تعود بنا الذكرى

إب نيوز ١٩ يوليو

جهاد اليماني

في هذا اليوم العظيم: يوم عرفة تعود بنا الذكرى.
ذكرى تلك الأيام الروحانية الجميلة؛ حين كان حجاج بيت الله الحرام في مثل هذا اليوم يقفون في عرفات الله.
أتذكر كيف كنا نتسمر أمام المذياع منذ الصباح، وقد وضعنا المؤشر على إذاعة صنعاء؛ لنستمع للنقل الحي والمباشر لتلك المشاعر الروحانية في عرفات الله.

المكان يزدحم بالحجيج، و(لبيك اللهم لبيك) تخطف الأفئدة والأرواح فمضمونها عظيم ووقعها لطيف؛ يشعر بالقرب من الحبيب الأزلي الذي دعا فلباه المشتاقون وأجابهُ الصادقون، وتراتيل الدعاء تملأ سمع الزمان والمكان؛ فتتسارع النبضات وتتوق النفوس وتتلهف الأرواح وتحلق المشاعر عند تلك المشاعر المقدسة؛ تتفيأ ظلال السكينة والرحمة الألهية…
وفي تلك الأثناء نشاهد ونسمع بعين القلب احتفاء الكون من شمس وقمر وحجر وبشر وملائكة بأولئك الحجاج الأبرار الذين تجردوا من المخيط وتجردوا من نوازع النفس وخطرات الهوى؛ ليلبسوا ثياب الإحرام مصحوبا بلباس التقوى، ووقفوا على اختلاف بلدانهم وألوانهم ولغاتهم على صعيد واحد، يجمعهم حب الله والخوف منه والتوق إلى رضوانه ومغفرته.. فيستجيب السميع القريب لنداءاتهم ويغفر ذنوبهم ويقضى حوائجهم و يباهى بهم ملائكته ….

كان يوم عرفة يوما مميزاً على سائر أيام العام؛ بتلك الرحلة الروحية إلى عرفات الله، وكم كنا ننتظر بشغف كبير مراسل إذاعة صنعاء ليلتقط لنا بكلماته الإيمانية صورة مصغرة عن تلك اللحظات العظيمة في ذاك المكان الطاهر المقدس…
نبقى في الاستماع حتى إذا ما قضيت صلاتي الظهر العصر جمعا وقصرا في مسجد نمرة؛ تتلاشى تلك الفرحة والبهجة شيئا فشيئا ليحل محلها الحزن والوجع؛ حين يقف المدعو: آل الشيخ خطيبا بين جموع الحجيج!

تعرفون السبب بالتأكيد؛ فجميع المسلمين( من غير الطائفة الوهابية التكفيرية) يسوءهم ويحزنهم التكفير والتفسيق والتبديع ولغة الحقد والكراهية التي تنبعث من كلماته المسمومة… فطالما ردد وكرر وأعاد هذه النغمة: (عباد القبور)!!
قاتلك الله !!!
هل اطلعت على قلوبهم؟ هل كُشف لك ماتنطوي عليه ضمائرهم ؟هل شاهدت مكنون صدورهم؛ فتأكد لديك أن من يزور قبرا لولي من أولياء الله قد اتجه إليه بالعبادة؛ لتقول ما قلت كذبا وظلما وافتراء ؟!!

من الغريب والمثير للدهشة حقا هذا التصرف المقيت الذي يثير الإنقسام ويعزز الفرقة في هذا المكان الطاهر المقدس الذي جمع المسلمون في صعيد واحد ..
أما كان الأحرى به وقد أجتمع الحجيج من شتى اصقاع الأرض؛ يهتفون باسم الله الواحد الأحد لا يشركون به شيئا- أن يسعى لجمع الكلمة، وربأ الصدع، وإذابة الجليد، وتضييق الفوارق ولملمة الصفوف، وردم الفجوة، وتوحيد كلمة الأمة؛ لتقف في وجه أعدائها صلبة العود متماسكة البنيان…

أم أن أولياءه من اليهود والنصارى قد أزعجهم وأفزعهم وأرعبهم وأخافهم منظر الحجيج مجتمعين ؛فأوعزوا إليه بتلك المهمة التمزيقية التي تطعن بخناجرها المسمومة في صدر الأمة فتمزق شملها وتقطع أوصالها..

إنها اللعبة الماكرة والخطة الشيطانية الخبيثة لليهود والنصارى الذين فرضوا اليوم على خائن الحرمين أن يصد عن بيت الله ويقدّم الحج بصورةٍ هزلية مبكية، ويفرغه من مضامينه ومقاصده؛ تمهيدا لمنعه نهائيا!! وسط صمتٍ مخزى لعلماء المسملين ومن يهمهم أمر الأمة باستثناء بعض الأصوات الحرة المؤمنة !!

نشاهد اليوم بقلوبٍ مكلومة وأرواحٍ دامية الكعبة المشرفة تلفها الغربة وتكتنفها الوحشة؛ وقد أحاطوها بالأسوار ومنعوا المحبين والوالهين والتواقين من الإقتراب منها!!
ليت شعري هل أصبح بيت الله موبوءاً بالفيروسات وخافوا على أنفسهم ألا ينقل إليهم العدوى أم أنهم يخافون عليه أن يصاب بذلك بالفيروس المزعوم !!
بينما نشاهد دور السينما والبارات والمراقص ودور الترفيه تكتض بالمترفهين والمترفهات بلا حسيب أو رقيب!!

حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم عجل بالنصر لأوليائك؛ ليطهروا بيتك الحرام ويقيموا أركان دينك بعد أن هدم آل سعود وعلماؤهم الوهابيون ركنه الخامس تمهيدا لهدم بقية الأركان إرضاءً لأعدائك من اليهود والنصارى.
لكن ذلك لم ولن يكون مادمت سندنا وعوننا ونصيرنا يا ناصر المستضعفين و ياارب العالمين.
لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ..
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد والحمد لله على ما هدانا وأولانا وأحل لنا من بهيمة الأنعام..

You might also like