إسترداد الجزيرة العربية.هل سيفعلها الخليجيون؟.

إب نيوز 16-سبتمبر

 

الخضر سالم بن حليس
?هل يمكنني أن أغرد خارج السرب ؟. اعتبروه كذلك .. لكني أعتبره في صلب الموضوع وأجده أصبح وأمسى ملحا أكثر من أي وقت مضى. الحديث عن توحيد الخليج العربي واليمن لا ينقصه سوى إرادة سياسية عملاقة تمتلك الشجاعة الكافية لتقدم أمن الأمة العربية والإسلامية وهويتها وعقيدتها، والأخذ بزمام قيادتها، على كافة مصالحها، وأعتقد أن هذه الشجاعة تتشكل اليوم بصورة متزايدة يدركها أولئك الذي يمتلكون مسجات عالية الإحساس بطبيعة الخطر القادم ينوي الاستئصال، ووضوح الزحف الإيراني بالعين المجردة أكثر من أي وقت مضى والذي أصبح يطعن في العمق الخليجي من الداخل ويأتي على أجزاء واسعة من مصالحة وأراضيه وفكره.

?تمكنت إيران من تسمية الخليج باسم “الخليج الفارسي” على منصة الخرائط العالمية فجعلت ذلك واقعا افتراضيا يكسبها صورة بانورامية عالية الدقة تخزنها في عقلها الباطن كلما رأتها، وتشد أتباعها لنقلها من Google Maps وجعلها حقيقة على الأرض، واعتقد أن الأحلام تؤول إلى حقائق بقليل من الجد والمثابرة والتخطيط وهو ما لا ينقصهم. فإيران الجديدة تعتمد على سياسة حرب الكائنات الفضائية خارج الكواكب، أي القتال لكن خارج أراضيها وبأشخاص ليسوا من أهلها. فقط تكتفي هي برسم الخطط الاستراتيجية والعقول المدبرة وتشكيل العقل الباطن خاصتها لدى مقاتليها خارج الحدود، وثَمَّ قليل من التمويل على دفعات مدروسة. وها هي عبر تلك السياسة الاخطبوطية، والتكتيكات الذكية تحاصر الخليج العربي من ثلاث جهات والرابعة تتشكل في الداخل عبارة عن جماعات شيعية تنمو بشكل متزايد في البحرين والكويت والامارات والمنطقة الشرقية في السعودية.

?يحكى أن الخليجيين استدعوا أمريكا لإسقاط نظام صدام في 1991م ودفعوا لهم فاتورة الاستقدام كاملة، لكن أمريكا لم تسلم لهم العراق الذي دفعوا ثمن استلامه مقدما، بل سلمتها لعدوهم الإيراني على الضفة الأخرى، وتمكنت إيران من احتلال العراق والعبث بأمنه، بينما حافظت على نفسها بعيدا عن صلب المعركة التي قادت زمامها على أرض العراق.

?كانت نشوة الانتصار بفتح العراق قد أنست الخليجيين دورهم فيه مستقبلا بينما قطفت إيران الثمرة بدون أي خسائر أو فواتير؛ فقد كانت جهوزيتها بخططها ورؤاها أقنعت الأمريكيين فجعلتهم يديرون ظهورهم لأصحاب الرعاية وتسلم للمتابعين عن بعد المترقبين لحظة الانتصار.

?لم يتعلم الخليجيون للأسف من الدرس الساخن في العراق فيما بعد، فتأخروا كثيرا عن سوريا فألقت إيران بسحرها الكبير هناك بينما كان موسى الخليجي غائبا يوم الزينة، ليصبح الساحر الإيراني هو المحرك الفعلي على تلك الساحة الساخنة واللاعب الذي لا يمكن تجاهله. كان حزب الله من جنوب لبنان يمد ساحة المعركة الشامية بآخر مقاتليه الرقميين لياقة وتدريبا، بينما كانت استثماراته الاقتصادية تنمو في الخليج على نحو متزايد.

في الآونة الأخيرة أطل الوجه الحقيقي للأمريكان مجردا من أصباغ التجميل المتمثل في “دونالد ترامب” ليطلق تصريحاته الواضحة مجردة من لباس الدبلوماسية والذوق. “الخليج لا قيمة له ولا وزن وسنطلب منهم تسديد فواتير ما نرغب نحن بتنفيذه” قال ترامب.

