في مقام الشهادة والشهداء

 

إب نيوز ٢٧ ديسمبر

منير إسماعيل الشامي

الشهداء وما ادراك ما الشهداء! ثم ما إدراك مالشهداء!
هم نجوم اﻷرض ومصابيح السماء هم بناة المجد وينابيع العزة،وفيض الكرامة، وهم أكرم الناس جودا، واجزلهم عطاء، وأعظمهم تضحية وفداء

بدمائهم الزكية صنعوا الحياة، وبأرواحهم الطاهرة أسسوا صروح المجد والشموخ، وبأكفهم الشديدة كسروا كبرياء الطغاة والمستكبرين وألبسوهم الخزي والعار وقطعوا كل يد متجبرة قبل أن تمتد إلى الوطن لتبطش بشعبه العزيز او تنهش في ترابه الغالي فبتروها قبل أن تصل إلى مبتغاها، وببأس تلك الأيادي العظيمة صدوا الزحوف ووزعوا الحتوف وأبادوا الصفوف ، ودمروا المجنزرات باﻷلوف، وبذات الأكف الناعمة الكريمة ايضا مسحو عن وجه الإنسانية المستضعفة غبار الذل والهوان ، وجففوا دموع الثكالى ، وعليها رسموا بسمات الرضى بالنصر وافرحوا القلوب المكلومة ونفسوا عن النفوس المألومة بانتصاراتهم االتي حققوها بتضحياتهم العظيمة على قوى الشر والعدوان

فهم صناع الحياة العزيزة الكريمة، وصناع المجد والخلود وصناع حياة العزة واﻹباء وحياة الكرامة والحرية والاستقالال هم وكل ابطالنا المرابطين ، أما المتخلفون عنهم والقاعدون دونهم والمتخلفون عن اللحاق بهم فسيبقوا نكرة مجهولة بلا تاريخ ولا مجد فلا مكان لهم في صفحات التاريخ المشرق، ولا مكان لهم في لوح الخلد المحفوظ ولن يكون لهم ذكر إلا في الصفحات السوداء من تاريخ البشر البشع الذي لا يشتم منه إلا ريح الخزي والعار و الفضيحة.

والشهداء هم صفوة الناس عند ربهم ربح بيعهم وصدقوا ما عاهدوا الله عليه احبوا الله ورسوله واحبهم الله فاصطفاهم إلى جواره ضيوفا مكرمين و بفضله منعمين وبرضاه فرحين مستبشرين، لهم من الله البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا يمسهم نصب ولا وصب وهم في روضاتهم خالدون.

والشهادة هي أبلغ أبجديات السمو والرفعة وأوثق عرى علاقات العبد بربه لا يمنح وسامها إلا لخاصته منهم واحبهم إليه ولا ينالها إلا ذو حظ عظيم ، والشهادة موسومة بالحياة الخالدة يراها الجهلاء موتا، ويراها الأتقياء حياة نعيم ابدي في مقام صدق عند مليك مقتدر كما وصفها لهم وعرفها إليهم يعشقها المخلصون من عباده عشقا يفوق الوله ويتجاوز الشبق ويكرهها عشاق الدنيا الغرور وعباد هوى النفس الوضيع المسعور من أهل النفاق والشرك والكفور

وللشهادة منزلة رفيعة ترفع صاحبها الى مصاف الانبياء عند الله فهي ثمن عظيم لغايات عظمى، ومقاصد عليا تعكس ذروة التجليات لتماهي العبد في انقياده واستسلامه المطلق لله سبحانه وتعالى وتجسيد مطلق لزكاء نفسه الإنسانية المجبولة على حب الذات والشهوات وارتقاءها إلى مستوى النفس الملكوتية التي تبلورت فيها القيم النبيلة والمبادئ السامية والأخلاق الإنسانية العليا وانسجمت مع واقع الاستخلاف الحقيقي الذي أراده الله للأنسان على الأرض، ولهذا السبب مثلت الشهادة وثقافة الاستشهاد أرقى مشروع حياة على الارض.

والشهادة أيضا هي معادلة عجيبة وقانون إلاهي مدهش مدخلاتها قليلة ومخرجاتها كثيرة وفيرة تزيد في حجمها وكمياتها واعدادها وثمارها وفوائدها عن المدخلات بملايين ملايين المرات
هذا من جهة ومن جهة أخرى فالشهادة جمعت بين النقيضين فهي كره للإنسان الجاهل يكرهها ينفر منها يأباها لا يريدها لوفيها خيرا كثيرا خيرا عظيما خيرا يشمل كل جوانب حياة الناس في الدنيا لا يعيها إلا كل قلب سليم ، وأما عاقبتها للشهيد فهي الحياة الحقيقية التي تتوافق مع فطرته وتنسجم مع رغباته وأمانيه حياة لا موت فيها ولا هرم، ولا كدر معها ولاهم، ولا هرم فيهاولا حزن ولا شجن فيها ولا سقم، ولا نقص في نعمة من نعمها ولا زوال لها ولا ألم ولا مشقة نعيمها وافي متنوع وكافي متضاعف في فرح وسرور وسعادة وحبور، وفي ضيافة دائمة لا تنتهي وحفاوة قائمة لا تزول.

تلك هي الشهادة وذاك هو الشهيد
وتلك هي النعمة وذاك هو الأكيد
واسألوا عنها تحالف العدوان وجحافل الشيطان ما صنعت فيهم الشهادة وما صنع الشهيد خلال ستة أعوام من القتل والتنكيل والويل والثبور وتجريعهم الموت الزعاف وإذاقتهم عذاب الله الشديد في مختلف الجبهات.

You might also like