التريليونات العربية والأنفاس الغزية: اقتصاد الدم في زمن الخذلان.!!

إب نيوز ٧ يونيو

فهد شاكر أبوراس

من بين أنقاض البيوت المنسية وأشلاء الأطفال المحطمة، ترتفع صرخة غزة التي تقصف ضمير الإنسانية العالمية، ولكنها تتحطم على جدار صمت سميك يبنيه الملياران مسلم بأيد مرتعشة.

هذه ليست مجرد حرب على قطاع صغير، بل هي تشريح دام لأعصاب أمة فقدت بوصلة وجودها، تقف متفرجة بينما تدفن عائلات بأكملها تحت ركام التواطؤ العالمي والخذلان العربي.

في لحظة كان يفترض أن تكون احتفالية بعيد الأضحى، ارتدى أطفال غزة أكفانهم البيضاء بدلاً من الثياب الجديدة، وتحولت ساحات اللعب إلى مقابر جماعية، ولسان حالهم يقول كيف تملؤون بيوتكم ضحكاً ونحن نلف موتانا بأكفان العيد.؟!

الأرقام تقول أن أكثر من 61 ألف روح انطفأت، بينهم 17 ألف طفل لم يعرفوا من الحياة سوى رائحة البارود، وأكثر من 111 ألف جريح يصرخون بلا مستجيب، فيما يختنق 14 ألف مفقود تحت الإسمنت المسلح، وهذه الإحصائيات ليست سوى نافذة صغيرة على جريمة أكبر: “صمت دول عربية تسبح في بحر من التريليونات بينما يذبح أبناء جلدتها”.

إن المفارقة الأكثر قسوة هنا تكمن في اقتصاد الدم، فبينما كانت جرافات الاحتلال تدفن عائلات حية في رفح وخان يونس، كانت السعودية تضخ 1.3 تريليون دولار في الاقتصاد الأمريكي، والإمارات وقطر توقعان صفقة بـ 2.8 تريليون دولار مع نفس القوة التي تزود الكيان الصهيوني بالسلاح.

ليست معاملات اقتصادية، بل هي شيكات مكتوبة بدماء الأطفال الفلسطينيين.

لقد تحولت غزة من مجرد مدينة، إلى مرآة كاشفة لأمراض الأمة: ملوك وأمراء ورؤساء يشترون الصمت بالبترودولار، ومؤسسات دينية تختزل الإسلام في طقوس جوفاء، وشعوباً تئن تحت وطأة العجز.

ولكن دائماً ما تأتي بشائر النصر والتحول التاريخي من تحت الأنقاض والركام، ومن رحم المعاناة تشرق المقاومة، ومن جمر الخيانة تشتعل الصحوة.

لن تكون غزة قبراً لضمير الأمة فقط، بل ستكون مهداً لميلاد عهد جديد، عهدا لن يكتبه القادة في قصورهم، بل يخلقه مجاهدي الكتائب بأيديهم، وأكف أمهات أهدت فلذات أكبدها للشهادة رفعت للدعاء، وعلم هدى رفع صوته بالحق ويده في زمن الخذلان، أن لا حرية من دون مواجهة، ولا كرامة من دون مقاومة، ولا خلاص إلا بعودة الأمة إلى الجوهر الأصيل للإنسانية.

You might also like