أمراء من آل سعود يسعون إلى تنصيب أحمد بن عبدالعزيز بدلاً من إبن سلمان(التفاصيل)

إب نيوز ٢٢ نوفمبر


 

وسط الضجة العالمية التي أثارها مقتل الصحافي جمال خاشقجي، قالت ثلاثة مصادر على صلة وثيقة بالديوان الملكي في السعودية لوكالة «رويترز»، إن بعض أفراد أسرة آل سعود الحاكمة بدؤوا نقاشاً هدفه الحيلولة دون ارتقاء الأمير محمد بن سلمان -ولي العهد- عرش المملكة.

وقالت المصادر إن عشرات الأمراء وأبناء العمومة من الفروع ذات النفوذ في أسرة آل سعود يريدون تغيير ترتيب ولاية العرش، لكنهم لا يريدون التحرك في حياة الملك سلمان بن عبدالعزيز (82 عاماً).

ويدرك هؤلاء أن من المستبعد أن ينقلب الملك على ابنه الأثير. غير أن المصادر تقول إنهم يتناقشون مع أفراد آخرين من الأسرة الحاكمة في إمكانية أن يتولى الأمير أحمد بن عبدالعزيز (76 عاماً) -الشقيق الأصغر للملك سلمان وعم ولي العهد العرش- بعد وفاة الملك.

قال أحد المصادر السعودية إن الأمير أحمد -شقيق الملك سلمان الوحيد الباقي من السديريين السبعة على قيد الحياة- سيحظى بتأييد أعضاء الأسرة والأجهزة الأمنية وبعض القوى الغربية.

وقد عاد الأمير أحمد إلى الرياض في أكتوبر، بعد أن قضى عامين ونصف العام في الخارج. وخلال وجوده في الخارج أدلى بتصريح بدا أنه ينتقد فيه القيادة السعودية أثناء ردّه على محتجين كانوا يرددون خارج مقر إقامته في لندن هتافات تنادي بسقوط أسرة آل سعود.

وكان الأمير أحمد واحداً من الأفراد الثلاثة في هيئة البيعة الذين عارضوا تعيين الأمير محمد ولياً للعهد في 2017، وذلك حسب ما ذكره مصدران سعوديان في ذلك الوقت. ويتألف المجلس من كبار أعضاء الأسرة الحاكمة.

ولم يتسنَّ الاتصال بالأمير أحمد أو من ينوب عنه للتعليق. ولم يردّ المسؤولون في الرياض على الفور على طلبات من «رويترز» للتعليق على مسألة خلافة الملك.

وتضمّ أسرة آل سعود مئات الأمراء. وعلى النقيض من النظم الملكية التقليدية في أوروبا لا ينتقل العرش تلقائياً في المملكة من الملك لابنه الأكبر؛ بل إن التقاليد القبلية في المملكة تحتّم أن يختار الملك وكبار أفراد الأسرة من كل فرع من يعتبرونه الأصلح للقيادة.

وقالت مصادر سعودية، على اطلاع مباشر على المشاورات، إن مسؤولين أميركيين كباراً أشاروا لمستشارين سعوديين في الأسابيع الأخيرة إلى أنهم سيؤيدون الأمير أحمد الذي شغل منصب نائب وزير الداخلية قرابة 40 عاماً.

وقالت تلك المصادر إنها على ثقة من أن الأمير أحمد لن يغيّر أو يلغي أياً من الإصلاحات الاجتماعية أو الاقتصادية التي نفّذها الأمير محمد، وإنه سيحترم تعاقدات السلاح القائمة، وسيعيد وحدة الصف لأسرة آل سعود.

وقال مسؤول أميركي كبير إن البيت الأبيض لا يتعجّل النأي بنفسه عن ولي العهد، رغم ضغوط أعضاء «الكونجرس» وتقييم وكالة المخابرات المركزية الأميركية أن الأمير محمد هو الذي أصدر الأمر بقتل خاشقجي؛ غير أن هذا الوضع قد يتغير ما إن يتلقّى ترمب تقريراً قاطعاً عن الجريمة من أجهزة المخابرات.

