بعد عامين على الطوفان.

إب نيوز 7 أكتوبر

عدنان عبدالله الجنيد.

مقدمة: لحظة الحق الخالدة:

بعد عامين من زلزال «طوفان الأقصى»، تثبت أن الأرض المظلومة إذا تمسكت بحقها،فإنها تغلب أعظم أساليب القهر والقوة، وأن صبر شعب يروي أرضه بدمائه ليصنع معجزة التحرير.

 لقد كان الطوفان طلقة الوعد الملزم — ضرورة إلهية وردًّا لاعتبار أمة طالما نسيت أن الحرية لا تُشترى، بل تُستحق.

وها هي غزة تكلم التاريخ: «إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا» (الشرح: 6).

الركن الأول: الأسرى — سلاح لا يُرام:

لم يكن الأسرى وسيلة فقط، بل كانوا رسالة: رسالة القوة التي تخرق جدر الجبروت.

فبسر الأنفاق وحنكة المقاتلين، تحول الأسرى إلى سلاح الحق القادر على إجبار الجبارين على الجلوس إلى طاولة الإذعان.

«وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ» (إبراهيم: 42).

الركن الثاني: اليمن — صاعقة البحر:

ماذا يفعل العالم إذا أطْبق البحر على قوافلها؟

 العمليات اليمنية في البحر الأحمر لم تكن هجومة عشوائية، بل كانت صفعة تأديب لأعظم القوى، تمس شريانها الاقتصادي، تذكر العالم أن صورة العدل والحرية لا تُهان.

لقد أصبحت اليمن بقوتها الشعبية الباسلة كابوسًا يرعد فرسان الأحلام الأمريكية، ويجعل أحلام الهيمنة تتحوّل إلى أرق دائم في البيت الأبيض.

 لن تهدأ البحار حتى تهدأ القلوب في غزة.

«وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ» (الحج: 40).

الركن الثالث: حزب الله — حصن الشمال:

لم يكن الحزب ظلًّا فحسب، بل كان جبلًا يُرعد فيُرعد العدو.

 بفتح جبهة الشمال، شتّت الجهود، وأرغم الكيان على قسم قوّاه.

 وها هو حزب الله يحوّل شمال الكيان إلى جحيم مستعر يأكل من ميزانية الأمن الصهيوني، ويجعل كل جندي إسرائيلي يخشى نزول الليل.

 وهذا هو سر «مَا تَقْبَلُهُ حَمَاسٌ يَقْبَلُهُ الْمَحْوَرُ» — وحدة المصير.

«وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا» (آل عمران: 103).

الركن الرابع: سر الصمد — دم الشهداء:

ليس الصمد بالحجارة ولا بالسلاح، بل هو بالولاية الإلهية التي تجعل من القلب حصنًا، ومن الدم بذْرًا لشجرة الحرية. الشهداء لم يموتوا — بل هم يحيون الأمة.

 «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ» (آل عمران: 169).

الركن الخامس: صرخة العالم — لغة الإنسانية:

لقد كسرت صور المجازر حجاب الصمت.

 فخرجت الملايين في كل قارة تنادي باسم الإنسان، وتسيّر بها كل المسيرات. هذا هو التضامن الحق: لغة تفهمها كل القلوب وتحرّك ضمير العالم.

 «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا» (الحجرات: 13).

الركن السادس: خيانة القاصدين — صفعة الحق:

لقد وجه أبو عبيدة كلمة كسيف: «أَنْتُمْ خُصُومُنَا أَمَامَ اللَّهِ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ». لم تكن الخيانة بالصمت فحسب، بل بالتواطؤ مع الجلاد.

 «وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ» (البقرة: 11).

الركن السابع: «وَإِن عُدْتُمْ عُدْنَا» — وعد الأبطال:

ليست هذه الكلمة تهديدًا، بل هي وعد الأبطال بأن القصاص سيكون أشدّ.

 «وَإِن عُدْتُمْ عُدْنَا» ليست مجرد كلمات، بل هي وعد الأرض بزلازلة العرش، وبشارة بأن كل طلقة ستردّد صداها في قصر تل أبيب والبيت الأبيض معًا.

فكل عدوان جديد سيفجّر ردًّا أعظم — ردًّا يهزّ العرش والأرض.

 «وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا» (الشورى: 40).

الخاتمة: صلح الحديبية العصري — نصرة الغالبين:

قبول حماس بالصفقة ليس ضعفًا — بل هو حكمة الغالبين.

فهو حكمة الاستبصار وقوة المناورة، فهذه الصفقة ستكون بداية النهاية لأسطورة القوة الإسرائيلية.

لقد أضاع ترامب فرصة القوة الأمريكية بسياساته العنصرية، فاصبحت أمريكا تدافع عن جرائم تناقض كل ما تزعم الدفاع عنه.

وهذا سيكون إرثه التاريخي: رجل أضاع هيبة أعظم قوة في التاريخ.

أما نتنياهو، فقد دفع بكيانه إلى المصير المحتوم، فصنع من نفسه رمزًا للإبادة، ومن جيشه أضحوكة عسكرية تعجز عن مواجهة أبطال الأنفاق.

«إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا» (الفتح: 1).

وأخر الدعوى أن الحمد لله… هذه هي الرسالة: لن تنتهي المقاومة حتى تحترق آخر طلقة، وحتى يعود آخر أسير إلى أحضان الحرية.

 فالحق يبقى… والباطل يزول.

You might also like