حدث في عرس !

إب نيوز ١٠ سبتمبر

 

أشواق مهدي دومان

من بين حنانيك أيّها الزّفاف الميمون تستوقف تلك الفرقة الغنائية لتهدي زوجها ذلك الذي يؤمننا في جبهات الشّرف (ككلّ رجال الله ) لنعيش في سكينة و أمن كمن لا عدوان عليهم ،
تهدي تلك الرّائعة ليثا من ليوث الله زاملا كأنّه إهداء لكلّ الأسود الحيدريّة ليلمع صوت عيسى الليث فيبدل تراخي النّفوس عنفوانا و يستفتح سير معركة رسمها شاعر مغوار بخط المجد الخالد ليخالج نبضات قلوب الحاضرات فإذا بمَن مع الحقّ و مَن تجامله تتراقص في وجدانهن جميعا تلك الألحان الحماسيّة لمن زلزل بالزّامل و بصوته و خامة ذلك الصّوت الذي لا يسمعه سامع إلا و أراد أن يسمع منه الأكثر ، ليس إلا فطرة بشريّة تبحث عن الحقّ و تميل لفهم الحقيقة ، و ليس إلا تمكّنا و فنّا مجاهدا يذود عن الأرض و العرض ؛ فمَن لا تتابع المسيرة (من الحاضرات ) و كلّ قنوات اليمن النّاطقة باسم تراب وعقيدة البلدة الطّيّبة النّابعة من عمق حقيقة تفضح و تلاحق فلول العدوان إعلاميّا فينتصر ذلك البطل المغوار في ساحات الشّرف حين يضرب مدرّعة بولّاعة و حين يرمي بقنبلة طالبا من قهّار السّماوات و الأرض أن تفتك قنبلته بمدرعة أخرى فتحيلها هيكلا حديديّا أجوف و قد احترقت أحشاؤها كمن احترقوا فسقطوا و سقطت قيمهم حين تآمروا على وطنهم و أحبّوا لقمة الذّلّة و ترزّقوا بدماء أهلهم أهل الإيمان و ما دقت طبول حرب إنسانيتهم و يمانيتهم على المعتدي المحتل بل مضوا يتجنّدون متخندقين و متبندقين و مصطفين في صفّ المحتل الأخرق يؤيدون قصف الأطفال و سفك دماء البشر حتى سالت و تلوّنت اليمن بالأحمر القاني ليكتب الله أولئك المنافقين و المرتزقة والخونة ممن لهم الخزي و العار والذّلّة و الحقارة في الدّنيا و بإذن الله إلى جهنم و بئس القرار في الآخرة فكلّ بائع و تاجِر تاجَر بقيمه و عقيدته و أرضه و عرضه فهو خائن لله و رسوله و أمّة رسوله ، و أمّا ذلك الأشعث الأغبر ، الذي حمل رفيق دربه الجريح على ظهره و رصاصات الخيانة تحدّق به ريب المنون ، و ذلك البطل الذي سمى رفيقه شهيدا و لم يكن سواهما و اللّه معهما و قد طارد كأسد فلول ذئاب المرتزقة فانتصر عليهم مفردا و هم كنعاج البراري يفرّون و يتساقطون جثثا منهزمة ليسطّر رجال اللّه ثباتا و بسالة أسطورية ما كانت و لن تكون على مدى التّاريخ ليستحقّ أولئك المرابطون أن يسكنوا و يحلّوا في أرواحنا و لأرواحنا شرف سكنهم فيها ..
نعم : لمع بارق صوتك يا – عيسى الليث – بنبرة صوتك الجهادية كسهام و رماح تتمكن من مواضع الأضغان بكلمات شعراء الحقّ من أذهلوا العالم بثورتهم فكلماتهم ووقعها ليس بالسّهل الهيّن على النّفوس المريضة الحاقدة التي شبهت نفوس المعتدين ؛ فاتحاد كلمات رجال اللّه أصحاب اللسان الشّاعر و المعبّر عن قضيّة مظلوميّة وطنهم مع لحن الملحن و أداء فناني الزّامل هو رماح تصيب قلوب المرجفين من أمثال من توانوا عن القتال في سبيل اللّه و تثاقلوا وتباطؤوا و تهاونوا و كرهوا لقاء العدو إلا مستسلمين خانعين و هم أشباه رجال فتذكّرهم تلك الشّامخة النّبيلة بأنّ الله فضّل المجاهدين و المقاتلين في سبيله على القاعدين درجة.
و الله أعلم بعظمة تلك الدّرجة ؛ فهي درجة تسمو بهم لرجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه و هم رجال دفعتهم عظيمات للجهاد كتلك العروس حديثة الزّواج و التي لم يمضِ على عرسها الشّهر والنّصف إلا و زوجها يعاوده شوقه لساحات الشّرف فيستأذن قلبها المحبّ الصّغير المؤمن بأن يمضي للقتال في سبيل الله صونا للأرض و العرض فتكابد مشاعرها و تقاوم دمعاتها و تكتم حبّها و تتجاوز خوفها من أن يستشهد رجلها و زوجها البطل فتخبره : أن امضِ يا وليّ الله في سبيل الله فما ولن أمنعك من أن أعشقك أكثر و أنت تحمل بندقيتك على ساعدك الأسمر و لن أريك دمعات عيني التي مارأت سواك من الرّجال فقد اخترتك خاصّة حين كنتَ من رجال الله و رفضتُ و تركتُ كثيرا خطبوني بشهاداتهم العلميّة و إغراءات آبائهم الماديّة و فضّلتك من رجال القائد الشّجاع / عبدالملك بدر الدّين الحوثي و قد واليتك وعاهدتُك على الولاء لله و رسوله و قائدنا الشّجاع.
نعم كان ذلك هو زوجها الذي اختارته ليس لغنى أو لوسامة أو لقصّة حبّ بينها وبينه عبر شاشات الفيس و الواتس ،لا و الله و لكن كان حبّا طاهرا نقيّا مقدّسا فهي لم تعرفه يوما و لم تقابله يوما ولم تره إلا يوم قبل يوم عقد قرانها به حين استأذن أهلها لرؤيتها بين أهلها كنظرة شرعية تمثّل جسر رضا و قناعة ..
بعدها تطمئن الأرواح المخلصة و تستأنس ببعضها فتنسجم و تخلص في صدق اختيارها فيكون زوجها هو كلّ حياتها التي تصونها بأمر ربّ العالمين فقد قالت له :
امضِ في سبيل الله مقاتلا و كم أنا فخورة بك أيّها الحيدريّ و أنت تقتحم مواقع العدو و تقنص الطّامعين لحقوق غيرهم، امضِ .
و تدفعه للقتال في ساحات البطولة فيحنّ قلبها و روحها له فما أن جاء فرح صديقتها لتحضره ( و إن كان غنائيا) فهي لن تنأى عن المجتمع و لن تعتزله ،لكنّها ستوثّق خطا زوجها و تحكي قصّة جهاده و بقيّة رجال الله من خلال طلبها الخاص لزامل تهديه له و هو المغوار و هنا تستوقف الآلات الموسيقيّة و تُخجل كلمات الغزل و الحب و الغرام لتوجّه ذلك الغرام و تزيده دفعة روحانيّة فتحيله عشقا لرجال الله ..
موقف أدمع عيني فرحا بها و فخرا وانتشاء فقد أخرجَت المسيرة القرآنية فتيات كسيّدات نساء العالمين ، كما أخرجت رجالا كآل البيت و قبلهم الأنبياء و المرسلين .

