معهد واشنطن: سحب القوات الإماراتية المنهكة يعزل السعودية في اليمن ويفاقم التوتر بين الدولتين .

 

 

إب نيوز ٤ يوليو / متابعات

قال معهد واشطن للدراسات إن سحبَ دولة الإمارات العربية المتحدة لقواتها من اليمن قد يؤدي عزل المملكة العربية السعودية التي تقود تحالفا عسكريا في البلاد منذ مارس/آذار 2015.

وذكر المعهد في تقرير له صدر الثلاثاء أن الإماراتيين المنهكين من الحرب يغادرون إلى الرياض للدفاع عن أنفسهم في القتال ضد المتمردين المدعومين من إيران، مما يؤكد ضرورة إجراء محادثات بين السعوديين والحوثيين.

وفقا للمعلومات التي أوردها المعهد، فإن القادة العسكريين في الإمارات غالبًا ما يقولون إن شعارهم هو “إصلاح مشكلة أو الخروج”، من وجهة نظرهم، فإن الخيار الأسوأ يتمثل في الإبقاء على خطر الوقوع في مستنقع عندما تمنع الظروف الحل العسكري.

يقول المعهد في التقرير الذي أعدته الكاتبة إيلانا ديلوزير وترجمه إلى العربية “الموقع بوست” إن المعركة الأساسية لدولة الإمارات وقعت في الحديدة غربي اليمن، ومع توقف القتال هناك، وتركيز الأمم المتحدة على المفاوضات، ينظر الإماراتيون إلى استمرار وجودهم في اليمن على أنهم عالقون في قضايا يريدون تجنبها، وتبعا لهذا فقد بدؤوا في سحب قواتهم عن عمد في معظم أنحاء البلاد، باستثناء قوات مكافحة الإرهاب.

يضيف التقرير “من غير المرجح أن تعلن أبو ظبي عن هذا الرحيل بأي شروط رسمية بالنظر إلى الحساسيات مع جارتها وشريكها في التحالف، السعودية، والتي تصاعدت بعد الهجمات الأخيرة على البنية التحتية الحيوية للمملكة، بما في ذلك خطوط الأنابيب والمطار، لكن العديد من المسؤولين الإماراتيين أعلنوا ذلك بشكل خاص واستباقي”.

أين يحدث الانهيار؟

وفقا لمعلومات المعهد تزعم المصادر الإماراتية أن الوحدات الإماراتية تقارب 100٪ من مأرب ، و 80٪ من الحديدة ، وتبدأ في الانسحاب من عدن، تاركة الإشراف المحلي على القوات اليمنية التي دربتها (أي الحزام الأمني وقوات النخبة).

وحسب التقرير، تؤكد المصادر اليمنية على الأقل جزءًا من سحب القوات الإماراتية في عدن، وبالمثل انخفض عدد الموظفين الإماراتيين في قاعدة العمليات الأمامية الرئيسية في عصب، إريتريا، بنحو 75 في المئة في الشهرين الماضيين، بما في ذلك الأفراد الذين دربوا القوات اليمنية.

وتابع التقرير بالقول إن الإنسحاب  ليس واضحا في بعض المناطق؛ فعلى سبيل المثال، تزعم مصادر يمنية أنه لا يوجد انسحاب واضح في محافظة شبوة، حيث القتال مستمر في مناطق النفط في بيحان، علاوة على ذلك، فإن المرتزقة الذين تمولهم الإمارات، بما في ذلك ما لا يقل عن 10000 مقاتل سوداني مدعومين من قاعدة عصب، سيظلون على استعداد لدعم الجيش اليمني.

وتوقع معهد واشنطن أن قوات الإمارات ستستمر في إدارة عمليات مكافحة الإرهاب من قاعدتها في المكلا، المدينة التي حررتها من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في عام 2016.

التحول الإستراتيجي

وأردف التقرير “لقد حدث الانسحاب بهدوء منذ شهور، ولم يكن نتيجة للارتفاع الأخير في الهجمات الإيرانية والتي قادها الحوثيون في منطقة الخليج، والتي استهدف بعضها مصالح الإمارات، وبدلاً من ذلك، يبدو أنه تم إطلاقه جزئيًا على الأقل من خلال اتفاقية ستكهولم في ديسمبر 2018، والتي حولت التركيز في محافظة الحديدة من حل عسكري إلى حل تفاوضي”.

