كاتب ومحلل سياسي لبناني: الصمود اليمني في البحرين الأحمر والعربي كسرَ هيبة البحرية الأميركية وكَرَّسَ هوية المياه العربية،

إب نيوز ٥ يونيو

 

اليَمَن ما بين عاصفة الحزم، والإزدهار، وحرب البحرين العربي والأحمر، لا زالَت صواريخه الفرط صوتية تَحِج إلى تل أبيب،

*صمدَ اليمن أمام “عاصفة الحزم” التي قادتها السعودية والإمارات منذ 2015 وحَزَم أمرهُ تحت شعار هيهات مِنَّا الذِلَّة، حيث تمكن من تحقيق تقدم ميداني مهم رغم العدوان الكبير عليه، وسيطر على محافظات كبيرة، ما أجبر التحالف السعودي على تقديم عروض لوقف إطلاق النار بسبب عجزه عن تحقيق أهدافه الاستراتيجية والعسكرية،

*السعودية والإمارات تكبدتا خسائر عسكرية وأمنية واقتصادية، وأظهرَ اليمن قدرة جيشهِ على توجيه ضربات دقيقة داخل العمق السعودي، الأمر الذي أضعف التحالف وتسبب في تفككه وخروج قطر وعدة دُوَل أخرى منه،

الصمود اليمني التاريخي أظهر قدرة الشعب على مواجهة عدوان ضخم وظالم رغم الحصار والتدمير، وحَوَّلَ المظلومية إلى قوة دافعة للجهاد في سبيل الله قولاً وفعلاً، مما جعل النصر أمراً محتوماً لا محال،

*تميَزَ الشعب اليمني بقوة الإرادة والإيمان بالله رغم الحصار الاقتصادي والعدوان العسكري الأممي عليه فأظهر صبراً وقوة معنوية عالية، أسقطت كل الرهانات على كسر إرادته،

وامتلك اليمنيون قدرة على التكيف بواقع الأمر واندفعوا إلى الجبهات بإرادة صلبة وشجاعه وإقدام، وفاجئوا العالم وأذهلوه بتطورهم العسكري كيف “لآ” وهو الذي طوَّرَ قدراته الصاروخية والطائرات المسيّرة بشكل متقدم وسريع، مما خلق توازن رعب وأربك التحالف، وأثبت أن الاعتماد على التكنولوجيا المحلية والتطوير المستمر يمكن أن يغير موازين القوى فاستمر إلى الأمام، أيضاً الوحدة الوطنية والإلتفاف حول قيادة السيد عبدالملك الحوثي والصمود على الجبهات كانت نتيجة تماسك الشعب اليمني ووحدته في مواجهة أظلم عدوان، رغم الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة.

بَرَعَ اليمن في الردع والرد السريع، واستراتيجيات الردع الصاروخي والطائرات المسيّرة ضد أهداف حساسة في العمق السعودي والإماراتي أثبتت أن الهجمات المضادة الفعالة تضعف العدو وتحد من قدرته على الاستمرار فزرعَ الرعب في قلوب أعدائه، عَلَّمَ الشعب اليمني الشعوب المستضعفه كيفية الإستفادة من هذه الدروس التي تعكس كيف يمكن لشعب مقاوم أن يواجه تحالفاً عسكرياً ضخماً عبر الصبر، والتطوير، والوحدة، والاستراتيجية الذكية، في مواجهة الهجمة الأميركية البريطانية كانَ لليمن موقف واضح وصريح وشجاع حيث استطاعَ إستدراج أعظم قوة بحرية في العالم لمعركة مباشرة بينهما من دون وكيل، إن صمود اليمن في مواجهة الآلة العسكرية الأميركية الجوية والبحرية انعكس نصراً وسُمعَة وصيت طيب في جميع أرجاء العالم بوضوح ومن دون ضباب،

رغم الفارق الكبير في الإمكانيات والتكنولوجيا، تمكنت القوات اليمنية من تنفيذ عمليات هجومية نوعية، منها ضربات على عمق الأراضي المحتلة، وإسقاط أكثر من عشرين طائرة أمريكية مسيرة من طراز MQ-9 Reaper باستخدام صواريخ محلية الصنع، مما يعكس تطور قدراتها الدفاعية رغم الحصار المستمر، والعمليات البحرية اليمنية نجحت في منع مرور السفن الحربية الأمريكية والإسرائيلية في البحر الأحمر والبحر العربي، بما في ذلك حاملتا طائرات، اللتان اضطرتا للبقاء على مسافات بعيدة، مما أثر سلباً على أدائهما وفرض على البحرية الأمريكية حالة استعداد دفاعي دائم استنزفت مخزوناتها من الصواريخ المتطورة، وأجبرت بريطانيا الأسبوع الفائت طلب إذن من صنعاء لمرور حاملة طائرات تابعه لسلاح البحرية الملكية عبر قناة السويس الأمر الذي كَرَّسَ سيادة اليمن على الممرات المائية الإستراتيجية،

الصمود اليمني أظهر فشل الحملة الأمريكية في تحقيق أهدافها رغم مئات الغارات الجوية التي كلفت الولايات المتحدة مليارات الدولارات، حيث استمرت العمليات اليمنية وزادت جرأتها في تحدي الهيمنة الأمريكية، ما دفع خبراء ومسؤولين أمريكيين إلى الاعتراف بعجز بلادهم عن كسر شوكة اليمنيين.

كما أن الصمود العسكري اليمني تسبب في إضعاف “هيبة” البحرية الأمريكية، وأجبرها على تبني استراتيجية دفاعية أكثر حذراً، مع استنزاف كبير في الموارد، وهو ما يؤكد أن اليمن بات رقماً صعباً في مواجهة القوة الأمريكية الجوية والبحرية.

