عَشوائية القصف وتقنين عملية الرد !

إب نيوز ٢٠ نوفمبر
بقلم الشيخ /عبد المنان السنبلي.
لاشك أن أكثر من ست سنواتٍ ونصف من العدوان تعُتبر كافيةً لأي باحثٍ أو متابعٍ أن يرسم الملامح العامة والعريضة لما تمخضت عنه ما يسمى بعاصفة (الحزم) حتى الآن وما ستئول إليه من نتائج في نهاية أمرها .
فمن خلال الإستراتيجية العامة وحُزَم التكتيكات الآنية ألتي اتبعها طرفا المعادلة يتضح أن هنالك مدرستان عسكريتان الأولى (مُقلِّدة) أو بالأحرى (متشبهة) بمدرسة عسكرية من نوعٍ ما، والثانية تكاد تكون فريدة من نوعها ولا يوجد لها مثيلٌ في عالم الحروب .
في الحقيقة لقد أعتمد ما سمى بالتحالف (العربي) في استراتيجيتهم لإدارة العاصفة على المدرسة الأمريكية أو الغربية بشكل عام محاولين استنساخها وتقليدها حتى على مستوى إطلاق الأسماء والصفات على المهام القتالية والعملياتية (عاصفة الحزم، السهم الذهبي، السيل الجرار…) وغيرها من المسميات المستوحاة من العقلية الأمريكية وطريقة تفكيرها.
ومن خصائص هذه المدرسة (الأمريكية) طبعاً هو عدم خوض الحروب مع أي طرفٍ مهما كان حجمه أو ضعفه بشكلٍ منفرد، وإنما في إطار تحالفاتٍ يضم عدة دول مشاركة ولو حتى بشكلٍ رمزي، وهذا بالطبع ما فعله السعوديون حيث أنهم لم يذهبوا إلى عدوانهم منفردين وإنما في إطار تحالفٍ ضم أكثر من عشر دولٍ مشاركةٍ بشكل مباشر وأخرياتٍ بتقديم الدعم اللوجستي والمعنوي .
ومن خصائصها أيضاً الإعتماد على الضربة الأولى المباغتة والمفاجئة بشكل هائل وواسع لإرباك الخصم وشل قدراته، وهذا بالضبط ما قامت به قوات التحالف (العربي) في ليلة 26 مارس 2015م.
كما أن من خصائص هذه المدرسة كذلك هو عدم التقيد بضوابط أخلاقية أو محددات قيَمية توجه خط سير الحرب، فترى المنتمين أو المقلدين لهذه المدرسة يعتمدون في حروبهم على سياسة الأرض المحروقة واستخدام الأسلحة الفتاكة والكثافة النارية العالية وأساليب الترهيب والترويع واستهداف المدنيين والأبرياء وممارسة سياسة التعتيم الإعلامي على ما يرتكبونه من جرائم ضد الإنسانية وكذلك التعتيم على ما يتكبدونه من خسائر من خلال إخفاء معظمها والتقليل من شأنها وكذلك الإستعانة بضعفاء النفوس من مواطني الدولة الخصم وتوظيفهم لصالح حربهم تحت عناوين ساحرة وجذابة كالتحرر والديمقراطية ونصرة المظلومين وإعادة الشرعية والكثير من العناوين الأخاذة بالإضافة إلى تقديم الرشا وشراء الذمم والمواقف الدولية والمنظمات المدنية والحقوقية.
في المقابل فقد اعتمد اليمنيون في استراتيجيتهم لمواجهة العدوان رغم شحة الموارد والإمكانات لديهم على مدرسة يمنيةٍ فريدةٍ من نوعها وذلك من خلال اتباع استراتيجية النَفَس الطويل والأناة وعدم الإستعجال في ردة الفعل المتشنجة والمتسرعة وهذا ما شهدناه بداية العاصفة حيث لم يبدأ الرد اليمني إلا من بعد أربعين يوم من انطلاقها .. بالإضافة إلى التسلح بالصبر والثبات والتحلي بالشجاعة والإرادة وكذلك انتقاء الأهداف العسكرية بعناية فائقة وحسن اختيار السلاح المناسب في الزمان والمكان المناسبَين وترشيد استخدامه وكذلك التركيز على الجوانب الإيمانية والعقائدية من خلال الإتكال والإعتماد على الله والتقيد بمنظومة قيم عسكرية وأخلاقية عالية، فتراهم يكرمون الأسير ولا يتعرضون لمن يفر من جنود العدو وحتى على مستوى علم وراية دولة الخصم فلا يهينونه أو يمزقونه أو يلقونه جانباً عندما يستبدلونه بالعلم اليمني في المناطق ألتي يستولون عليها بعد فرار وانكسار جيش العدو والشواهد من ذلك كثيرة وماثلة للعيان.
من هنا يتبين حجم الفرق بين من يمتلك من القدرات والإمكانات العسكرية واللوجستية ما لم يمتلكه أحدٌ في المنطقة من قبل إلا أنه يفتقر إلى الرؤية الواضحة والوسيلة والمعالم والأهداف، وبين من يعاني نقصاً حاداً في الموارد والعتاد إلا أنه ومع ذلك يمتلك مخزوناً كبيراً من الإرادة والمبادئ والقيم والشجاعة والبطولة يفوق في نوعيته مخزون خصمه من النفط والغاز مجتمعين، فلا يستويان !

#معركة_القواصم

You might also like