ويتابع التقرير “إن ترك القتال بين الحوثيين والتركيز على مهمة مكافحة الإرهاب يتناسب مع الإحساس المحدود لدولة الإمارات بدورها في اليمن”، مشيرا إلى أن أهداف أبوظبي هي طرد المتمردين الحوثيين من الجنوب، ومكافحة النشاط الإرهابي للقاعدة في جزيرة العرب والجهات الفاعلة الأخرى، وتدريب القوات المحلية على تولي كلا الدورين.

يشير التقرير إلى أن الإمارات دخلت أيضًا في شراكة مع الولايات المتحدة واليمن لتهيئة بيئة تشغيلية صعبة للقاعدة في شبه الجزيرة العربية، مما أبقى المجموعة متدهورة بسبب عمليات مكافحة الإرهاب المستمرة في محافظات مثل البيضاء وأبين. وتزعم السلطات الإماراتية الآن أن القوات المحلية التي دربتها قادرة على توفير الأمن بمفردها، باستثناء ربما في مجال مكافحة الإرهاب، حيث تقول أبو ظبي إنها ستبقى متورطة.

وأوضح التقرير أن الإمارات تجادل بأن سحبها ليس فقط بسبب إرهاق الحرب، ولكن أيضًا لأن مهمتها كاملة انتهت إلى حد كبير في الجنوب، والصراع مع الحوثيين أصبح الآن في أيدي مفاوضي الأمم المتحدة وليس قوات التحالف العسكرية.

وحسب المعهد اقترح أحد الدبلوماسيين الأمريكيين السابقين ممن لديهم خبرة في المنطقة أن الانسحاب من المرجح أن يكون “اعترافًا مترددًا لكنه عملي برغم أنهم لا يستطيعون الاستمرار -عسكريًا وماليًا والأهم من الناحية السياسية- لم يعد في حالة الجمود الدامي الحالية”.

وذكر التقرير أن “المتخصصين العسكريين الأمريكيين ذوي الخبرة البرية في اليمن ليسوا متفائلين بقدرات القوات المحلية، ويشعر الكثيرون أيضًا بالقلق من أن المدربين العسكريين الإماراتيين قد أنشؤوا أساسًا قوة عسكرية مؤيدة لاستقلال الجنوب لا تخضع لسيطرة الحكومة اليمنية، وهو وضع قد يؤدي إلى نزاع مستقبلي في الجنوب”.

الاحتكاك مع السعوديين

وأكد التقرير الذي نقله إلى العربية “الموقع بوست” أن قرار دولة الإمارات قد يتسبب في توترات مع الرياض، التي يجب عليها الآن إعادة التفكير في مقاربتها للحرب، و في السابق ابتلع الإماراتيون إرهاق الحرب، وظلوا على الطريق للحفاظ على جبهة موحدة مع السعوديين.

يقول التقرير “كانت تلك العقلية تتماشى مع الاستعدادات الثقافية المعتادة حول الدقة، ولكن يبدو أنها تغيرت لسبب أو لآخر، مهددة بفضح الخلافات وتسبب توترات إضافية خلال فترة الحساسية المتزايدة في الخليج”.

ودعا معهد واشنطن المسؤولين الأميركيين للتواصل بنشاط مع الطرفين والحكومة اليمنية للمساعدة في صياغة طريق متفق عليه للمضي قدماً ودرء أي نزاعات إماراتية سعودية طويلة الأجل محتملة، ولفت إلى أن مثل هذا الخلاف بين الشريكين الخليجيين سيكون مثار قلق، ولكن ليس مفاجئًا.

وأردف “على الرغم من الحفاظ على وجه عام مشترك، فإن قوات الدولتين في اليمن لا تعمل بشكل عام جنبًا إلى جنب، بل تقسم مسؤولياتها، وعادة ما يدير السعوديون عمليات في الشمال بينما يدير الإماراتيون عمليات في الجنوب، وعندما يدخل أحدهم إلى المنطقة المقابلة، يغادر الآخرون”.

