ســنــعيش

إب نيوز ١٦ إبريل
———————-

عــــفاف البعداني

إن لنا في آيات الله عبرا عظيمة ودلائل شتى، وكلما وجد الإدراك الكلي للآيات ،كنت من الله أقرب، وعن شقاء الدنيا أبعد ، وكم أغبط أولئك الذين يفهمون كلام الله حين يقرؤونه، فلست بتلك التي تعي كل تفصيل في القران ، ولست من المفسرين قط وإنما من باب التمني والشعور فعندما مررت بهذه الآية ، لقد قرأت قول الله :

(( 143 قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ 144 )) الأعراف .

أصبت بقشعريرة مفاجئة ، وسقطت دموع ليست غزيرة ولكنها بطيئة خفيفة تتوق لشيء آتٍ من السماء، تُرى أي اصطفاء هذا الذي خص الله به نبيه ، لقد خاطب الله موسى -عليه السلام – بكلامه ، تخيلت نبينا موسى في أرض هادئة ، وسكون مبتهج ، يقف ليسمع كلام الله، أي عظمة حظي بها، أي شعور انتاب نبينا موسى وكيف كان قلبه آن ذاك هل ظل بمكانه أم أنه طار يبحث عن الله من خلال فضائه وكلامه، وماهي طبيعة الساعات التي قضاها بعد كلام الله .

كم مقدار الشوق الذي جرده من الحياة تماما، وكيف كانت رؤيته للناس ولتبعات الحياة في الأفق والسطح بعد ذلك، فالله بعظمته الذي وسع كل شيء وخلق كل شيء وتحبه كل الموجودات اصطفاه ، أي حب هذا الذي شرف الله به نبيه أن يكلمه ، بعد أن كانت السنة الإلهية هي أننا سنرى الله ونسمعه ولكن بعد الموت، لكن -سيدنا – موسى حظي بخطاب الله قبل موته ، ولاعجب بأن يطمع سيدنا موسى بعدها في رؤيته، وحكمة الله اقتضت ألا يراه ، وظل السؤال حبيسا في ذهني هل بقية الكائنات من السماء والفضاء ، والرمال، والجبال والبحار ، أُذِنَ الله لها بسماع خطاب الله أم أن نبينا هو المصطفى بالكلام وحده.

حينها استبد بي القلق والهم في كوننا بعيدين عن الخُلق النبوي، والصفات المحمدية، لكن الشوق لم يكتم نفسه فيني بل استمر وهو مصر في داخلي للوصول إلى محبة الله واصطفائه مهما كان الذنب ومهما بعدت المسافة، وبأي طريقة فيكفيني لطف الله وأن أراه في قلبي مع كل نَفَسْ تمنحه لي الحياة ، لن نصل لمرتبة الآنبياء وهذا معلوم ومؤكد فهم فئة سلمت لله روحها وحياتها بصدق ويقين، ولكن نريد أن نحظى ولو بلحظة ولو بثانية قضاها العارفين بالله في سطح هذه الأرض المتثائبة ، ولعل الصوفيين هم أقرب لهذه الرغبة وهذا ماجعلني أهيم بقصصهم وحياتهم وكأني أفتش بينهم عن دلائل تعرفني بالله وطرق تجعلني أرى وأسمع الله قبل الموت .

إننا في هذه الحياة أشبه بكرة تتدحرج بمشيئة القدر وولوجات النفس المُسّيِرة، دون توقف من هنا إلى هناك وأحيانا إلى حيث لا نعرف ، نصاب بخدوش وتستوقفنا أشواك طبيعية لكننا مستمرون، نخوض معارك البقاء بجدية مع ذاك الشيطان ، نريد الاطمئنان على أية حال، ومع مرور العمر نصاب بالهشاشة، وتزداد حاجة ليد حانية من السماء تضمد كل جروحنا وتمنحنا طاقة كافية لمواصلة الحياة المتبقية .

 

You might also like