وأضاف المسؤول أن البيت الأبيض يرى أن من الجدير بالملاحظة أن الملك سلمان أيّد ابنه في خطاب ألقاه في الرياض يوم الاثنين، ولم يُشر بشكل مباشر إلى مقتل خاشقجي باستثناء إشادته بالنائب العام السعودي.

وامتنع البيت الأبيض عن التعليق.

وقالت المصادر السعودية إن المسؤولين الأميركيين أبدوا فتوراً تجاه الأمير محمد، لا للاشتباه في دوره في مقتل خاشقجي فحسب، بل انزعجوا أيضاً لأنه حثّ وزارة الدفاع السعودية مؤخراً على استكشاف إمدادات السلاح البديلة من روسيا.

وفي رسالة بتاريخ 15 مايو -اطلعت عليها «رويترز»- طلب ولي العهد من وزارة الدفاع التركيز على شراء نظم الأسلحة والعتاد في أكثر المجالات احتياجاً، والتدريب عليها بما في ذلك نظام الدفاع الجوي الصاروخي «أس-400» الروسي.

ولم تردّ وزارة الدفاع الروسية ولا المسؤولون في الرياض على الفور على استفسارات «رويترز».

الدور الأميركي

أدت الجريمة الوحشية التي راح ضحيتها خاشقجي -أحد الأصوات البارزة الناقدة لولي العهد- في القنصلية السعودية في اسطنبول الشهر الماضي، إلى إدانة عالمية شارك فيها كثير من الساسة والمسؤولين في الولايات المتحدة الحليف الرئيسي للمملكة.

وقالت مصادر أميركية مطلعة إن وكالة المخابرات المركزية تعتقد أن ولي العهد أمر بقتل خاشقجي.

وقالت النيابة العامة في السعودية إن الأمير محمد (33 عاماً) لم يكن يعلم شيئاً عن قتله.

وكثّفت الضجة العالمية الضغوط على الديوان الملكي المنقسم بشأن صعود الأمير محمد السريع في سلم السلطة.

وكان الأمير قد اكتسب تأييداً شعبياً بإصلاحاته الاجتماعية والاقتصادية الواسعة، التي شملت إنهاء العمل بحظر قيادة النساء للسيارات وفتح دور السينما.

واقترنت إصلاحاته بحملة على أصحاب الأصوات المعارضة وحركة تطهير في صفوف عدد من كبار الأمراء ورجال الأعمال بتهم الفساد، وكذلك بحرب مكلّفة في اليمن.

كما عمد الأمير محمد إلى تهميش كبار أعضاء الأسرة الحاكمة، وشدد قبضته على أجهزة الأمن والمخابرات السعودية.

وقد أطاح الأمير بابن عمه وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف (59 عاماً) -الذي كان يتمتع بنفوذ كبير- في يونيو 2017. ثم عزل الأمير متعب بن عبدالله (65 عاماً) ابن العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله من رئاسة الحرس الوطني، واحتجزه في إطار الحملة على الفساد.

وشملت قرارات التوقيف حوالي 30 أميراً آخر، تعرّضوا لإساءة معاملتهم وإذلالهم وجرى تجريدهم من ممتلكاتهم، في الوقت الذي أنفق فيه الأمير محمد ببذخ على القصور وعلى يخت بلغت قيمته 500 مليون دولار، وسجل رقماً عالمياً جديداً في سوق مزادات الأعمال الفنية بشرائه لوحة لرسام عصر النهضة الإيطالي الأشهر ليوناردو دا فينشي.

ونتيجة لكل هذه التطورات أصاب الضعف أسرة آل سعود بكاملها.

ويقول مصدر سعودي مطلع إن أمراء كثيرين من الدوائر العليا في الأسرة يعتقدون أن تغيير ترتيب الخلافة «لن يثير أية مقاومة من أجهزة الأمن والاستخبارات التي يسيطر عليها» الأمير محمد بفعل ولائها للأسرة.

