لغز أرامكو السعودية يتفكك .


 

 إب نيوز ٢٤ سبتمبر

طالب الحسني

بعد أكثرَ من أسبوع على احتراق أَهَــمّ منشئات السعودية النفطية في ابقيق وهجرة خريص، بدأ اللغزُ الذي صنعته السعودية لتفادي الاعتراف أن الهجوم نُفّذ من اليمنيين الذي تحاربهم منذ 5 أعوام يتفكك، الأمريكيون يقولون بأنه حتى اللحظة ليس هناك أدلة دامغة على أنه من إيران، وإنها -أي أمريكا- تخشى أن تكرّر تجربة الادّعاءات (فبركة هجمات خليج تونكين) التي سبقت العدوان الأمريكي على فيتنام في النصف الثاني من القرن الماضي.

أكثر من ذلك أن نانسي بيلوسي -رئيسة مجلس النواب الأمريكي- تدفع ترامب في الإسراع في بيع صفقة أسلِحة وإرسال جنودٍ للسعودية، يقولون ببساطة: ليست الولايات المتحدة الأمريكية مضطرة لأَن تخوضَ حرباً في منطقة الشرق الأوسط؛ دفاعاً عن السعودية.

هذه مقدمات فقط للخروج من “اللغز” السعودي المضحك والمبكي في آنٍ، هو مضحكٌ؛ لأَنَّ العربَ مضحوكٌ عليهم، ومبكٍ لأَنَّ السعوديةَ لا تزال مستمرةً في العدوان على اليمن، بزعم أنها تحاربُ إيران! بينما يقدّم اليمنيون عبرَ المجلس السياسي الأعلى مبادرةَ وقف الهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ، يطلبون من السعودية أن توقفَ الحربَ عليهم فقط.

الرياض التي تنفق الملياراتِ على صفقات السلاح، والمساعدات الأمريكية، وتتعرضُ لهجمات تُسقِطُ نصفَ إنتاجها النفطي، تتعالى عن أن توقفَ كُـلّ ذلك، بوقف العدوان غير المشروع على جيرانها الأبديين!! ما الذي يجري؟!

واشنطن بوست، نيويورك تايمز، الدبلوماسيون والصحفيون والمحللون العسكريون الأمريكيون الذين يعبِّئون جُلَّ وقت القنوات العربية والأمريكية، يقولون منذ أسبوع: ليس هناك أدلة على إيران، وإن وُجدت لن يكون هناك حرب، ليس هؤلاء فقط، بل حتى “الصقور” في البيت الأبيض يستبعدون الحربَ، ترامب سيخوضُ انتخابات، إنه بحاجةٍ للوفاء بتعهداته للشعب الأمريكي بعدم الانزلاقِ في حربٍ جديدة في الشرق الأوسط، كُـلُّ هذا الضجيج لا تشعُرُ به السعوديةُ!! لا تزال تعتقدُ أن هناك رداً أمريكياً، لا تزال تراهنُ على الغرب، لا تزالُ تجهز مزيداً من الأموال مقابل صفقات من الكلام، ليس حتّى من الوعود.

الأمرُ ليس معجزة، يستطيع اليمنيون صناعةَ طائرات مسيّرة وتطويرَ صواريخَ، استعرضوها في معارض كبيرة؛ رغبةً في إيصال رسائل للسعودية بأن الاستسلام غير ممكن، وأنه يمكن الجنوح للسلام العادل والمشرّف، السعودية نفسها تقولُ ولأكثر من مرة بأنها استهدفت مصانع لتجميع الطائرات المسيرة، وأن أكثرَ من 200 صاروخ باليستي أُطلق من اليمن، فلماذا الهجوم على أرامكو في ابقيق وهجرة خريص سيكون استثناءً!! وبالتالي لغز يجري دفعه نحو إيران، وفي النهاية النتيجة كانت بشكل واضح أن السعودية هشة وأن السلاح الأمريكي والدفاعات الجوية التي تزوّد بها السعودية هي الأُخرى هشة والمطلوبُ هو إغلاقُ هذا الباب بالتصالح والتسالم مع اليمن، ليس عيباً على الإطلاق.

عندما تطلق طهران مبادرةَ عدم الاعتداء، ولا تتجاوب معها الرياض، يشكل ذلك منطقة للتأمل على الأقل من الكثير الذين لا يجدون مبررا في بقاء الصراع إلى ما لا نهاية، وبالمقدور تفادي ذلك بالجلوس على طاولة واحدة والتفاهم على ملفات يستخدمها الغرب لصالح استمرار هيمنته، ووجود قواعده العسكرية، هنالك محطات تأمل كثيرة، ومناطق مراجعة يقع عليها الكثير من المفكرين والكُتاب والسياسيين، يصلون في النهاية إلى أن الغرب استخدم العرب في حروب لم تكن لصالحهم، بل استنزفتهم، وصنعت ألغاماً كثيرة كلها انفجرت في المنطقة العربية والإسلامية.

من الذي يستطيع الآن أن يقول: إن العرب استفادوا من الحرب في أفغانستان ضد الاتّحاد السوفييتي، واستفادوا من الحرب العراقية الإيرانية، أَو حرب الخليج الثانية، أَو غزو الكويت، وقبلها أفغانستان، ومن يستطيع أن يقول اليوم: إن العرب استفادوا من المشاركة في المؤامرة على سوريا، ومساعدة الناتو في تدمير ليبيا، واليوم من يستفيد من الحرب على اليمن!! لا أحدٌ مطلقاً.

وبالتالي أية حرب مقبلة مع إيران ستدفع ثمنها المنطقة، وعلى السعودية أن تتأمل جيَدًا لردود الفعل الأمريكية والأوروبية تجاه انهيار نصف أرامكو، لقد باع الأمريكيون كلاماً، عندما حصحص الحق، قال ترامب لم تعد بلاده بحاجة لنفط الشرق الأوسط وعلى السعودية حمايةُ نفسها، وأن تدفع مقابل المساعدات التي تُقدم، بيد أنها لم ترد الهجوم على أَهَــمّ ما تملكه السعودية، بل وعمود الخيمة التي تجلس تحتها، أليس ذلك يتطلبُ قراراً صائباً، ويدفع إلى العدول عن هذا المسار الذي يبدد الجهدَ والمال؟!

“لغزُ” الهجوم على أرامكو يتفكّك لصالح الرواية التي أعلنها اليمن، وهو أنها هجماتٌ لدفع السعودية للتوقف عن الحرب عليه، فلماذا لا تتوقف هذه الحرب؟!، نسأل السعودية التي تعلم يقيناً أن الأمريكان لو كان لديهم أدلة قطعية أن وراء ذلك إيران لكانوا سلّموها للرياض، حتى هذه الأخيرة تتمنى أن لا يحدُثَ ذلك فهي غيرُ مستعدة للحرب وحدَها، وبالتالي المنطق والعقل يقول، إيقاف الحرب على اليمن سيكون حلاً مشرّفاً لكل الأطراف.

اللهم فاشهد.

You might also like