تعز من عاصمة الثقافة إلى مقبرة الإنسان
إب نيوز ١٩ سبتمبر
كتبت/سعاد الشامي
تعز المدينة التي كانت تلقب بعاصمة الثقافة، مهد الكلمة الحرة ومنبر الفكر المستنير، صارت اليوم تعيش زمنًا مغايرًا تمامًا لذلك المسمى الذي عرفه اليمنيون عنها، فحيثما تجولت بين أحيائها، لا تجد سوى جراح مفتوحة ودماء تراق، وحيثما بحثت عن صوت الثقافة لا تسمع إلا أزيز الرصاص.
لقد تحولت تعز من قلعة علم ووعي إلى ساحة للفوضى ومقبرة للإنسان، والسبب ليس سوى هيمنة ميليشيات مرتهنة للخارج، باعت قرارها، ونسفت قيمها، وسلمت زمامها لأجندات الغزاة.
لقد أوهموا الناس أن تعز لاتزال منبراً للثقافة ومعلمًا للحرية، بينما الحقيقة أنها غدت مسرحًا لعمليات الاغتيال والانفلات الأمني، حيث يستباح الدم، وتكسر القيم.
وأبشع ما جسد اليوم هذا الانحدار هو اغتيال مديرة صندوق النظافة والتحسين في تعز الاستاذة افتهان المشهري ، كأول امرأة تغتال في تاريخ اليمن ،وجريمة وحشية كسرت أعراف المجتمع اليمني وقيمه، ودلت بوضوح على أن الخيانة والارتهان للخارج لا تكتفي بتمزيق الجغرافيا، بل تنتهك حتى حرمة المرأة.
إن اغتيال بنت تعز على أرض تعز رسالة دامية بأن من يحكمون تعز اليوم لا يعرفون من الثقافة إلا اسمها، ولا من الإنسانية إلا قشورها، فيما جوهرهم غارق في القتل والعمالة.
إن تعز اليوم لا تدار بإرادة أبنائها، بل تساق من خلف الكواليس بأوامر قوى خارجية جعلت منها ورقة مساومة يبيعها ويشتريها سماسرة الدم في سوق السياسة، فمن كان يفترض بهم حماية المدينة صاروا ذاتهم أدوات لتدميرها، يرفعون شعارات مزيفة، فيما يزرعون الموت والدمار في كل شارع وحارة.
أخيرًا مهما طغى الظلام والإجرام لابد أن يدرك أحرار تعز خطورة الوضع الذي آلت إليه مدينتهم في كل الجوانب ليأتي اليوم الذي تكسر فيه قيود الارتزاق وتعود تعز إلى حضن الوطن الحر والمستقل والمطهر من رجس الخيانة.