تحرك الكونجرس الأمريكي في الساعات الماضية ليمنح الضوء الأخضر لأسر ضحايا الحادي عشر من سبتمبر ـــ والتي لم تكشف التحقيقات إلى اليوم من هو الجاني الفعلي ـــ لمقاضاة السعودية على جريمة لم ترتكبها ولا تعرف عنها شيئا.

كل تلك الكمية الجيدة من المؤشرات وعناصر الضغط تحتم على الخليجين إعادة اكتشاف مواطن القوة التي يملكون واستدعاء الأفكار العملاقة التي كانت عوامل التعرية الخارجية تصيبها بالتصحر، وتمنعها قيود الصداقة الأمريكية الناعمة من الانطلاق.

تملك إيران كثافة سكانية تحتل المرتبة 19 عالميا بعدد سكان 79,519,600 وهو عدد تعتقد الجمهورية الفارسية ــ إضافة لموقعها الجغرافي الحساس ــ أنه يؤهلها باحتلال موقع عالمي ينافس الكبار فهي تستدعي مملكة فارس القابعة في حقب التأريخ أو ما كان يسمى بالإمبراطورية الفارسية أو الدولة الكسروية التي تأسست عام 559 ق.م. بواسطة كورش. والتي كانت تعتبر من أعظم وأكبر الدول التي سادت المنطقة قبل العصر الإسلامي، حتى فاقت الإمبراطورية البيزنطية في الشهرة والقوة، تستدعيها من عقلها الباطن باستمرار، تمدها بصورة محيطية عامة وخرائط ذهنية تمكنها من امتلاك رؤيتها القادمة ما يؤهلها لالتهام دويلات الخليج المتناثرة على الأطراف والتي غابت عنها الرؤية الفكرية المنسجمة وأرهقها التفكير الذاتي الخالص.

لن يواجه هذا الثقل الكبير إلا بثقل مماثل يتسم برؤية واحدة واستراتيجيات متناغمة وهذا يحتم على المملكة العربية السعودية بقيادتها الجديدة وهي صاحبة الثقل الكبير في الجزيرة العربية لقيادة عملية اندماج تام بين دويلات الخليج واليمن كمرحلة أولى ثم تليها دول الهلال الخصيب كمرحلة ثانية لإعادة رسم خارطة الجزيرة العربية من جديد.

لقد أصبحت هذه العملية الخيالية ملحة أكثر من أي وقت مضى، وإلا فإن الاخطبوط الإيراني في قاع الخليج إنما أطلق أذرعه فقط إلى السطح.

ويبدوا لي أن خيال هذا الاندماج قد بدء بمحاولة الاتحاد الإسلامي، وتشكيل قوة عسكرية موحدة، وتحالف عربي عسكري آخر لاسترداد اليمن. وهي خطوات تدفع بهذا الاتجاه الذي ينقصه التنظيم والاتساق.

شبه القارة العربية أو كما نعرفها تأريخيا جزيرة العرب. منطقة حساسة عالميا وتعلب دورا جيوسياسيا خطيرا في الشرق الأوسط والعالم لما تملك من نقاط القوة العملاقة ومساحتها التي تغطي نحو 3,237,500 كم² (1,250,000 ميل²) والتي بدأت إيران في التهام أجزاء كبيرة منها واحتلال بعضها فكريا وثقافيا.

يبلغ سكان الدول الخليجية الست حسب تقديرات 2007م، نحو 31 مليونا و691 ألفا و474. ويقدر عدد سكان اليمن بـــــ 26.687.000 نسمة. بما يصل إلى 58 مليونا تقريبا. وهي قوة بشرية لا يمكن تجاهلها إضافة لما تملك من نقاط فولاذية أُخر كالاقتصاد.

إن هذا المؤشر الجغرافي والسكاني يدل على مواصفات ممتازة وقدرات هائلة وعدد سكان جيد لقيام تلك القوة العملاقة التي لا ينقصها سوى الرؤية الفكرية والاستراتيجية العسكرية المنافسة وقبلها إرادة سياسية لا تعرف شيئا اسمه المستحيل.

لقد ولدت الإرادة الخليجية العربية في 25 مايو 1981م مجلس التعاون الخليجي، وأعتقد أن هؤلاء القادة اليوم قادرون على توليد إرادة جديدة أكبر وأعمق من تلك التي حدثت قبل 38 عاما لعملية استرداد الجزيرة العربية واستعادة دول الهلال الخصيب “العراق وسوريا ولبنان وفلسطين”. ولعل في ضمير الملكية المشار إليه في محتوى الحديث النبوي الصحيح (شامنا ويمننا) ما يؤكد عمق هذا الانتماء.
فهل يفعلونها؟

You might also like