سَنُسأل

إب نيوز ١٤ يونيو

هنادي خالد

ليس إنسانًا..من يسكتْ عن كُلِّ هذه الجرائم مِن قتلٍ ودمارٍ ووجعٍ يحصلُ في اليمن نتيجة هذا العدوان والحصار، من يسكت وهو يرىٰ طِفلًا تُمزِقهُ صواريخ طائراتِ أمريكا و صهاينة العرب، من يسكتْ وهو يسمع صرخات الثكالى والأيتام، من يصم أُذنيه عن سماع استغاثاتِ الفقراءِ والمرضى، من يرىٰ بِأُمِ عينيه باحثًا عن كسراتِ الخُبزِ المُلقى بين رُكامِ مابخِلَ به بالأمسِ وأكرم صناديقَ القمامةِ وزوايا الشوارع.

ليس إنسانًا… من حجّر قلبَه وهو يرىٰ دمعاتِ أُمهاتِ وآباءِ الأسرى العالقةِ بين أشفارِ أعينهم؛ حُزنًا ووجعًا علىٰ أبنائِهم المُعتقلين خلف قضبان سجون شياطين البشر .

من سَمِع آنّاتِ مُشردٍ بِلا مأوىٰ يلتوي جوعًا وعطشًا بل وقهرًا تحت نوافذ منزله ، بينما هو يتقلب في نعيمه الدنيويّ، ويضع علىٰ أُذنيه التي أسهرتهُما تلك الآناتِ مايحولَ بينهُ وبين سماعِها .

ليس إنسانًا… .من رأَ طِفلًا يبيعُ قوارير الماءِ ويلقي على أرصفةِ الشوارِع والجولاتِ أحلامه ، وهنا بالقربِ من نافذةِ سيارته يدقُ بها طفلٌ آخر شاحب الوجهِ قد أحرقت ملامحهُ أشعةِ الشمس .

بل أجزمُ أن قسوة البشر هي من أحرقتها، ناظِرة إليها بعينيّ الرجاء ، أملًا أن يأخذ مِنهُ بعضًا مما يحمِلَه مُقابِل القليلِ مِن الريالات ، فَتُفتح تلك النافِذةُ ليطلق صاحبها مِن فمهِ سهامًا قاتلة لتلك العينين وذاك القلبِ الصغير الذي يختبىء بداخِلهِ أملٌ بسيط ألا وهو أمل الحصول علىٰ مايُمكنَه من تأمين لُقمةٍ يسُدُ بِها جوعه ؛ بل جوع أسرةٍ بِأكملِها يعولها.

هذا الأمل البسيط الذي يفترض أن يحلّ محلّهُ أملٌ من نوعٍ آخر ، أملٌ يرقبه منهم في مقاعد المدارس في مثلِ عُمره.

ليس إنسانًا… . من رأَ كُلَّ هذهِ المشاهِد والتزم الصمت ،ورضيَّ لنفسه أن يتجرد من إنسانيته ،
ويستحق الموقف المُخزي يوم الحساب حين يُسأل فيتلعثمُ عند الإجابة ؛ بل يُلجم.

وجميعُنا يُدرك بأننا سَنُسأل.

 

You might also like