لم أستطع أن آمر دمعاتي بالمكابرة فقد تركت لها العنان لأن تنهمر و أنا أسمع ذلك الإهداء حين قال قائد الفرقة الغنائية :
هذا طلب خاص من …….إلى زوجها …….في جبهات الشّرف ، فما سمعنا إلا عيسى الليث يلمع بارق نبضه في أرواحنا فينهمل كزّخّات مطر حقيقيّة ارتوت بها أرواحنا و أدمعت أعيننا بمشاعر مختلطة فهو عشق لرجال اللّه و هو فخر بمدرسة المسيرة القرآنيّة و هو اعتزاز بتلك المجاهدة صغيرة السّن حديثة الزواج التي أشعلت في الحاضرات ثورة على المعتدين فرأينا نساء ليست المسيرة و لارجال الله و قتالهم و ثباتهم قضيتهن ومع ذلك كان وقع الزّامل في نفوسهن مما أخرجهن من تقوقعهن و اتهاماتهن للأنصار حين صفّقن بشدّة و قمن يؤدين رقصّة على زامل الليث .
نعم كان ذلك ما حدث ، وحينها لم نجد أرواحنا و أفواهنا إلا تصرخ بشعار :
اللّه أكبر – الموت لأمريكا -الموت لإسرائيل – اللعنة على اليهود – النّصر للإسلام ….

لتتداعى الأرواح المجاهدة من جديد فتُطلب زوامل من جديد و تحيا الانتصارات و رجالها في تلك الزّوامل التي تقتفي و تحكي سير و قصص انتصار الحقّ على الباطل.

كان ذلك هو التّداعي للمجد و بعد كلّ زامل كانت الصّرخة بلسما و ترجمان عشق سبيل اللّه و رجال اللّه ، ذلك العشق الأسمى فكما أنّ رجال اللّه يبذلون أرواحهم و يرخصونها من أجل عقيدتهم و قيمهم و دينهم و صونا لأعراضهم و أعراض كلّ اليمانيات ؛ فإنّ من باب الوفاء و ردّ الجميل أن نثبّتهم بالدعاء و أمّا تثبيت قلوبهم و عقولهم فقد سبقتنا إليه نساؤهم مثل تلك الصّغيرة النّبيلة التي علّمت الحاضرات لماذا ومن يستحق أن يُعشق ؟
وما العشق الأسمى الذي يجب أن يكون ؟

و السّلام

أشواق مهدي دومان

You might also like