إن لم يكن فى نوعية السلاح ففى كفاءة استخدامه ..عبد الملك الحوثى والذين معه -8 ..

 

إب نيوز ١٣ يونيو

بقلم: إبراهيم سنجاب

اليمنى الذى لم يصبه فى منامه كابوس بأن تعتدى السعودية والإمارات على بلاده وتدمرها , هو نفسه اليمنى الذى لم يكن ليحلم بأن يمتلك طائرات صغيرة وصواريخ بعيدة المدى , تدمر أهدافا فى الرياض وأبو ظبى . ذلك هو التغير الجوهرى والنقطة الفاصلة والانقلاب الحاسم فى الشكل والمضمون .

اليوم استهداف مطار أبها وبالأمس قاعدة الملك خالد الجوية وقبلهما محطتى تكرير لأرامكو فى العمق السعودى , كل ذلك جرى خلال أقل من شهر , أما ما قبله فكان تدمير بوارج فى البحر الأحمر وقواعد عسكرية فى الرياض وجدة والظهران إلخ مما هو موثق لدى السعوديين واليمنيين وفى أروقة الأمم المتحدة بلسان مندوب الرياض .

والفارق الوحيد بين ما مضى وما نراه حاليا هو أنه فى السابق كان السعوديون ينكرون استكبارا أو يعترفون على استحياء بوصول اليد اليمنية إلى أهدافها فى بلادهم , بنفس الدرجة التى ينكرون فيها استهداف مدنيين فى محافظات يمنية , ثم يضطرون على استحياء أيضا للاعتراف بالجريمة والتعامل معها دبلوماسيا بشراء مواقف حكومات ومنظمات ومؤسسات اعلامية بكاملها .

لم تعد المشكلة ما مضى ولا ما هو حاضر ولكن فى المستقبل المخيف إن لم يتوقف العدوان على اليمن فى أقرب لحظة ممكنة , كيف ؟
رغم ضغط العوامل الخارجية فى الصراع الدائر فى اليمن الآن , إلا أن صرخة الحوثيين ما زالت حتى اللحظة هى الموت لأمريكا ولاسرائيل , ولم تتجاوز رغم آلام السنوات الخمس الماضية لتكون الموت لآل سعود وآل زايد ولو أطلقوها لرددها مئات الآلاف فى الميادين , بل إن كل ما يطالبون به حتى اللحظة هو وقف العدوان والعودة لطاولة الحوار والمصالحة الوطنية وغيرها مما تشتمل عليه أدبياتهم وكلها متعلقة بوضع حد للنزاع ,وترك اليمن لليمنيين .

و عند اللحظة التى حدد فيها اليمنيون 300 هدفا داخل العمق السعودى كأهداف مشروعة للقصف والتدمير , معتبرين أن ما قبل التاسع من رمضان -عندما قصفوا موقعين لأرامكو – ليس كما قبله , اختلفت المعايير وتبدلت النظرة واختلطت الأمور بحيث أصبحنا أمام حرب حقيقية بين طرفين متكافئين , إن لم يكن فى نوعية السلاح ففى كفاءة استخدامه , ليست فى أعداد المقاتلين ولكن فى عقيدتهم العسكرية , وليست فى مستوى معيشة أفراد الشعب ولكن فى قدرتهم على الصبر .

وبينما يريد السعودى دائما أن يضع أى منجز عسكرى يمنى فى كفة الايرانى الصفوى الفارسى الإمامى , يتجاوز اليمنى البسيط جدا هذه المرحلة العقيمة من الفكر العربى ليستورد ويصنع ويطور كل ساعة سلاحا جديدا يفاجئ به العقلية السعودية المنتفخة حدود انغلاق البصيرتين .

