الرهوي ورفاقه.. شهداء على درب القدس، واستهدافهم لم يزد اليمن إلا عزيمة
إب نيوز ١٧ ربيع الأول
بقلم: محمد صالح حاتم
لم يكن استهداف الأستاذ أحمد الرهوي، رئيس حكومة التغيير والبناء، ورفاقه الوزراء، مجرّد حادث أمني، ولا مجرد خسارة سياسية. بل كان جريمة صهيونية مباشرة، استهدفت اجتماعًا لحكومة مدنية تمتلك رؤيةً واضحة، وانتماءً صادقًا لقضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
لقد ارتقى الرهوي ورفاقه الشهداء وهم يمثّلون صوت الدولة اليمنية الحرة؛ دولة الموقف لا التبعية، دولة الكرامة لا الصمت. لم يكونوا مجرد موظفين في إدارة حكومية، بل كانوا صُنّاع موقف، وحملة مشروع، وأصحاب مبدأ. ولهذا السبب، سقطوا على درب القدس، مخلصين لها قولًا وفعلًا.
ربما اعتقد العدو الصهيوني وأذرعه الاستخباراتية أن استهداف الرهوي ورفاقه سيُربك الصف، ويُحدث شرخًا في الموقف اليمني المتقدم في دعم غزة، لكنه خاب وخسر. فاليمن بعد استشهادهم، لم يكن كما كان قبله.
منذ لحظة الاستشهاد، أعيد تموضع الاستراتيجية اليمنية تجاه الاحتلال، وتحوّل الغضب الشعبي والرسمي إلى قرارات عملياتية ميدانية. ولم تمضِ أيام حتى جاءت الضربات التي استهدفت مطار رامون جنوب فلسطين المحتلة، وديمونة، مع استمرار قصف مطار اللد وحيفا، لتؤكد أن اليمن لا تكتفي بالرثاء، بل تردّ بلهيب النار، وتكتب رسائلها بلغات لا تحتاج إلى ترجمة.
لم تكن تلك الضربات مجرد ردّ، بل رسالة واضحة مفادها أن دماء الرهوي ورفاقه أصبحت نقطة تحوّل في قواعد الاشتباك، وأن اليمن، قيادةً وشعبًا، على موقفهم المبدئي والأبدي مع غزة حتى النصر أو الشهادة
وقد صدق الشعب اليمني في توقّعه. فاليمن، بكل مكوناته، تحرّك بعد استشهادهم، ليس فقط للحزن أو التنديد، بل للعمل والفعل. وكل ضربة تُنفّذ اليوم في عمق العدو، ما هي إلا امتداد طبيعي لتلك اللحظة التي سقط فيها الرهوي ورفاقه شهداء.
لقد نالوا ما تمنّوه، ومضوا إلى الله شهداء، كما يليق بالرجال الكبار الذين آمنوا أن تحرير فلسطين لا يأتي بالشعارات، بل بالمواقف والسياسات والمبادئ، المدعومة بالتضحيات. ولم يكن استهدافهم خسارة لليمن وحده، بل كان إعلانًا صريحًا من العدو عن حجم ما تشكّله هذه القيادات الحرة من تهديد حقيقي لمشاريعه وأمنه. فكانت دماؤهم الطاهرة دليل فشل لا نصر، كما توهّمت إسرائيل.
اليوم، ومع كل محاولة استهداف أو حصار أو ترويع، يتجدّد إيمان هذا الشعب بأن فلسطين جزء من روحه، وأن القدس أقرب من أي وقت مضى، وأن كل قطرة دم تسيل على هذا الطريق، تزرع في الأمة جيلًا لا يقبل الذل ولا يساوم على القضية.
ما لا تفهمه إسرائيل، هو أن هذا الشعب، لم يعد يرتجف من الطائرات ولا من الصواريخ. فحين تسقط القذائف، تولد الإرادة. وحين يرتقي القادة شهداء، يولد ألف قائد من رحم الوجع
أحمد الرهوي ورفاقه ليسوا أسماءً عابرة في سطور الصحف، بل علامات فارقة في طريق التحرير. ارتقوا شهداء وهم يؤمنون أن اليمن الحرّ ليس أقل من أن يكون في مقدمة الصفوف، وأن طريق القدس تمرّ من صنعاء كما تمرّ من غزة.
ستبقى دماؤهم وقودًا للمواقف، ووصيتهم أمانةً في أعناق شعبٍ لا يبيع قضيته، ولا يساوم على حريته، ولا ينسى من خان، ولا يغفر لمن اغتال