هل يستطيع النظام السعودي تجاوز ” خاشقجي” مثل 11 سبتمبر ؟

 

إب نيوز ٢١ أكتوبر

محمد صادق الحسيني

عنـدما وقعت هجمات 11 سبتمبر 2001 ، إستطاعت السعودية وعبر المال وصفقات السـلاح والمشاريع العملاقة التي أسنـدت للشركات الأمريكية ، ان تتجاوز هذه الأزمة الخطيرة التي وجهت أنظار العالم إليها بصفتها راعية لما يُسمى بـ : الإسـلام الراديكالي ، والسبب في ذلك يعـود إلى أن الـرياض في تلك المرحلة كانت تُحكم من فـريق جماعي متجانس مكون من كل من : الملك فهـد وأشقّائه الملك عبدالله الذي كان حينها وليّا للعهد وهو من يدير البـلاد فعليا بسبب مرض الملك ، والأمير سلطان وليّ العهد السابق الذي كان حينها النائب الثاني للملك ووزير الدفاع ، والأمير نايف ولي العهد السابق أيضا والذي كان حينها وزيرا للداخلية .
وهـؤلاء الأربعة إستطاعـوا أن يتعاملوا مع الأزمة بسبب العلاقات المتميزة التي كانت تقيمها الرياض مع كل دول العالم على حـد سـواء ، سواء في محيطها الخليجي أو العربي أو الأقليمي أو العالمي .
فالـرياض يومها لم يكن بيضها بكامله في سلة ترامب وأميركا ، إذا وقعت هذه السلة تكسّر بيضها كله ، بل كان الرباعي السعـــودي موزعا علاقاته بين عـدة حلفاء حتى لا تكون فريسة لعـدو واحد كما هو حاصل اليوم .
وحتى إيران وعلى الرغم مما بينها وبين آل سعــود إلا إن العلاقة بين الرياض وطهران في تلك المرحلة كانت في أحسن حالاتها ، وأذكـر أنه وقعت إتفاقية أمنية بين إيران و السعودية في ذلك العام تحديدا أي 2001 و وقام وزير الداخلية السعودي آنذاك الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود بـزيارة إيران في أرفع زيارة لمسؤول سعودي منذ عقود .
الملك فهـد كان صـديق الإنجليز ، وسلطان كان صديق الأمريكان ، ونايف كان عـدوهم ، وعبدالله كان يمسك العصا من الوسط بين الإثنين ، وأستعاظ عن التهافت نحو عواصم القرار الغربية بتمتين علاقته مع محيطه العربي والإقليمي .
أما اليوم فإنه سيكون من الصعب على السعودية تجاوز “ازمة خاشقجي”، لانها باتت الحدث الأول في أرجاء المعمورة ، وأصبحت قضية رأي عام داخلية أمريكية أولا ، وعالمية عابرة للقارات ثانيا، والأخطر من هذا وذاك أنها غدت نقطة الإرتكاز الأساسية في الانتخابات التشريعية النصفية القادمة في الولايات المتحدة ، بـل أننا نـذهب إلى أكثر من ذلك بكثير حيث أصبحت هذه القضية ولأول مرة عامل توحيد لأجهزة الإعلام الامريكية والعالمية على حـد سـواء ، فمن كان يتوقع أن يأتي اليوم الذي نـرى فيه “سي ان ان” خصم ترامب وعدوه اللدود ، تقف في خنـدق واحد مع حليفته الإعلامية المفضّلة”فوكس نيوز″ ؟ .
وعنـدما نقول أن قضية خاشقجي أخطر من هجمات 11 سبتمبر على الرياض فإننا نعي ما نقـول ، بدليل أن الرياض وبعـــد تهديدات ترامب لها لم تجـد من يساندها إلا تغريدة لوزير خارجية البحرين والإمارات على خجل شديد ، الأمر الذي دعا الإعلام السعودي ينشر أخبارا عن التعاطف العالمي مع السعودية ، ولكن هذه المرة ليس من الدول بل من جمعيات دينية وجاليات من هنا وهناك .
والسبب في ذلك أن محمــد بن سلمان لم يترك له صـديقا خليجيا ولا عربيا ولا إقليميا ولا حتى دوليا .
فمن العـدوان على اليمن وأزمة قطر خليجيا ، إلى محاولاته الفاشلة للتدخل في سوريا والعراق ولبنان والمغرب عربيا ، ومحاولة ضرب الإستقرار في كل من طهران وأنقرة وإسـلام آباد إقليميا ، وصـولا إلى إهماله وتدميره كل العلاقات المتميزة التي حرص عليها الملوك السابقين مع باقي دول العالم ، ليجعل نفسه كبقـرة مرهونة وقفاً لآل تـــرامب .
لم أخفيكم منذ عدة أيـام بأنني أشعر بأننا نقف امام كارثة حقيقية ستحل بالسعودية ، وحصول سيناريو مشابه لقضية لوكيربي وما تـلاها من تحقيق دولي ثم محكمة خاصة ، وإدانة تسبـق الحصار القاتـل الذي بسببه أُركع القذافي كما أُركع صـدام قبله ، ولكن هذه المرة بسيناريـو جديد يقوم على الذهاب الى المتهم الرئيسي في القضية ، وليس إلى ( أكبـاش الفداء ) الذين أرغمهم بن سلمان على أن يفّدوه بأنفسهم لكي يبقى هـــو .
ولكـن فات هذا المعتـوه أن الزمن تغير، وأن زمان خاشقجي ليس كزمـان لوكيربي ، وأن الظروف تغيرت ، والوعي بين شعـوب العالم أصبح حالة سـائدة ،
بـدليل أنه ما إن إنتهى بيـــان ( مسرحية موت خاشقجي ) والإقالات المعلن عنها ، حتى خرج قادة العالم وكبار سياسييه ليوجهوا كلمة واحـــدة موحـدة لإبن سلمان : لسنا أغبيـاء إلى الحـد الذي تظن لكي تنطلي مسرحيتك علينا .
بـل أن العالم والإعـلام أزداد شراسة بعد الإعتراف السعودي ليلة البارحة ، بحيث أنه بـدء يركز على مصطلح ( ولي العهد الكـذاب ) الذي كذب على العالم قبل أسبوعين عندما نفى أن يكون خاشقجي قد أحتجـز داخل السفارة .
إبـن سلمان إذا لم يُخلع مقتـولا وتنتهي قصته ، فإن المحكمة الجنائية الدولية قد تكون الفصل الأخير لحياته ، وسـوف تضطر الرياض لتسليمه عاجـلا أو آجـلا – هذا إن بقي حيّا – فآل سعــود لن يكونوا مستعدين لحصار وعقوبات بسبب هذا المعتوه .
القادم على السعودية أيّـاما سـوداء وعسيرة ، ولن تنجـو البلاد إلا بذهـاب بن سلمان للأبــد ، فجريمته أحرجت حلفائه في واشنطن ، الذين لم ينظروا إليه سوى كونه بقرة حـلوب بعدما يجف ضرعها

You might also like