وذكر أنه عندما تولى الإماراتيون عمليات في الحديدة، انحدر السعوديون إلى حضور رمزي؛ عندما دخل السعوديون محافظة المهرة، غادر الإماراتيون، حتى وجود ضباط الاتصال في وحدات بعضهم البعض غالبا ما يبدو رمزا.

يمضي التقرير بالقول “تبدو حقيقة أن القوتين لا تعبران المسارات في كثير من الأحيان متعمدة، مما يثير تساؤلات حول وجهات نظر الإماراتيين في الكفاءة العسكرية السعودية”.

وحول التهديدات الإقليمية، يشير التقرير إلى أن أبوظبي والرياض تشتركان في نفس النظرة العامة للتهديدات الإقليمية، لكنهما أعطتا الأولوية لتلك التهديدات بشكل مختلف، بما في ذلك في اليمن، لافتا إلى أن الإمارات تركز على محاربة جماعة الإخوان المسلمين أكثر من السعودية، ويبدو أقل قلقًا بشأن تمكين الانفصاليين الجنوبيين.

وقال معهد واشنطن إن “الوجه العام الموحد للدولتين بدأ في التلاشي، فقد تتفاقم الخلافات القديمة بين الحكومتين، ولذلك ينبغي على الولايات المتحدة العمل مع حلفائها الخليجيين بشكل أكثر نشاطًا لضمان ألا تؤدي هذه الاختلافات إلى مشاكل إضافية، سواء في حل النزاع اليمني أو معارضة نشاط إيران المزعزع للاستقرار في أماكن أخرى من المنطقة”.

ماذا بعد الحرب في اليمن؟

يواصل معهد واشنطن بالقول “من المرجح أن يتم التوصل إلى حل في اليمن من خلال عملية سياسية أكثر من كونها عملية عسكرية، خاصة وأن الكونغرس الأمريكي يكثف الضغط في هذا الاتجاه وتراجع الإمارات، معتبر أن القيود العسكرية في الرياض تعني أن الحل السياسي قد يكون الخيار الوحيد الآن.

واضاف لا يمكن للسعوديين أن يحققوا نجاحًا كبيرًا في أهدافهم العسكرية، مشيرا إلى أن الحوثيين لا يزالوا يتعرضون لحدودهم، بينما فشلت قواتهم في استعادة العاصمة نيابة عن الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، ويعلق على ذلك بالقول: “للمضي قدماً، فإن استعداد الإمارات لمواصلة دعم الغارات الجوية التي تقودها السعودية وغيرها من الأنشطة العسكرية الشمالية غير واضح”.

وتابع “إذا لم يتبع السعوديون حلًا سياسيًا بشكل أكثر استباقية، فإنهم يخاطرون بأن يُتركوا لوحدهم لخوض حرب لا يمكنهم الفوز بها”.

واستطرد “قد يكون الخيار الأسوأ في دولة الإمارات وسط الضربات الجوية السعودية المستمرة، حيث قد يرى الحوثيون أنها فرصة لاختبار استعداد القوات اليمنية في الجنوب، بينما على النقيض من ذلك، فإن التراجع المشترك بين السعودية والإمارات قد يخلق مساحة لمحادثات تصعيد الحوثيين السعوديين، وربما يزيل السبب الأساسي للمتمردين في مهاجمة الوطن السعودي على المدى الطويل بغض النظر عما إذا كانت إيران تحثهم على ذلك”.

على هذا النحو يقول التقرير “يجب على الولايات المتحدة دفع الرياض إلى التفكير في إعادة فتح المحادثات المباشرة مع الحوثيين على غرار تلك التي عقدت في عام 2016، مع إيجاد طرق لجعل مثل هذه المفاوضات مقبولة لدى حكومة هادي، ينبغي على واشنطن أيضًا تشجيع عملية الأمم المتحدة وتعزيز محادثات حكومة هادي والحوثي المباشرة، بهدف إيجاد حل للبلد كله، وليس فقط الحديدة.

وخلص معهد واشنطن في تقريره إلى أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن جريفيث سيبقى في مأزق إذا لم تتفاعل الأطراف مع بعضها البعض بقوة أكبر.

You might also like