أبو نشطان : اعقلها.. وتوكل.

إب نيوز ٨ ربيع الثاني

بقلم الشيخ /عبدالمنان السنبلي.

كنت ولازلت وسأظل أقول أن مشكلتنا الأولى بالدرجة الأساس هي إدارية بحتة!
نعرف أحياناً كيف نجبي الجبايات وننمي الإيرادات ولكن لا نعرف كيف ومتى وأين نصرفها!
خذوا عندكم الهيئة العليا للزكاة مثلاً،
فمنذ أن أصبحت هيئةً مستقلةً مالياً وإدارياً وهي تقوم حقيقةً بأعمال جليلة وعظيمة وتسهم في دعم مشاريع كبيرة مقارنةً طبعاً بما كان عليه أمر الزكاة ومصارفها من قبل.
إلا أنها، ومع ذلك، لازالت، وعلى ما يبدو، تفتقر إلى امتلاك رؤية استراتيجية واضحة تمكنها أولاً من تحديد قضايا الفقر والعوز وتصنيفها، ومن ثم البدء بوضع حلول مستدامة ومعالجات حقيقية وجذرية لها وبحسب الأولويات طبعاً.
الحلول الجزئية لقضايا الفقر والعوز لا قيمة لها في كثير من الأحيان!
والزكاة في الحقيقة لم تُشرع للتخفيف من وطأة الفقر وإنما للقضاء عليه نهائياً.
لذلك من الصعب جداً الحديث عن معالجة قضايا الفقر والعوز بحلول جزئية مبعثرة وإنما يتم ذلك بحلول مستدامة ووفق آلية منظمة وخطوات متسلسلة تبدأ أولاً بالفقراء الأشد فاقةً وعوزاً..،
فالذي يليهم ثم الذي يليهم…
بالله عليكم،
ما قيمة أن تقدم هيئة الزكاة مثلاً مساعدة مالية قيمتها مليون أو مليونا ريال لمريض فقير ومعدم يحتاج إلى عملية زراعة كلى مثلاً أو كبد بقيمة ثمانية أو سبعة ملايين ريال على أقل تقدير؟
من أين له يا ترى بخمسة أو ستة ملايين ريال إضافية لإنجاز واتمام هذه العملية إذا كان هو في الاصل فقير ومعدم؟
أليس هنالك في بلادنا الآلاف وربما عشرات الآلاف من المرضى الذين يحتاجون إلى إجراء مثل هذه العملية؟
يعني بدلاً من أن تقوم الهيئة بتقديم مليون أو مليوني ريال أو حتى ثلاثة ملايين كمساعدة لهم قد لا تفي بالغرض كله، لماذا لا تتكفل مثلاً ببناء وتجهيز مركزٍ متخصصٍ من أموال الزكاة تابعاً لها يعمل على إجراء مثل هذه العمليات لهؤلاء المرضى؟!
أليس في هذا حل مستدام وطويل الامد؟
الأمر نفسه ينطبق كذلك على بقية الأمراض المستعصية والنفسية والعصبية المستفحلة التي، وبلا شك، يعاني منها عشرات الآلاف من المرضى الفقراء والمعدمين والذين بطبيعة الحال لا يجدون ما يطببون به أنفسهم؟
لا أعتقد بصراحة أن هنالك أولوية اليوم إلا لهؤلاء النوع من المرضى الذين يصارعون الموت كل يوم مرتين : الأولى وهم يقعدون مستسلمين بانتظار قدرٍ محتومٍ بات لهم وشيكا، والثانية وهم يتجرعون مرارة السؤال يطرقون أبواب الناس بحثاً عن بصيص أملٍ ينجيهم من هذا القدر المحتوم!
بعد الانتهاء من ذلك، يمكن أن يأتي الحديث عن إمكانية النظر في مشاريع زكوية أخرى كمشاريع الزواج الجماعي مثلاً والكسوة والأضاحي والغارمين وغيرها مما يندرج في إطار مصارف الزكاة الشرعية وبحسب الأولوية طبعاً ولكن بشرط أن تقتصر هذه المشاريع فقط على الفقير المعدم المعوز الغير قادر على العمل وبما يلبي له كافة احتياجاته.
أما الفقير المعدم القادر على العمل فمن الأفضل والأجدى أن تنفذ الهيئة مشاريع اقتصادية واستثمارية ضخمة لاستيعابه وخلق فرص عمل له ولأمثاله من الفقراء المعدمين.
عندها سيكونون قادرين طبعاً على تزويج أنفسهم وكسوتها وكسوة أهاليهم وعمل كل ما من شأنه تأمين كافة احتياجاتهم واحتياج أبناءهم وأهاليهم ولو بالحد الأدنى.
هكذا باختصار ينبغي أن تكون إدارة وتنمية مصارف الزكاة، وهكذا تتحقق الغاية المثلى التي من أجلها فرضت هذه الزكاة.
فيا شيخنا أبو نشطان :
اعقلها.. وتوكل.
وليكن شعار الهيئة :
نحو حلول مستدامة لا جزئية أو آنية.
وبالله التوفيق.

#معركة_القواصم

You might also like