الطفولة والوحش ..!

إب نيوز ٤ يوليو
“فيلم وثائقي”

كتابة وإعداد/فاطمة محمد المهدي.

بين مطرقة الحرب والحصار والتجويع ، التي تمسك بها أمريكا وإسرائيل وتحالف الشر ، وسنديان الفقر والمعاناة الذي تحمله منظمات الأمم المتحدة وحقوق الإنسان واليونيسيف وغيرها ، يقف الطفل اليمني بنظرة عزيمة ، وإبتسامة ساخرة ، رافعا يدهُ بعلامة النصر أو الشهادة.

فيما تستمر عملية الطرق بلا رحمة ولا هواده على رأسه،
سبع سنوات عجاف ، تأكل فيهن دول وتحالفات سمان الأخضر واليابس في هذا الوطن، ولكن وجبتها المفضلة هي الطفل اليمني.

الطفلة إشراق المعافا، بالزي والحقيبة المدرسية وقارورة الماء ، وهي مرمية على قارعة الطريق ، بقدم مبتورة ، وقد ارتقت روحها شهيدة نتيجة قصف قوى العدوان الصاروخي ، وهي في طريقها إلى المدرسة ، هذه ليست إلا صورة الغلاف لألبوم يمتلئ بمئات الأطفال الشهداء ، وآلاف الأطفال الجرحى ، وملايين الأطفال الذين يتهدد تحالف دولي طفولتهم ومستقبلهم.

هنا اليمن، هنا غزة الكبرى، هنا كربلاء العصر يواجه فيها حسين الطفولة أشرس معركة في مواجهة الطغيان العالمي ، الذي يتشدق بمبادئ وقيم وشعارات حقوق الإنسان والطفل ، وهو أول من ينتهكها ، ويغتصبها ، ويقتلها.

فالأمم المتحدة هي التي تقدر من فقدوا مصدر رزقهم بنحو 17 مليون يمني، أصبحوا ضمن نطاق الفقر في البلاد وبحاجة ماسة إلى المساعدات الإغاثية، حسب ما ورد في تقرير لها ، هي نفسها الأمم المتحدة التي تساهم بصمتها ، بل وتعاونها مع تحالف العدوان الصهيوأمريكي في حصار وتجويع الشعب والحرب ضده، دون أن تضع اعتبارا لهؤلاء الـ 17 مليون يمني كما تقول ، الذين بدون أعمال ،وبالتالي لأطفالهم، بدون إعالة ، وبدون تعليم ، وبدون علاج …!!

في الوقت الذي تتباهى فيه اليونيسيف مع البنك الدولي، بتزويد 1.5 مليون عائلة من أفقر العائلات في البلاد بالمساعدات النقدية الطارئة لكي تعين هذه العائلات على تدبير أمورها.
هذا ما أعلنته بالنص اليونيسيف على موقعها ، معتبرة مبلغ 4 دولارات شهريا تقريبا أو سلة غذائية لا تتجاوز قيمتها 20 دولارا كل 3 أشهر مساعدة كافية لأسرة – أيا كان عدد أفرادها – كغذاء وتعليم وصحة …!!!

في تصريح صدر عن (خِيرْت كابالاري) المدير الإقليمي لليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، في ختام زيارته لليمن ، بتاريخ 5 كانون الأول/ديسمبر 2018 ، قال : “من شأن الظروف المعيشية لأطفال اليمن أن تجلب العار على البشرية، لا يوجد عذر لمثل هذا الوضع السوداوي في القرن الـ 21.
الحروب والأزمات الأقتصادية وعقود من التراجع في التنمية لا تستثني أي فتاة أو فتى في اليمن، معاناة الأطفال هذه كلها من صنع الإنسان.

وأضاف في تصريحه :
” إن أكثر من 6,700 طفل قُتلوا أو أُصيبوا بجراح بالغة، بينما اُجبر حوالي 1.5 مليون طفل على النزوح ، العديد منهم يعيشون حياة بعيدة كل البعد عن الطفولة.

“اليوم في اليمن” -يستطرد (خِيرْت كابالاري) -” هنالك 7 مليون طفل يخلدون للنوم كل ليلة وهم جياع، وفي كل يوم يواجه 400 ألف طفل خطر سوء التغذية الحاد ، ويتعرضون لخطر الموت في أي لحظة، في حين أن أكثر من 2 مليون طفل لا يذهبون إلى المدرسة، أما الذين يذهبون إلى المدرسة ، فيتلقون تعليما ذا جودة متدنية داخل صفوف مكتظة “.

فماذا كانت النتيجة بعد هذا التصريح وأمثاله؟

حصار أشد واقسى، استمرار في التصعيد والحرب على اليمن، ومحاولة دائبة لأخضاع وتركيع الشعب اليمني، واستمرار استهداف أطفال اليمن غذاءً وصحةً وتعليما و بقاءاً.