ثم وبمزيد من الصراحة والوضوح , ماذا لو قال الحوثى إن سلاحه وماله ومرتبات أفراده ومأكله ومشربه كل ذلك هو إيرانى كما قالها قبل سنوات حسن نصر الله ومرغ بها أنف إسرائيل فى وحل الجنوب اللبنانى ؟ الإجابة لا شئ , نعم لا شئ , لا جديد , نعم لا جديد , فالسعودى يقولها من أكثر من 15 سنة , وترددها معه كل وسائل الإعلام حول العالم .
إذن عقدة الرواية ليست هناك عند الإيرانى أو هنا عند الحوثي نفسه , ولكنها فى كل شبر على أرض اليمن إكتوى بالنظرة الخليجية الدونية إليه, حتى وإن تفرقت السبل بين مرتزق يتنعم بارتزاقه وحر يأبى الخيانة , بعدما تجمعت الظروف لبناء دولة جديدة بعد سقوط دولة رؤوس الثعابين .

فى مطار جدة كان المنظر مضحكا , قادة وزعماء يستدعون على عجل لقمة عربية طارئة , تبدأ مراسمها بالوقوف أمام حطام طائرة مسيرة معروضة بعناية فائقة فى صالة واسعة , لم يبق إلا أن تحسدها بقية المسيرات التى لم تجد العناية المناسبة .

أما بيان القمة الختامى نفسه , فكما زعم الخبراء أنه =جاء ليقدم الدعم السياسى للمملكة والإمارات فى حربهمما على اليمن , وأن الدولتين لم تطلبا أكثر من ذلك , وباعتبارنا ممن يحملون الجنسية الهندية ولا نتكلم لغة أخرى فإن علينا أن نصدقهم , وكأن كل دول العالم , من حضروا القمة وكل من يغيبون عنها من غير أعضاء جامعة الدول العربية , قد تخلى واحد أو واحدة منهم عن دعم العدوان على اليمن !

لم تكن قمة واحدة ولا قمتان بل ثلاثة , خليجية وعربية واسلامية , لم يعكر صفوها إلا رفض العراق لمقررات العربية , وفشل قطر فى اللحاق به , وتلك اللقطة التى لم يفسرها أحد فى باكستان أو السعودية , عندما احتد الرئيس الباكستانى أمام الملك سلمان ووجه كلامه للمترجم , دون أن نعرف ما الذى جرى ؟

الذى جرى يمكن استبصاره من المراحل التى مر بها العدوان على اليمن منذ مارس 2015 , قوة هائلة مستكبرة مدعومة عسكريا وسياسيا واعلاميا , اقليميا ودوليا , فى مواجهة قلة أقل من القليلة صبرت 40 ليلة حتى تبدأ فى الرد على عدوان الإف 16 بالبنادق ! والذى يجرى بعد 5 أعوام أن المتحدث العسكرى للقلة القليلة يحدد

(يتبع)..

300 هدفا لتدميرها فى العمق السعودى ويحذر أبو ظبى إن هى استمرت فى العدوان , بينما يقف المتحدث العسكرى للتحالف فى صالة مطار جدة ليشرح للزعماء والملوك ماذا فعلت المسيرة الحوثية فى محطات أرامكو .

الذى يجرى أن دولة بملامح خاصة تتكون فى اليمن الجديد عاصمتها صنعاء القديمة جدا , يتعرض شعبها للقصف عشية عقد قمم مكة المباركة , بينما رئيس مجلسها السياسي الأعلى يرسل خطابات لملوك ورؤساء الدول العربية والاسلامية يطالبهم فيها بالعدل ولا ينتظر ردا .

الذى يجرى هو أن يقف هادى منصور مذعورا فى معرض جدة للمسيرات المحظوظة , وأن يذهب إلى القمة فلا يلقى كلمة لضيق الوقت . والذى يجرى هو أن يستقيل خالد اليمانى وزير خارجية الفنادق قبل أن يقال لأنه رفض طلبا لابن هادى منصور بتعيين ناشطات فى السفارات اليمنية بدول أوربية , ويهدد بفتح الملفات المغلقة .

من المعتاد أن تسمع يمنيا حائرا ما زال يتساءل , لماذا يقصفوننا ؟ ومن المستغرب ألا تجد سعوديا يقول أين الدفاعات الأمريكية تحمينا من صواريخ الحوثى ؟ تلك هى الأزمة النفسية التى يعيشها السعودى و يتعرض لها مرتزقة اليمن , ومن هنا تبدأ فصول رواية أخرى لم تكتب بعد .

You might also like