سأفر إلى الله

إب نيوز ١٤ يونيو

أشــجان الجرموزي

سافرت بذهني لمن هم حولي فوجدت الآخرين لاتقل تعاستهم عن تعاستي، ولا فرحهم عن فرحي، رأيت الفراغ يقتلني، والانشغال قد أحكم قبضته علي، أين أنا راحلة وكم سأبقى على قارب الحياة أجدف يومياتي وأبحر في كينونة نفسي فلم يزدني التفكير إلا رهقا….

رأيت من نافذة أفكاري العالم بلونه الحقيقي دون زيف أو تقلبات متدحرجة نحو الهاوية، رأيت أبناء يبرون آباءهم رغم شحة حنان الوالدين عليهم، وفي المقابل وجدت نموذجا متكاملاً للعقوق حيث أن الأباء نسوا أنفسهم في مفترق طريق الحياة ليضمنوا حياة العيش الرغيد لأبنائهم ولم يع الأخير مقدار تلك التضحية، رأيت الفساد وسوء الأخلاق قد تشعب وانتشر والأخلاق بدأت بالتقلص والاختفاء، رأيت الفتيات بالحرام صارت أفعالهن حلالا، والنصح صار من المساوئ والرزايا، والبعض بالأخلاق تلاشى مع عظيم السجايا

وجدت الكادحين يمضغون الألم بابتسامة تطفي لهيب الحرمان، ورأيت الطامحين يرسمون المستقبل في المنام وينهضون ليدفنوه في مقبرة الحياة مع الأوهام، رأيت اللامبالة والاحتقار صار صفة دائمة، والاحترام والتقدير سلوكا صادما ونادرا

آلآم وأوجاع وضحكات واستمتاع، وكلام يذاع بلا مذياع ، وأفكار تتدحرج في صمت مطبق على الأنفاس وحشرجات أحاديث لايستطاع البوح بها

كطفل في بيت الظلام تائه وعروج بين مسافات الحنين يجابه، تراتيل تمنحنا سكينة لاثمن لها، وابتهال يدنينا من ضعف سكن بداخلنا ولم نره
تناسينا وفررنا للحياة وصخبها، فتمكن الألم منا وفقدنا السيطرة على زمام أفكارنا، تهنا وتسلل القنوط إلى أنفسنا ودب الرعب في دماء أوردتنا
أين سنذهب؟
أين نمضي ؟
إلى أين المفر ؟

أولئك الضاحكون لم نجدهم، لم تنجدنا وصايا الذين ظنوا أنهم لنا من الناصحين، ولا حكايا المسنين
ضاقت بنا الأرض ذرعاً فهرولت الروح عند كل منعطف لامفر من ضجر يلازمنا ولا من تأوه يهوي بما تبقى من صبرنا ولا نزف يتوقف بداخلنا مما صنعته الأيام بنا وماصنعناه بأنفسنا، فأين المفر
لم أع !!
أين سأفر ؟!
أين سأضع روحي ؟!
إنني أسمع ترتيلا خفياً يقول
” فروا إلى الله ”
نعم أدركت حينها إلى أين المفر إني سأفر إلى الله
سأفر إلى الله بجوانحي وجوارحي
سأفر إلى الله بألآمي وآهاتي
سأفر إليه في أتراحي وأفراحي
سأفر إليه قبل أن تغلق الحياة أبوابها في وجهي
سأفر إليه بنفسي المثقلة بالهموم والراجية التوفيق والطامحة لمستقبل يتنفس قربه وتأييده
بروح وإن مال غصنها فاتكالي عليه سبحانه
سأفر دوماً إلى الله حيناً وودهراً في كل حال هو من يجب أن أفر إليه
وأن أرمي بكل حمل عليه
سأفر وليفر الناس أجمع إليه.

 

You might also like