ويضيف المصدر أن الأجهزة الأمنية «ستقف وراء ما تتوافق عليه الأسرة».

ولم يرد مسؤولون في الرياض على طلب للتعليق على هذا الأمر.

وترجّح المصادر السعودية ودبلوماسيون أن تلعب الولايات المتحدة دوراً حاسماً في الكيفية التي ستتطور بها الأمور في السعودية.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب وصف، السبت، تقدير وكالة المخابرات المركزية أن الأمير محمد هو الآمر بقتل خاشقجي بأنه «سابق جداً لأوانه؛ لكنه ممكن». وقال إنه سيتلقى تقريراً كاملاً يوم الثلاثاء.

وقد أقام ترمب وصهره ومستشاره جاريد كوشنر علاقات شخصية وثيقة مع ولي العهد السعودي.

وقال أحد العارفين ببواطن الأمور في السعودية إن الأمير محمد ما زال يحظى بتأييدهما، وإنه مستعد «للإطاحة ببعض الرؤوس استرضاء للولايات المتحدة».

غير أن ترمب وكبار مسؤولي الإدارة الأميركية قالوا إنه تجب محاسبة المسؤولين السعوديين المتورطين في مقتل خاشقجي، وفرضوا عقوبات على 17 سعودياً، أحدهم من أقرب مساعدي ولي العهد.

وفي الوقت نفسه يطالب أعضاء في «الكونجرس» الأميركي بسنّ تشريع يعاقب الرياض على جريمة القتل، وحثّ أعضاء في مجلس الشيوخ من الجمهوريين والديمقراطيين ترمب على التشدد فيما يتعلق بولي العهد.

ويدرك الملك سلمان عواقب صدام كبير مع الولايات المتحدة، واحتمال أن يحاول «الكونجرس» تجميد الأصول السعودية.

هيئة البيعة

في حالة وفاة الملك أو عجزه عن الحكم، لن تقوم هيئة البيعة تلقائياً بإعلان الأمير محمد بن سلمان ملكاً جديداً على البلاد. وتتألف الهيئة من 34 عضواً يمثّلون كل فرع من فروع الأسرة الحاكمة لإضفاء الشرعية على قرارات الخلافة.

وقال واحد من المصادر السعودية الثلاثة إن الأمير محمد سيحتاج وهو ولي للعهد إلى مصادقة الهيئة على توليه عرش المملكة. ورغم أن الهيئة قبلت رغبة الملك سلمان أن يكون الأمير محمد ولياً للعهد، فقد لا تقبل بالضرورة إعلانه ملكاً عند وفاة والده، خاصة في ضوء سعيه إلى تهميش أعضائها.
ولم يرد المسؤولون في الرياض على طلب للتعليق على الأمر.

وتقول المصادر السعودية إن الأمير محمد هدم الركائز التي قامت عليها حكم أسرة آل سعود على مدى ما يقرب من قرن، متمثلة في الأسرة ورجال الدين والقبائل والعائلات صاحبة النشاط التجاري. وتقول المصادر إن ذلك يعدّ عاملاً مزعزعاً للاستقرار في نظر الأسرة.

وما زال الأمير محمد مستمراً في تنفيذ برنامجه رغم ما ثار من ضجة بسبب مقتل خاشقجي.
ويعتقد بعض العالمين ببواطن الأمور أنه بنى لوالده خلال فترة قياسية بلغت العام قصراً جديداً بعيداً في شرما على ساحل البحر الأحمر؛ حيث موقع مشروع نيوم الجديد بتكلفة ملياري دولار لكي يتقاعد فيه.

والموقع معزول وأقرب المدن إليه مدينة تبوك وتبعد أكثر من 100 كيلومتر.

 وقال أحد المصادر وثيقة الصلة بالأسرة الحاكمة إن الإقامة فيه ستبعد الملك عن أغلب شؤون الدولة.

You might also like