جريمةُ الصراري… دماءُ المشروعِ القرآني على قمّةِ العروس تُشعلُ لهيبَ الردعِ في البحرِ الأحمرِ وبابِ المندب.
إب نيوز 30 يوليو
بقلم: عدنان عبد الله الجنيد.
الحمد لله القائل: ﴿اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِے سَبِيلِ اِ۬للَّهِ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اَ۬للَّهِۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ اُ۬لْفَآئِزُونَۖ﴾ [التوبة: 20].
الذكرى التاسعة… ذاكرة الدم والصمود:
تحلُّ الذكرى التاسعة لمجزرة الصراري، فتعود معها صور المأساة المضرّجة بالبطولة، وتنبض الذاكرة بملحمة صمود أسطوري خطّها أحرار الصراري على صخور جبل صبر الأشم في محافظة تعز.
هناك، حيث يطل الجبل من عليائه على باب المندب، يتربع موقع العروس الاستراتيجي شامخًا كحارس لمدخل الجزيرة العربية، حاضنًا بين صخوره أحرار آل الجنيد، حراس المشروع القرآني وسدنته الأوفياء.
موقع العروس… منارة الصمود وبوابة المواجهة:
منذ أن استقبل أبناء جبل صبر رُسُل المسيرة القرآنية، وفي مقدمتهم الشهيد القائد حسن عبدالله حنين الجرادي والشهيد المثقف عبدالخالق الجرادي، ارتجّت أوتاد قوى الاستكبار العالمي.
ارتفعت من مآذن الصراري صيحات البراءة، وتعالت أصداء الولاء لقائد الثورة من فوق القمم، فغدت هذه القمم ساحة مواجهة مفتوحة بين أبناء المشروع القرآني وأعتى قوى الغطرسة الأمريكية والصهيونية.
لم يُخفِ المجرم بنيامين نتنياهو ذعره من هذا التحول، ولوّح في محافل البيت الأبيض بـ”خطر باب المندب”، مدركًا أن السيطرة عليه باتت عصيّة.
أما احتفالات الصراري بـولاية أمير المؤمنين والمولد النبوي الشريف، حيث تُشعل التناصير وتعلو زخات الألعاب النارية، فقد رآها العدو مناورات سياسية وروحية تهدد أمنه البحري قبل العسكري.
المقام الجامع… مدرسة الجهاد والولاء:
في قلب الصراري، ينتصب مقام وجامع الولي محمد بن عبدالرحمن الحضرمي – الجد الجامع لآل الجنيد – شاهدًا على عمق الجذور، ومنارة للتعبئة الجهادية.
من هنا انطلقت القوافل، فرفدت الجبهات بأكثر من 400 مجاهد، ارتقى جلّهم شهداء، وحرر الفكر الصوفي العرفاني نفسه من وصاية الخارج، معتقدًا المشروع القرآني وناهضًا العدوان، وما زال يمد جبهات الساحل والجبال برجال وقوافل لا تنقطع.
من كمين العروس إلى حصار البحر الأحمر… وعد الدماء الصادقة:
حين أقدم مرتزقة العدوان على قطع الطريق العام المؤدي إلى العروس، لم يتخيلوا أن يد الغدر التي امتدت لاغتيال سفير المشروع القرآني الشهيد عبدالخالق الجرادي ستُبتر في عرض البحر.
لقد نصبوا كمينًا غادرًا أودى بحياة الشهيد الجرادي وأربعة من رفاقه، وأصابوا السائق، وأحرقوا السيارة، ثم فرضوا حصارًا خانقًا على الصراري إرضاءً لأسيادهم في البيت الأبيض وتنفيذًا لأوامر الغرف السوداء التي تدير مخطط الهيمنة من خلف البحار.
لكن، سبحان الله…!
كيف تحولت دماء الشهيد التي سالت على تراب الطريق إلى وقود للردع يشعل البحر الأحمر نارًا محرمة على أساطيل العدوان؟
لقد أرادوا أن يقطعوا طريقًا في الجبل، فإذا بالمشروع القرآني يقطع عليهم طريق الملاحة في البحر.
وهكذا تحقّق الوعد الإلهي:
﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾.
جريمة الصراري… الوجه الدموي للحرب على البحر الأحمر:
حين رسمت واشنطن وتل أبيب مخططها لإخضاع باب المندب وتأمين خطوط الملاحة، وجدت في تهجير الصراري مفتاحًا للسيطرة.
فجاء الاقتحام الدموي الذي أسموه “مران تعز”، على خطى جريمة مران صعدة، مدججًا بفتاوى التكفير وحشود المرتزقة من حزب الإصلاح والوهابية السعودية، ليستهدف السكان على الهوية:
﴿وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾.
فجّروا جامع محمد بن عبدالرحمن الحضرمي في الصراري كما فجّروا مقام الشهيد القائد في مران، ظانين أنهم يطفئون نور الله في اليمن، فإذا بالدماء تتحول إلى بركان ردع يعصف بمخططاتهم.
من دماء الصراري إلى أمواج الردع في البحر الأحمر:
قال قائد الثورة: “جريمة الصراري خدمةٌ لإسرائيل”، وأكد السيد حسن نصر الله أنها مجزرة تكفيرية نفذتها أدوات الرياض تحت عباءة “الشرعية”.
لكن المظلومية انقلبت قوة، وأصبح البحر الأحمر وباب المندب خطوطًا حمراء مغلقة أمام أساطيل العدوان، فيما تمتد عمليات الردع لتطال عمق المتوسط وتعيد البحر لهويته العربية.
الخاتمة… الصراري طريق الجبل إلى البحر فالقدس:
لقد فشلوا في تهجير آل الجنيد وآل الرميمة وآل السروري، وفشلوا في تحييد جبل صبر عن معركة التحرر الكبرى، وذلك بفضل القيادة الإيمانية التي قلبت الطاولة على الاستكبار، وطورت قوة الردع حتى أصبح اليمن كله جبل صبر.
وهكذا…
سقط رهان الاستكبار على إخضاع جبل صبر وكسر إرادة الصراري، تمامًا كما سقط رهانهم على تركيع اليمن.
أرادوا البحر الأحمر وباب المندب تحت هيمنتهم، فإذا بهما يتحولان إلى جبهة ردع يمنية تحظر عبور أساطيلهم وتضرب عمق مصالحهم.
أرادوا أن تكون جريمة الصراري وصمة خوف، فإذا بها وسام شرف على صدر الأمة ودليل أن دماء الشهداء لا تذهب هدرًا، بل تصنع موازين جديدة للقوة.