عبدالباري عطوان : ضربتان إيرانيتان قويتان للقوات الأمريكية في العراق في الأيام الماضية..

إب نيوز ١٢ يوليو

عبدالباري عطوان : ضربتان إيرانيتان قويتان للقوات الأمريكية في العراق في الأيام الماضية.. ماذا يعني تنفيذ “سرايا ثورة العشرين” الثانية لاولى عملياتها لاخراج القوات الامريكية من العراق؟ وكيف يتوقع الجنرالات في اسرائيل طبيعة الانتقام الايراني للهجوم على مفاعل “نطنز” النووي؟

مني الوجود الامريكي في العراق بضربتين قويتين الاولى سياسية تمثلت في ادانة السيد اينيس كالامار المحققة الدولية لعملية اغتيال الجنرال قاسم سليماتي، رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني، باعتباره جريمة تشكل انتهاكا لحقوق الانسان، وفندت التبريرات الامريكية التي تتذرع بالدفاع عن النفس لاغتيال مسؤول رسمي ووصفتها بانها تطور خطير لانها لم تقدم اي دليل على مزاعمها بانه كان يعد لهجمات وشيكة على مصالح امريكية، اما الضربة الثانية فكانت عسكرية على درجة كبيرة من الخطورة، عندما قامت مجموعة مسلحة “مجهولة” باعتراض قافلة من ثلاث شحنات كانت تقل معدات عسكرية وسيارات وفي طريقها الى احد القواعد الامريكية غرب العراق، واشعال النار فيها.

ربما يكون تأثير تقرير السيدة كالامار محدودا لان سجل الجرائم وانتهاكات حقوق الانسان الامريكية هو الاضخم عالميا، ولكن تدشين جماعة جديدة لعملها ضد الوجود الامريكي في العراق بهذا الهجوم يجب ان يقلق بل ان يرعب القيادة الامريكية وحلفاءها، فإصدار حركة اطلقت على نفسها اسم “سرايا ثورة العشرين الثانية” بيانا اعترضت فيه بالوقوف خلف هذا الهجوم، والتهديد بهجمات اخرى، وتحذير العراقيين من العمل مع “المحتل” الامريكي، ربما يكون قمة جبل الثلج لحركة مقاومة قد تتعاظم في الاشهر والسنوات المقبلة.

 

***

ثورة العشرين الاولى انطلقت قبل مئة عام لطرد الوجود البريطاني من العراق، وجسدت تلاحما عراقيا لمختلف القوى، وتميزت بكونها عابرة للطوائف والاعراق، وربما لهذا السبب جرى اطلاق هذه التسمية، اي “سرايا ثورة العشرين الثانية”، على الحركة الجديدة، وحصر مهمتها باخراج القوات الامريكية وازالة جميع قواعدها في الاراضي العراقية تنفيذا لقرار برلماني صدر في كانون ثاني (يناير) الماضي ردا على اغتيال الجنرال قاسم سليماني رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري، وزميله ابو مهدي المهندس احد ابرز قاعدة الحشد الشعبي قرب مطار بغداد.

نفس القيادة الايرانية “طويل” ومن غير المستبعد ان يكون هذا الهجوم على الشاحنات الامريكية هو احد الرد الانتقامي الاولي، ليس للثأر من اغتيال الجنرالين سليماني والمهندس، وانما ايضا الرد على الهجمات التي استهدفت منشآة “نطنز” النووية واحراقها، واخرى ميناء نفطي في الجنوب، الاولى كان بصواريخ ادت الى احراقه، والثاني “سيبراني” متطور جاء ردا على ايراني مماثل على معامل المياه والمجاري في الدولة العبرية.

السلطات الايرانية لم تعلن رسميا حتى هذه اللحظة من الجهة التي تقف خلف الهجوم الخطير على منشأة “نظنز” لكن مصادر قريبة من قيادتها وجهت اصابع الاتهام الى دولة الاحتلال الاسرائيلي، وتوقعت ردا كبيرا في المستقبل المنظور، ربما يأتي مباشرا، او عبر الاذرع العسكرية الموالية لايران في اليمن ولبنان والعراق وقطاع غزة.

الجنرال الاسرائيلي المتقاعد يتسحاق بريك، قدم تفسيرا غير مسبوق لعدم اقدام ايران على الرد على الهجمات الاسرائيلية التي ضربت مواقعها وقواتها في سورية عندما قال في مقال نشره في صحيفة “هآرتس” “ان عدم الرد يأتي في اطار استراتيجيتها في التركيز على استكمال منظومة صواريخها الدقيقة، وتجنب خلق توترات وحروب صغيرة قبل انجاز عملهم، وينتظرون الوقت الملائم وصبرهم كبير جدا.

الاتفاق الذي وقعه قبل ايام الجنرال محمد باقري رئيس هيئة اركان الجيوش الايرانية مع محمد ايوب وزير الدفاع السوري في دمشق، وتضمن تزويد سورية بمنظومات صواريخ دفاعية ايرانية متطورة، وبعد ايام قليلة من الهجوم على منشآة “نظنز” النووية قد يأتي في اطار الاستعداد للانتقام الكبير من “العدوان” الاسرائيلية المتكررة.

الجنرال بريك كتب في المقال نفسه ان هناك 200 الف صاروخ موجهة حاليا الى المراكز السكنية، واهداف عسكرية، وبنى تحتية ومراكز طاقة، ومياه في العمق الفلسطيني المحتل، واسرائيل لا تملك القدرة على التصدي لثلاثة آلاف صاروخ يوميا سواء من ايران او اذرعها العسكرية خاصة من “حزب الله”.

***

عمر الوجود الامريكي في العراق بات قصيرا جدا، ومثلما نجح المقاومون العراقيون في قتل خمسة آلاف جندي امريكي واعطاب 35 الفا آخرين في حرب استنزاف انطلقت بعد اليوم الاول لاحتلال العراق عام 2003، فان حرب الاستنزاف الجديدة التي احرقت سرايا ثورة العشرين الاولى شاحنها الاولى، لن تتوقف حتى ينسحب آخر جندي امريكي من العراق.

اما الانتقام للهجوم على منشأة “نظنز” النووية فهو قادم حتما، لان الصمت وعدم الرد عليه يشكل احراجا للقيادة الايرانية امام شعبها، خاصة في ظل تفاقم اضرار الحصار الامريكي، مما قد يحقق الاهداف الامريكية في ثورة شعبية تطيح به، فالصمت وعدم الرد على الغارات الاسرائيلية على اهداف في سورية شجع الاسرائيليين على التمادي فيها، ولكن الغارات والضربات واستهداف منشآت نووية في العمق الايراني، وفي وضح النهار، امر مختلف، فقد “وصلت السكين الى العظم”.

الايام المقبلة ستكون حافلة بالمفاجآت لان سياسات الحصار التجويعي لايران وحلفائها في لبنان واليمن والعراق وقطاع غزة بدأت تعطي نتائج كارثية على الشعوب التي لم تعد تتحملها، وتجد الوسائل للتعايش معها، في ظل غياب اي يد للعون محليا اواقليميا او دوليا.. والله اعلم.

You might also like