وبالتالي يعكس صمود اليمن قدرة عالية على مواجهة قوة عسكرية متفوقة تكنولوجياً واقتصادياً، من خلال استراتيجيات دفاعية وهجومية محلية الصنع، أدت إلى تغيير موازين القوى وإثبات أن الإرادة والتكتيك يمكن أن يحقق انتصارات رغم الفوارق الكبيرة في القدرات العسكرية

 

 

.الجزء الثاني،،

تَتِمَة الجزء الأول بالأمس،،

رسمَت حكومة صنعاء مستقبل المنطقة البحرية الإقتصادية في البحرين الأحمر والعربي ومع دول الخليج الذي يبدو مشهدهُ متوترًا ومعقدًا ويعكس صراعًا إقليميًا ودوليًا طويل الأمد واحدة من أسوأ سيناريوهاته حرب إقليمية طاحنة بين اليمن والجارة إيران من جهة مع الأميركيين وحلفائهم الخليجيين من جهةٍ أخرىَ، في ظل تحذير يمني من التحركات العسكرية الأجنبية في المياه العربية، خاصة تلك القوىَ الداعمة للكيان الصهيوني، وتؤكد صنعاء استعدادها لمواجهة أي تهديد لأمن اليمن وسيادته، مع إستمرار تقديم الدعم القوي للشعب الفلسطيني المظلوم،

ومن جهة ثانية يرى مراقبون أن مصير الحرب المباشرة بين صنعاء وتل أبيب يشير إلى احتمال تصعيد إسرائيلي واسع ضدها، مع احتمال تنفيذ إسرائيل عمليات عسكرية شاملة تشبه تدخلاتها في لبنان وسوريا إذا مآ استمر الحوثيون في استهداف المنشئات الصهيونية بالصواريخ والطائرات المسيرة. فإسرائيل تدرس توجيه ضربات أكثر إيلاماً على مراكز أنصار الله اللوجستية والقيادية، في إطار استراتيجية أوسع للتعامل مع وكلاء إيران في المنطقة حسب تعبيرها!،

في الوقت نفسه، هناك مؤشرات على محاولات تهدئة غير واضحة بين صنعاء وواشنطن لكنها لا تشمل وقف الهجمات على إسرائيل، مما يترك الباب مفتوحاً لاستمرار التصعيد بين صنعاء وتل أبيب. أنصار الله بدورهم يهددون برد “مزلزل ومؤلم” على الغارات الإسرائيلية، في حال استمرار الضربات الإسرائيلية المكثفة على مطار صنعاء ومرافق حيوية أخرى.

كثير من المحللين السياسيين يرون أن الصراع قد يمتد لفترة طويلة بين العدوين اللدودين، كونه جزءاً من المواجهة الغير مباشرة بين إسرائيل وإيران عبر وكلاء الأخيرة في المنطقة، وأن تل أبيب لن تتخلى عن مواجهة التهديد اليمني طالما استمر بهذه الشراسة، مع توقعات بأن تنقل المعركة إلى الداخل اليمني لاستهداف أنصار الله بشكل مباشر.

بتقيمنا لِما يحصل فإن التوقعات تشير إلى تصعيد عسكري إسرائيلي محتمل مع استمرار تهديدات اليمن، مع وجود محاولات تهدئة غير متكاملة قد تؤثر على ديناميكية الصراع، لكن الحرب بين صنعاء وتل أبيب تبدو مستمرة في الأفق القريب، وسط عجز أميركي وإسرائيلي أمام إصرار حكومة صنعاء على استمرار الاستهداف لتل أبيب والسفن الحربية الأميركية، وهذا العجز يوصف بأنه عجز واضح ومتزايد يعكس فشل الخيار العسكري في كسر شوكة اليمنيين وقدراتهم المتنامية.

حركة أنصار الله والقوات المسلحة اليمنية استطاعت تطوير قدراتها العسكرية بشكل كبير، ما جعلها قادرة على إلحاق أضرار كبيرة بإسرائيل، رغم العدوان المستمر من الولايات المتحدة ومنها على الأراضي اليمنية، بما في ذلك استهداف مطار صنعاء ومناطق مدنية أخرىَ، المحللون العسكريون الإسرائيليون أنفسهم يعترفون بهذا العجز، حيث أشاروا إلى أن الولايات المتحدة لم تنجح في وقف إطلاق الصواريخ من اليمن، وأن الهجمات اليمنية مستمرة رغم الضربات الجوية الأميركية والإسرائيلية، مما يثبت عجز الطرفين عن وضع حد للتحدي اليمني. كما أن الهجمات اليمنية على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر تسببت في إغلاق ميناء إيلات وفرضت تكاليف إضافية على الملاحة، مما يشكل تهديداً اقتصادياً وأمنياً لإسرائيل.

أسباب هذا العجز تشمل طبيعة الحوثيين كعدو غير تقليدي يستخدم حرب العصابات، بالإضافة إلى محدودية القوة الأميركية التي تعتمد فقط على الضربات الجوية والبحرية دون تدخل بري، وصعوبة كسر إرادة الحوثيين الدينية والأيديولوجية. رغم الحملة الجوية الأميركية المكثفة، الحوثيون يثبتون قدرتهم على التعافي ومواصلة الهجمات، مما يعكس معضلة استراتيجية تواجهها إسرائيل والولايات المتحدة في اليمن بعدما زحف العالم العربي برُمَّتهِ إلى التطبيع،

العِز يمآني والنصر يمآني ولسان الضاد يمآني،

إبشروا بالنصر،،

الكاتب والمحلل السياسي اللبناني

*د. اسماعيل النجار

You might also like