مراكز إسقاط النظر السنية والكردية تجاه العراق..!!

إب نيوز 13 ربيع الأول

غيث العبيدي ممثل مركز تبيين للتخطيط والدراسات الاستراتيجية في البصرة.

 يقف العراق اليوم على أعتاب واحدة من أخطر مراحله التاريخية، هذا البلد الذي تحرّر من سطوة التكفيريين بدماء آلالاف من الشهداء الذين ضحوا بأنهار دم طاهرة، لحماية البلاد من تنظيم داعش الارهابي، يواجه اليوم تهديد مستتر وعميق الأثر، لا يأتي من الخارج فحسب، بل برياح دافعة ومغذيات داخلية، مع العلم  إن التدخل الخارجي بأشكاله المختلفه والوانه المتنوعه، ليس ظاهرة جديدة، بل هو متواتر منذ 2003 ولحد هذه اللحظة، لكن  ما عمّق الجرح هي المواقف المتناقضة للكثير من التيارات الحزبية والشخصيات السياسية من سنة العراق وأكراده، الذين وصل بهم الحال إلى بيع البلاد لمن يحقق لهم مصالحهم الشخصية ومنافعهم الخاصة، هذه التيارات والشخصيات بدلاً من تتذكر الحقائق القريبة والرؤية الواضحة والخطر الكبير المتمثل في الكيان الإسرائيلي، والوجود الأمريكي، صوّبت سهام حقدها نحو جمهورية إيران الإسلامية والحشد الشعبي العراقي لكونهما السبب الرئيسي في نجاة العراق من عتمة داعش، وطائفية التكفيريين.

تحالف عزم وحزم ومثنى السامرائي وخميس الخنجر، ومحمد الحلبوسي والأخوة النجيفي ومشعان الجبوري والكثير من الشخصيات السياسية ”المتحزبة والمستقلة“ والرموز الإجتماعية والدينية، يتمتعون بذاكرة مثقوبة، لذلك تناسوا الأيام التي سيطر فيها تنظيم داعش الأرهابي على ثلث الأراضي العراقية، وسُبيت فيها النساء والفتيات السنّيات والإيزيديات وتعرضن فيها للإغتصاب المتكرر والبيع في أسواق بيع الأصول البشرية في الموصل، وعاملوهن معاملة العبيد والجواري، تلك الأيام التي بلغ فيها داعش أبواب بغداد، وبالوقت الذي اكتفى فيها العالم بالمشاهدة، ولولا لطف الله وجهود جمهورية أيران الأسلامية المانعة للإرهاب، والمرحعية العليا في النجف لاشرف وجوابها اللازم بضرب الإرهاب، لأصبحنا اليوم نترحم على بلد اسمه العراق، وعلى أرض تدعى وادي الرافدين، وهم بذلك أثبتوا أن العطاء فيهم كمن يبذر قمحآ في البحر.

ويبدوا إن البرزانيين والزيباريين وبرهم صالح وشخوان عبدالله وبعض الشخصيات الانفصالية الأخرى في إقليم كردستان، الذي أصبح مرتعاً للهاربيين والمطلوبين والملوثة أيديهم بدماء العراقيين، لم تكن ذاكرتهم بأفضل حال من اخوتهم السنة في المنطقة الغربية، أحتفظوا بذكرياتهم الطفولية، والرومانسية، والنشاطات غير الشرعية، والتسكع مع العاهرات، ومطاردة الراقصات، والليالي الملاح، والتجارب العاطفية، وتناسوا كيف كادت أربيل أن تسقط؟ لو لا جمهورية أيران الأسلامية، والفتوى الكفائية التي صدرت من بين أزقة النجف الاشرف، وتضحيات ابناء وسط وجنوب العراق، حتى لا يمس أربيل أذى، ولا يصيب الأكراد ضرر، ليتمتعون بها مثلما يفعلون اليوم، ومع ذلك وصل بهم الجحود ونكران الجميل لمستويات لا تطاق، حتى أصبحوا كالاعمى الذي كسر عصاه عندما أبصر.

ازدواجية المعايير والتناقض الكبير والنظر للأشياء المتماثلة بنظرات مختلفة، وتضارب المشاعر والمعتقدات والأولويات، لدى الشخصيات السياسية السنية، أمثال؛ مثنى السامرائي، وخميس الخنجر، والحلبوسي، ومشعان، وحتى محمود المشهداني، والمتماثلين معهم من الأكراد، عن وجود أمريكا بعشرات القواعد العسكرية في أرض العراق التي تتجول فيها بأريحية تامة، تحديداً في غرب وشمال البلاد، ومثلما لأمريكا تلك الفسحة الكبيرة من الحرية، لتركيا أيضا حرية الاستمتاع بقصف شمال العراق يومياً، والتي لم تعد تقنع بأحتلالها المستور لبعض المناطق والقرى الحدودية للاقليم، ناهيكم عن الامتناع والاسترسال في التأمل فيما يخص التواجد الاسرائيلي بقلب العاصمة الكردية أربيل وكف الحديث عن دور الموساد في أغلب المناطق الشمالية، التي تدركها العيون والأبصار، وخفضوا اجنحتهم وكسروها لتدخلات دول الخليج الفارسي بصورة مباشرة وغير مباشرة بالشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العراق، ومع ذلك لا يرونهم خطراً على العراق ويطالبون بوقاحة بضرورة تحرير العراق من إيران، تماماً كذلك الذي أكل الملح وكسر المملحة.

الخطر الحقيقي الذي يواجه العراق هو؛ التيه الفكري والسياسي وفقدان بوصلة العداء، ومعاداة كل من يحمل نوايا الخير للبلاد. جمهورية إيران الإسلامية لم تحتل الموصل، لكن تركيا تريد ذلك، وتطمح بقوة بأعادة أمجاد الدولة العثمانية البائدة، وها قد بدأت في سوريا وقريباً في العراق. الشهيد قاسم سليماني رضوان الله عليه، لم يقتطع اجزاء من الانبار ليسجلها بأسم دولته، لكن أمريكا التى تقطر أيديها من دماء العراقيين جعلتها قواعد عسكرية ثابته ودائمة لها. جمهورية إيران الإسلامية لا تريد سايكس بيكو جديد في العراق ليتشرذم ويتفكك إلى مجموعات وكيانات أثنية قائمة على أسس مذهبية وعرقية، لتتحول في أي لحظة لبراميل بارود قابله للأنفجار، لكن اسرائيل المستحقرة للعراقيين، والطاعن عدائها في خاصرة العراق، تريد ذلك عبر مشروع «دولة اسرائيل الكبرى » ومع ذلك كله يهرول المذكورين في اعلاه لتقبيل أيادي الصهاينة والأمريكان، وبهذا ثبت إن مركز أسقاط النظر لتلك الجماعات هو؛ الجلوس على عروش من ورق، وللإختصار «السنة والاكراد مو مال حكم»

وبكيف الله.

You might also like