الشهداء… مشاعل النور في دروب العزة والكرامة
إب نيوز 6 نوفمبر
محمد صالح حاتم
في الذكرى السنوية للشهيد، نقف بخشوعٍ أمام عظمة أولئك الذين رووا بدمائهم الزكية تراب هذا الوطن، دفاعًا عن الدين والعرض والسيادة، وصنعوا ببطولاتهم درعًا من الكرامة يحمي الأجيال القادمة من ذلّ التبعية والانكسار.
لقد كانت تضحيات الشهداء على امتداد سنوات العدوان السعودي الأمريكي الإماراتي على بلادنا، عنوانًا للمجد والإباء. فمنذ أن أُشعلت نار العدوان الظالمة على اليمن، ارتقى آلاف الشهداء من أبناء الجيش واللجان الشعبية، ومن أبناء القبائل والقرى والمدن، مؤمنين بأن الدفاع عن الأرض والعقيدة واجب مقدّس لا يقبل التراجع أو المساومة. كانوا يعلمون أن الدماء الطاهرة التي تسقي أرض الوطن ستثمر حرية، وأن كل قطرةٍ منها ستنبت نصرًا وعزًّا واستقلالًا.
وما زالت مسيرة الشهداء ممتدة حتى اليوم في مواجهة العدو الذي يرتكب أبشع أنواع المجازر بحق ابناء الأمة الإسلامية في فلسطين ولبنان واليمن وسائر الجبهات الحرة. إن شهداء طوفان الأقصى هم امتداد طبيعي لتلك القافلة المباركة من شهداء اليمن والأمة، الذين أدركوا أن المعركة واحدة، والعدو واحد، وأن القدس لا تتحرر إلا بدماء الأحرار وتضحيات المجاهدين.
وفي هذه الذكرى المباركة، لا بد أن نؤكد أن الوفاء للشهداء لا يكون بالكلمات وحدها، بل بالعمل الصادق لرعاية أسرهم وتكريم تضحياتهم. فواجبنا تجاه أسر الشهداء والجرحى والمفقودين هو واجب ديني وأخلاقي وإنساني، يتطلب اهتمامًا مستمرًا ورعاية شاملة تحفظ لهم كرامتهم وتؤمّن احتياجاتهم المعيشية والتعليمية والصحية، عرفانًا بتضحيات من قدّموا أغلى ما يملكون في سبيل الله والوطن.
إن الاهتمام بأسر الشهداء هو امتداد للوفاء لدمائهم الزكية، وهو ما يجسد القيم الإيمانية والوطنية التي ضحوا من أجلها. كما أن رعاية الجرحى والمفقودين تمثل جزءًا أصيلاً من واجب الأمة في ردّ الجميل، وتأكيد أن تضحياتهم لم تذهب سدى، وأن الوطن لا ينسى أبناءه الأوفياء.
إننا في هذه الذكرى الخالدة، نجدد العهد والوفاء لكل شهيدٍ مضى على درب الله، ونعاهدهم بأن نحمل رايتهم عاليةً، ونواصل الطريق حتى يتحقق وعد الله بالنصر للمستضعفين. فالشهداء لم يرحلوا من حياتنا، بل بقوا في وجدان الأمة، يحيون في القلوب والعقول، يضيئون الدرب للأحرار، ويذكّروننا بأن العزة لا تُشترى، وأن الكرامة لا تُوهب، بل تُنتزع بالتضحيات.