فمنذُ أول لحظة في العدوان على اليمن ، تم وبكل عنجهية واستخفاف ، وعلى مرأى ومسمع العالم حكومات ومنظمات وشعوبا ، استهداف الطفل اليمني قصفا وتجويعا وتشريدا ، ماديا ومعنويا، دون أن يحرك العالم ساكنا.

وفقا للتقارير والإحصائيات حتى نهاية عام 2019 فإن :

– أكثر من 7732 طفلًا سقطوا بين شهيد وجريح بسبب صواريخ التحالف.

– ما يقارب 2.5 مليون طفل دون الخامسة أصيبوا بسوء التغذية بسبب حصار التحالف المفروض برا وبحرا وجوا على اليمن.

– عشرات الآلاف من الأطفال مصابين بأمراض خطيرة عجز أهاليهم عن إخراجهم للعلاج للخارج بسبب إغلاق التحالف لمطار صنعاء الدولي.

أما فيما يتعلق بقطاع التعليم، والإستهداف المباشر للعدوان على المدارس والمنشآت التعليمية فقد بلغت حسب التقارير والإحصائيات :
3526 مدرسة ومنشأة تعليمية تم استهدافها ، إجمالي عدد طلابها مليون و 879 ألفا و 825 طالبا وطالبة.
منها 402 مدرسة مدمرة كليا،
فضلا عن استشهاد المئات من الطلاب والعاملين في قطاع التربية.
وتضرر أكثر من أربعة ملايين و 435 ألفا و 400 طالب وطالبة في تعليمهم.

اليونيسيف ، اليد التي تطبطب على ضحية اليد الأخرى ، رغم ما تقدمه من مساعدات إغاثية ودعم فيما يخص بعض شؤون الطفل اليمني ، وخصوصا التعليم، إلا أن ذلك ليس كافيا، وهل يصلح العطار ما أفسد العدوان؟!

تناسى العالم إتفاقية حقوق الطفل التي وقعت عليها دول العالم، وأقرتها الأمم المتحدة في نوفمبر عام 1989، أو ربما طفل اليمن وأطفال دول ما يسمى العالم الثالث ، مستثنون منها.

المادة 38. من الإتفاقية تقول :
يحق للأطفال الحصول على الحماية أثناء الحروب، ولا يجوز إشتراك الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة في الجيش أو في الحروب.

لكن الطفل اليمني ، بدلا من الحصول على الحماية، يحصل من التحالف الأممي على القصف والقتل والتشريد والمعاناة والحصار والمرض.

ودون التشعب في حكم الأديان أو الأعراف والمبادئ الإنسانية الوضعية، فالفطرة الإنسانية الموجودة بداخل كل الناس من كل الأديان والأعراق والجنسيات بل وحتى الغريزة الحيوانية ، تدين وترفض الإساءة للأطفال بأي شكل من الأشكال، لكن هذا التحالف ، تحالف قوى الشر، تجاوز حتى الفطرة الإنسانية والغريزة الحيوانية.

ورغم ما تعانيه وتتحمله الحكومة اليمنية في المناطق المحررة ، من أعباء الحرب والحصار، إلا أنها تعمل جاهدة منذ بداية العدوان وبمعية شرفاء وأحرار اليمن افرادا ومؤسسات، على احتواء الطفل اليمني ، ورعايته ، وخصوصا أطفال الشهداء ، والأيتام ، والنازحين.
علما منها بأن الطفل هو غرسة المستقبل الواعد بعد تحقيق النصر ، وتحرر الوطن من التبعية والوصاية الخارجية، هذا الطفل الذي رغم وحشية وبشاعة وقسوة الحرب والعدوان عليه، والمعاناة الإقتصادية ، ظهر بكل شجاعة وصمود وشموخ لا نظير له، بحيث تجده يذهب للمدرسة ، ويعمل في الوقت نفسه في أوقات معينة ، بما يتناسب مع سنه وقدراته.

ومع ذلك ، ما يزال الطفل اليمني داخل دائرة الخطر، تترصده وحشية عدوان أممي همجي ، عسكري واقتصادي.
كما ترصدت من قبل الطفلة إشراق، وترصدت أطفال ضحيان ، في طريقهم إلى المدرسة.
وكأنما هي رسالة يوجهها هذا الوحش لأطفال اليمن تقول :
” أنا أخاف منكم، أخاف من نظراتكم الشامخة، أخاف من ابتساماتكم وضحكاتكم الشجاعة،أخاف من دقات قلوبكم النقية، أخاف من وعيكم، أخاف أن تذهبوا للمدرسة، وأن تتعلموا ، وتفهموا ، وتبنوا، أخاف اليوم من أقلامكم ودفاتركم ، التي ستتحول غدا إلى بنادق ، وطائرات ، وصواريخ تدمرني،
أخاف من انتقامكم”.

وكما في أمريكا والعالم يستمر مسلسل (الجميلة والوحش) ،
تستمر هنا معركة : (الطفولة و الوحش).

الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام

.

You might also like