تمتمات في غسق الدجى .

 

إب نيوز ١٣ ديسمبر
رويدا البعداني

كل النوافذ موصدة ، أفتح بابًا وأغلقه على الوحدة وكل شي ساكن لاحراك ،
وحيد ومنسي كآنية أُفرغ ماءها لتظل عرضة للغبار والهواء العابر.

كشمس تغيب مع المساء بأردية قهرية ، مرهقة يجب عليها أن تنجز دورتها اليوميةمهما حدث لتستمر الحياة ،
فهاهو وميض القمر بدا مسترستلاً بفجاجة ، محتفل باكتمال بدره ، مستبشرًا بضؤه المتدلي كقنديل مضيئ يرسل بريقًا ليخفف وطأة هذا الليل وينفض عن أرواحنا هذه العتمة الساكنة …
وفجأة ..
أسمع قرع نعال قادمة ، أسمع همهمة موحشة عكرت سكون الليل وزعزعت أمن المكان ، لقد أتى ، ياترى من يكون ذاك
كان مصدراً للقلق رجل طويل القامة ،شاحب الوجه ، بملامح مهترءة ، بثياب ممزقة ، ببطن خاوية ،بُترت إحدى قدميه فأضحى يتوكأ على عصا ليكمل خطاه نحوي .

توجست داخلي من تلك النظرة ،وانتابني شعور أن أركض في جنبات الحي وأختفي في أحد الأزقة ،
لكنه اقترب رويدًا رويدًا فُلزم علي أن أساله من أنت ومن أي عالم أتيت ،وماذا تريد مني ؟
أجابني :
أنا رجل العالم الثاني ، رجل العالم المريض ، أنا الرجل الذي أنجبتني الحياة ، بلا أسمٍ بلانسبٍ ورعتني بلا ماء بلا مأوى ، وهاهي الآن تتركني منبوذاً في العراء أكابد هذا الليل وحدي ، جمعيهم تركوني الأصدقاء ،والأقرباء حتى الأوغاد وبقيت لي هذه العصا ،
أنا وحش الليل الخرافي ، وكوابيسه المفزعة هكذا قالوا ؟
.وأنتِ ماأسمك ولماذا أنتِ هنا أجيبيني مادمنا نستنشق الهواء الخانق نفسه ِ ،
أجبته أنا ؟؟! : من أنا حقًا أنا لاأعرفني ، مازلت أتساءل كل يوم هل أنا فعلًا أنا ، ماأعرفه عن نفسي أني قد طوقت الألم في أحشاء روحي مُنذ زمن ، لكني مازلت آمل أن هناك أمل في السقف وفي الأفق ينتظرني ،. أُيقن أن السعادة ستحتضن مساءي وغروبي ذات يوم ، هذا ماقد أستطيع أن أوافيك به ، ولي رجاءً منك قبل أن ترحل ، من فضلك أعرني أنيابك، فأنت وحش مسكين وهذه الأنياب ستؤذيك، فأمنحني حبة مهدئ لتلك الكوابيس المفزعة، إن كنت أنت سببها، ولك الشكر فلقد بعثت بداخلي أملاً وهو أن الحياة تستمر وتسير ولو على عصا.

انتهى

You might also like