آلاءُ النجار، خنساءُ فلسطين، وزينبُ العصر… حينَ بكتِ الأمُّ وصمتَ العالمُ!
إب نيوز ٢٦ مايو
عدنان عبدالله الجنيد
بسمِ اللهِ الجُرحِ الذي لا يلتئمُ إلا بالثأر،وباسمِ الدمعِ الذي يسيلُ من أعينِ الحرائر،وباسمِ الكلمةِ التي لا تُكتبُ إلا بمدادِ الدم،وباسمِ الطفولةِ المحترقةِ تحت ركامِ البيوت،وآلاءُ النجار، تخطُّ ملامحَ كربلاءٍ جديدةٍ، في عصرِ الحديدِ والنار.
من “سقوطِ تسعةِ أقمارٍ” في غزة،إلى “أربعةِ أُسدٍ” في معركةِ القادسية،ومن “صرخةِ زينب في كربلاء” إلى “أنينِ آلاء في الطوارئ”…
هكذا تتعاقبُ الخنساءُ في التاريخ، بثوبٍ جديد،
وعينٍ باكية، وصوتٍ لا ينكسر.
آلاء النجار ليست أولَ أمٍّ تُفجع بأبنائها في ساحة الجهاد،فقد سبقتها الخنساء بنت الحارث، التي قدّمت أبناءها الأربعة وما وهنت،ولحقتها زينب بنت علي، التي وقفت أمام يزيد وقد شاهدت إخوانَها وأولادَهم وأولادَها شُهداءَ، ورؤوسَهم على الرِّماح، لعددٍ اثنين وسبعين شهيداً.
وقالت بثباتٍ خيالي: “ما رأيتُ إلا جميلًا!”
واليوم… تقف آلاء النجار، الطبيبةُ الفلسطينيةُ، والأمُّ المفجوعة،تُسعفُ جرحى المجازر، بينما تتساقطُ جثامينُ أطفالها التسعة بين يديها،
فتبتلعُ البكاء، وتُكملُ مداواةَ الوجع، لتقول للعالم:
“أنا أمٌّ من غزة… ابكوا أنتم، أما أنا فلن أركع!”
لم تكن آلاء النجار مجرّدَ طبيبة،
كانت أمًّا… وكانت أمّة،وكانت صرخةً في زمن الصمت
تسعةُ شموسٍ انطفأت
لكنها أضاءت طريقًا لن ينطفئ…
يحيى، ركان، رسلان، جبران، إيف، ريفان سيدين، لقمان، سيدرا…
أسماءٌ تحوّلت إلى نياشينِ مجدٍ على صدر أمّها،
وأقمارٌ ارتفعت لتفضحَ عتمةَ هذا العالم المنافق.
وكما انتصرَ الدمُ على السيفِ في كربلاء،وكما أصبحت واقعةُ الطفِّ رمزًا خالدًا لكلِّ ثائرٍ وأحرارِ الأرض،فانطلقت منها ثورةُ الإمام الخميني، ونهضَ منها الحاج قاسم سليماني،وصارت كربلاء منهاجَ المقاومين، ومنارَ الثائرين…
فإنّ واقعةَ “تسعةِ أقمار” آلاء الجبّار النجار
ليست إلا تجديدًا للعهد،
ورفعًا للراية،وبدايةً لملحمةٍ سوف تلدُ ثوراتٍ تُطيحُ بعروشِ الطغيان،وتقذفُ بجبابرةِ هذا العصر إلى مزبلةِ التاريخ،تحت شعارٍ خالد:
“نحنُ التسعةُ… نجومُ الحريّة، لن نركع!”
نعم…
من غزة تبدأُ الثورة،
من دموعِ الأمهات تُشعلُ الملاحم،
ومن جثامينِ الأطفالِ تُبنى راياتُ المستقبل…
يا آلاء النجار
يا خنساء فلسطين
يا زينب هذا العصر
نقسمُ بدماءِ أطفالِك
أنَّ وجعَك لن يضيع
وأنّ صمتَ العالم لن يُخرس صوتَ الحق
وأنّنا على العهدِ ماضون…
وتسعةُ أقمارِك، يا آلاء
قد انطفأت في السماء
لكنّها اشتعلت في قلوبِنا شموسًا…
تُنذرُ الطغاة،وتُبشّرُ الأرضَ أنَّ الحرّيةَ ستُولد من رمادِهم.
وإنَّ اللهَ هو من يشتري الشهداء،
وهو من يتّخذهم،وهو من يصطفيهم.
فيا آل النجار… طوبى لكم، وهنيئًا لكم هذا الفضلُ الإلهي،نعممَ الشراءُ، ونِعْمَ الاتخاذُ، ونِعْمَ الاصطفاء،ونِعْمَ الانتقالُ من دارِ الفناءِ إلى العزِّ السرمدي، والخلودِ الأبدي…
وإنّ هذا الشراءَ والاصطفاءَ والاتخاذَ،
هو الطوفانُ الكاسحُ الذي سيجرفُ الاحتلالَ إلى هاويةِ الذلِّ الأبديِّ،
ويُسقطُ عروشَ الاستكبارِ من جذورها.