اليمن
إب نيوز ٢٠ إبريل
مع كل طائرة MQ-9 Reaper تُسقط في سماء اليمن، كانت شركة جنرال أتوميكس تسارع إلى إرسال نسخة محسّنة تحمل تحديثا جديدًا، على أمل أن تنجو من مصير سابقاتها…لكن النتيجة كانت تكرار المشهد ذاته طائرة تُطلق، تُرصد، ثم تُستهدف وتُسقط.
سلسلة من الإسقاطات المتتالية تحوّلت إلى مشهد مألوف في المعركة الجوية غير المتكافئة، حيث بدت التعديلات التقنية وكأنها لا تلاحق الواقع الميداني بقدر ما تلهث خلفه… في كل مرة تُسقط فيها طائرة، كانت الشركة تعلن عن ترقية جديدة، درع إضافي، أو قدرة هجومية محسّنة، لكن كان الفشل هو العنوان الابرز
إسقاطات متتالية لطائرات MQ-9 Reaper الأمريكية في سماء اليمن…21 طائرة تم إسقاطها خلال 16 شهرًا فقط، في تصعيد غير مسبوق يكشف عن تطور نوعي في قدرات الدفاع الجوي التي تمتلكها قوات أنصار الله. في مواجهة هذا التحدي المتصاعد،
سارعت شركة جنرال أتوميكس إلى تنفيذ سلسلة تحديثات تقنية على الطائرة، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من صورة السلاح الذي طالما مثّل رمزًا للتفوق الأمريكي.لكن هذه التعديلات لم تنجح في تغيير المعادلة..بينما اليمن أصبح ساحة جديدة لكشف حدود القوة الأمريكية؟
في هذا التقرير، نرصد تفاصيل التحسينات، ونفكك سياقاتها العسكرية والاستراتيجية.
منذ أكتوبر 2023، وحتى أبريل 2025، دخلت طائرةmq9 مرحلة جديدة من التعديلات التقنية والبرمجية، في محاولة لتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات المتزايدة، وفي مقدمتها قدرات جماعة أنصار الله (الحوثيين)، الذين نجحوا في إسقاط أكثر من 21 طائرة،حتى اليوم ما ألحق بالولايات المتحدة خسائر تُقدَّر بمئات الملايين من الدولارات.
الطائرة، التي تُستخدم في مهام الاستطلاع وجمع المعلومات والضربات الدقيقة، وجدت نفسها أمام بيئة عملياتية مختلفة تمامًا في اليمن. فبينما أثبتت كفاءتها في النزاعات التقليدية مثل أفغانستان والعراق، اصطدمت في اليمن بقدرات دفاع جوي متطورة نسبيًا، وأسلحة أرض-جو فعالة.
هذة التهديدات دفعت شركة جنرال أتوميكس إلى سلسلة من التحديثات في نوفمبر 2023، حيث كشفت شركة جنرال أتوميكس عن تطوير بود حماية ذاتية (Self-Protection Pod) لطائرة MQ-9 Reaper، وهو نظام مصمم لتعزيز قدرة الطائرة على التصدي للصواريخ الأرضية. يتضمن البود أجهزة استشعار للكشف عن الصواريخ القادمة ومغريات (decoys) لتضليلها، مما يوفر طبقة دفاعية إضافية.ووفقا لموقع Defense One، أشارت الشركة إلى أن هذا البود قد ينقذ الطائرة من الإسقاط
كان هذا اول تحديث للطائرة كرد فعل على نجاح الحوثيين في إسقاط الطائرات باستخدام صواريخ أرض-جو، الأمر الذي كشف عن ثغرة كبيرة في تصميم الطائرة الأصلي الذي لم يُصمم لمواجهة أنظمة دفاع جوي متطورة.
وفي نهاية العام ذاته، سلّمت الشركة نسخة MQ-9A Extended Range للقوات البحرية الأمريكية، بقدرة على التحليق لأكثر من 30 ساعة متواصلة، في خطوة هدفت إلى تعزيز التغطية الجوية في مناطق التوتر، لا سيما البحر الأحمر. التحديثات لم تقتصر على المدى فقط، بل شملت أيضًا دمج قدرات هجومية جديدة من خلال التعاون مع شركة لوكهيد مارتن، لتزويد النسخة البحرية SeaGuardian بأسلحة متصلة بالشبكة، ما يعزز الدقة والفعالية ضد أهداف متحركة، خاصة في البيئات البحرية وفقا لموقع NAVAIR التابع للبحرية الأمريكية، يعزز هذا التحديث قدرة الطائرة على تنفيذ مهام المراقبة الممتدة، خاصة في المناطق البحرية وكان هذا التحديث بهدف محاولة لتعزيز الكفاءة التشغيلية، .
