انهيار أسطورة الأمن الإسرائيلي.. اعترافات بالفشل بعد اختراق اليمن لأعمق المنشآت النووية

إب نيوز ١٧ ربيع الأول

فهد شاكر أبوراس

في ظل التصعيد العسكري المتزايد في المنطقة، يبرز اليمن كلاعب استراتيجي مؤثر، قلب المعادلات الأمنية التقليدية في المنطقة رأساً على عقب.

مثل استهداف القوات اليمنية لمنطقة ديمونا النووية عمق الكيان داخل الأراضي المحتلة صفعة استراتيجية لقدرات الردع الإسرائيلية التي لطالما تباهت بها دولة الاحتلال.

استهداف هذه المنشأة النووية الحساسة – والتي تمثل القلب السري للبرنامج النووي الإسرائيلي غير الخاضع للرقابة الدولية – لم يعد مجرد تهديد نظري، بل تحول إلى واقع ملموس عبر قدرات نوعية تمتلكها القوات المسلحة اليمنية، كما يؤكد ذلك الخبير العسكري سيروي والذي وصف هذا الاستهداف بأنه “جرس إنذار كبير لقطعان الصهاينة” وأن اليمن أصبح قادر على تفجير الأراضي المحتلة من داخلها.

لم تأت هذه التطورات من فراغ، بل جاءت نتاج تراكم نوعي في القدرات العسكرية اليمنية التي طورت مسيرات “شبحية” متطورة تتحدى أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية المدعومة أمريكياً، حيث يعترف الأعداء أنهم أصبحوا ينتظرون البيانات اليمنية لمعرفة عدد المسيرات التي دخلت أجواءهم بعد فشلهم في رصدها، وهذه المسيرات الشبحية – التي لا يتم اكتشافها إلا بعد تنفيذ ضرباتها – تمثل قفزة نوعية في حرب التكنولوجيا غير المتماثلة.

التأثير الاستراتيجي لهذه العمليات يتجاوز الجانب العسكري المباشر إلى إرباك العمق الاقتصادي والإستراتيجي لإسرائيل، حيث تسبب الحصار اليمني لإسرائيل عبر البحر الأحمر بإفلاس موانئ العدو الإسرائيلي وتوقف حركة الملاحة البحرية والجوية، إلى جانب انسحاب مئات الشركات العالمية التي لم تعد ترى كيان العدو وجهة آمنة للاستثمار أو العمل.

وهذه الضربات الاقتصادية الناعمة – المقترنة بالضربات العسكرية الصلبة – تخلق حالة من الشلل المتزايد في الاقتصاد الإسرائيلي، مما يضاعف من تكاليف المواجهة على دولة الاحتلال.

يظهر الرد الإسرائيلي على هذه التحديات بمستويين من الفشل: فشل تقني في التعامل مع التهديدات اليمنية، وفشل استراتيجي في إدارة المواجهة، فمن الناحية التقنية، أفادت التقارير بأن سلاح الجو الإسرائيلي اعترض ثلاث طائرات مسيرة خلال نصف ساعة فقط، لكنه فشل في منع تسلل أخرى إلى منطقة ديمونا النووية، وهذا الفشل دفع بالجيش الإسرائيلي إلى إجراء تحقيقات عاجلة لفهم كيف وصلت المسيرات اليمنية إلى أهدافها دون أن تُكتشف، أما على المستوى الاستراتيجي، فإن غياب الدعم الأمريكي المباشر – أربك الحسابات الإسرائيلية في اليمن، حيث أجبرها على العمل منفردة في عمليات عسكرية مكلفة وغير مجدية.

المعضلة الإسرائيلية تكمن في أنها مضطرة للرد دون أن تملك معلومات جديدة عن بنك أهداف يؤثر فعلياً على قدرات اليمن، مما يجعل عملياتها مجرد “تعاهد أهداف” بحيث يتم قصف نفس المواقع مراراً وتكراراً دون نتيجة عسكرية تذكر، وهذه العمليات المتكررة دون تحقيق نتائج استراتيجية تستهلك موارد إسرائيلية كبيرة، بحيث تبلغ كلفة تحليق طائرة “إف-16” ما بين 40 و60 ألف دولار في الساعة، عدا كلفة الذخيرة وعامل المسافة البالغة ألفي كيلومتر بين إسرائيل واليمن.

الخطر الحقيقي الذي تواجهه إسرائيل، لم يعد نظرياً بل أصبح حقيقياً يهدد بخلق شلل اقتصادي وعسكري داخل كيان العدو، بحيث يدفع قيادة العدو الإسرائيلي إلى تشكيل لجان تحقيق عاجلة.

وهذه الاعترافات الضمنية بالفشل الإسرائيلي في مواجهة القدرات اليمنية يمثل سقطة كبرى للاستخبارات الإسرائيلية التي طالما صورت نفسها على أنها “الدرع الذي لا يُخترق”.

استهداف ديمونا ليس مجرد عملية عسكرية عابرة، بل إعلان عن ولادة قوة ردع يمنية قادرة على اختراق كل الخطوط الحمراء الإسرائيلية، وتحويل الجغرافيا من عامل قوة لإسرائيل إلى عامل ضعف، بحيث لم تعد المسافات الطويلة حاجزاً أمام القدرات الصاروخية والمسيرة اليمنية المتطورة، وهذا التحول الاستراتيجي – المقترن بالحصار البحري والضربات الاقتصادية – يضع إسرائيل أمام واقع أمني جديد لم تكن مستعدة له، حيث تتهاوى صورة “الدولة التي لا تقهر” تحت ضربات مقاتلين يمنيين استطاعوا تحويل معادلة الصراع لصالحهم.

You might also like