عبدالباري عطوان : هل سيلجأ “حزب الله” الى الناقلات الإيرانية كخيار أخير لإنقاذ اللبنانيين

إب نيوز ٢٣ يوليو

 

عبدالباري عطوان :
هل سيلجأ “حزب الله” الى الناقلات الإيرانية كخيار أخير لإنقاذ اللبنانيين من الموت جوعا أو عطشا؟ وكيف سيكون الرد الأمريكي الإسرائيلي.. ضربها في عرض البحر واشعال فتيل حرب إقليمية بالتالي؟ ولماذا قد يكون استشارات الرئيس عون البرلمانية المؤشر لمفاجآت المرحلة المقبلة؟
لم نبالغ عندما قلنا في مقالة سابقة نشرناها في هذا المكان قبل أسبوع بأن اعتذار السيد سعد الحريري عن عدم تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة يأتي بتحريض امريكي لزيادة حدة التأزيم في البلاد، وبما يسرع من انفجار الحرب الاهلية لاستنزاف المقاومة، واشغالها عن الخطر الإسرائيلي الأكبر الذي يهدد لبنان والمنطقة، فحزب الله وصواريخه هو قوة الردع الأكبر لهذا الخطر.
اليوم الجمعة حدث تطوران مهمان يؤكدان فصلين جديدين من فصول هذا السيناريو:
الأول: تحذير منظمة “اليونيسف” التابعة للأمم المتحدة من انهيار وشيك جدا في شبكة امدادات المياه نتيجة توقف مضخاتها عن العمل لعجز الحكومة عن تسديد تكاليف الصيانة بالدولار، ونفاد المحروقات اللازمة لتشغيلها، مما يعني ان أربعة ملايين لبناني ومليون لاجئ سيواجهون احتمالات الموت عطشا، والكلام لليونيسف.
بعد انهيار قطاع الكهرباء والاتصالات، ووصول سعر الليرة الى 25 الفا مقابل العملة الامريكية، بات الشعب اللبناني او اكثر من 80 بالمئة منه تحت خط الفقر، ومواجهة الموت عطشا او جوعا او الاثنين معا.
الإدارة الامريكية الجديدة وعملاؤها في المنطقة، والداخل اللبناني تحديدا يقفون خلف هذا المخطط التأزيمي، فهذه الإدارة التي باتت سفيرتها في بيروت تتصرف كمندوب سام توزع الأوامر على معظم النخبة السياسية في لبنان، وتحرض على الحرب الاهلية بشكل مباشر او غير مباشر، وتسافر الى الرياض لبحث الازمة اللبنانية مع المسؤولين فيها، هذه الإدارة هي التي تمنع وصول المحروقات الى لبنان، وتهدد بفرض عقوبات قاسية في حال استيراده للنفط الإيراني لحل الازمة.
السيد حسن نصر الله امين عام حزب الله اعلن في اكثر من خطاب في الأيام الأخيرة عن استعداده لترتيب وصول ناقلات نفط إيرانية الى مرفأ بيروت محملة بملايين البراميل من المازوت والبنزين ودفع قيمتها بالليرة اللبنانية، ولكن الحكومة اللبنانية رفضت هذا العرض خوفا من العقوبات الامريكية.
هناك أنباء تتردد بقوة هذه الأيام في بيروت تؤكد ان اللجوء الى ناقلات النفط إلايرانية قد يكون بمثابة آخر العلاج لمنع حدوث الكارثة، وإنقاذ الشعب اللبناني، ووضع حد لآلامه التي لم تعد تطاق.
والسؤال الذي يطرح نفسه يظل يدور حول رد الفعل الأمريكي والإسرائيلي المتوقع في هذه الحالة، وهل سيتم احتجاز هذه السفن في البحر، او قصفها في مرفأ بيروت، وكيف سيكون رد ايران وحزب الله على أي هجوم؟
لا نملك أي إجابة على هذه الأسئلة الافتراضية، ولكن ما نعرفه ان أي محاولة لضرب هذه الناقلات او احتجازها سيواجه برد فعل قوي، تماما مثلما حدث عندما حاولت السفن والطائرات الامريكية اعتراض ناقلات إيرانية تحمل نفطا الى ميناء بانياس السوري، في ذروة ازمة محروقات مماثلة، حيث رافقت سفن حربية روسية هذه الناقلات لحمايتها من أي اعتداء، ووصلت الرسالة، وابتعلت الحكومتان الامريكية والإسرائيلية تهديداتهما، واختفت ازمة المحروقات، وتراجع طول طابور السيارات امام محطات الوقود السورية.
“حزب الله”، وحسب معلومات مصادر مقربة من قيادته اكدت لنا ان قيادته واعية تماما لهذا السيناريو الأمريكي، ولهذا لن تنجر الى مصيدته الكبرى، أي الحرب الاهلية، وتهبط الى مستوى الأدوات المحلية التي قد تشعل فتيلها، ولكنها سترد على رأس الافعى، أي دولة الاحتلال الإسرائيلي، ولعل اطلاق صاروخي كاتيوشا قبل العيد على مستوطنات إسرائيلية في الشمال الفلسطيني المحتل، هو احد الإنذارات المهمة في هذا المضمار.
***
بعد انتصار “سيف القدس” الكبير والتاريخي، والحاق فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة هزيمة مذلة بجيش الاحتلال، واجبار قيادته على الهرولة الى واشنطن والقاهرة استجداء لوقف سريع لإطلاق النار، لم يعد قرار اعلان الحرب او وقفها في يد الإسرائيليين وانما في يد رجال محور المقاومة، وان حاجز الخوف او التردد من تبعات البدء في اطلاق الصواريخ قد انكسر.
المقاومة اللبنانية التي هزمت إسرائيل مرتين، الأولى عام 2000 والثانية عام 2006 لن تسمح بموت اللبنانيين جوعا او عطشا، والا ما فائدة سلاحها في هذه الحالة، ولا نستبعد ان يكون الأسبوع المقبل أسبوع الحسم في لبنان ولعل الاستشارات التي سيجريها الرئيس عون مع الكتل البرلمانية اللبنانية ستكون البلورة السحرية التي قد تعطي المؤشرات أو التنبؤات لملامح المرحلة المقبلة، تهدئة او حربا..  والله اعلم.

You might also like