كما شهد عام 2024 تحسينات على نظام الاستهداف، سمحت للطائرة بتحديث بيانات الأهداف أثناء الطيران، ما يزيد من مرونتها في التعامل مع التهديدات البحرية المتغيرة..حيث أعلنت جنرال أتوميكس عن تعاون مع شركة لوكهيد مارتن لتزويد طائرة MQ-9B SeaGuardian، النسخة البحرية من الطائرة، بقدرة الأسلحة المتصلة بالشبكة (Net-Enabled Weapons) هذه التقنية تتيح للطائرة الاندماج مع أنظمة الأسلحة المتقدمة، مما يحسن دقة الضربات ضد أهداف متحركة. وفقًا لموقع جنرال أتوميكس، يُعد هذا التحديث خطوة لتعزيز التنسيق مع القوات الجوية والبحرية الأمريكية وحلفائها.
كان هذا التحديث الثالث سعيا لتحسين قدرات الطائرة على تجاوز الاسقاط
في يناير 2025، أجرت جنرال أتوميكس اختبارات لطائرة MQ-9B SeaGuardian مزودة بحساسات جديدة لمكافحة الغواصات يمكن إلقاؤها من الجو. وفقًا لموقع الشركة، تهدف هذه الحساسات إلى توسيع دور الطائرة في العمليات البحرية، مما يتيح لها اكتشاف وتعقب الغواصات.
ورغم تنوع هذه التحديثات، إلا أن التحدي الجوهري ما زال قائمًا.. الطائروالتي باتت تمثل تهديدًا مباشرًا في الأجواء اليمنية. كما أن إدخال قدرات مضادة للغواصات، على أهميته، لا يغيّر من طبيعة التهديد الفعلي الذي تواجهه الطائرة فوق الأراضي اليمنية، حيث يكمن الخطر الأكبر في الدفاعات الجوية الأرضية.
كل هذه التحديثات الأمريكية تعكس قلقًا من فقدان الهيبة أمام انصار الله وقد بدأت بعض الدول، مثل الهند وبريطانيا، تتابع بقلق تقارير الإسقاطات، وهو ما قد يؤثر مستقبلاً على عقود الشراء والانتشار الدولي للطائرة. وعليه، فإن استمرار إسقاط MQ-9 لا يعني فقط خسائر مادية، بل يوجه ضربة إلى صورة التفوق العسكري الأمريكي نفسه.
وبين محاولات التحديث والمواجهة اليومية مع تحديات ميدانية متسارعة، تتحول MQ-9 Reaper إلى رمز لصراع أوسع بين تكنولوجيا عسكرية متقدمة، وتكتيكات مقاومة مرنة فهل تنجح الطائرة في استعادة مكانتها كسلاح لا يُقهر، أم أن سماء اليمن ستبقى مسرحًا لانكشاف حدود التقنية الأمريكية؟
رغم سيل التحديثات التقنية والتحسينات البرمجية، فإن طائرة MQ-9 Reaper ما زالت تجد نفسها في مواجهة تحدٍ ميداني لم يكن في الحسبان.
وبينما تؤكد شركة جنرال أتوميكس استمرار جهودها لتطوير قدرات الطائرة، يبقى الأداء على أرض الواقع، أو بالأحرى في سماء اليمن، هو الفيصل. فقد باتت الطائرة، التي لطالما كانت رمزا للتفوق الجوي الأمريكي، عنوانًا لسردية مختلفة تماما وهي سردية خسائر متكررة، وتحدٍ متصاعد من قبل خصم غير تقليدي، يفرض معادلات جديدة في ميادين الصراع العسكري.
وفي وقتٍ تتساقط فيه الطائرات واحدة تلو الأخرى، يبدو أن سؤال المستقبل لم يعد حول مدى قدرة MQ-9 على القتال، بل حول مدى قدرتها على البقاء.
كامل المعمري – محلل عسكري