هذا حق الباعة المتجولين.. وحقنا؟!

 

إب نيوز ١٤ رمضان

عبدالملك سام

تم إنصاف البائع المتجول الذي أعتدى أحد موظفي الدولة على ابنه الصغير، وجيء بالموظف وزملاءه مكبلين بالأصفاد إلى مكتب رئيس الدولة، وأعتذر الموظف من الطفل وأبيه، وأعتذر الرئيس من الطفل وأبيه، وجبرت الخواطر في مشهد يليق بنا كيمنيين، وفي دولة العدل والكرامة التي طالما سعينا لها حتى تكون دولة للشعب ولمصالحه.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أن والد الطفل – كما يبدو – إستغل الموقف ليوصل شكواه إلى رأس الدولة مما يعانيه هو والباعة المتجولين الآخرين، وليأتي توجيه قائد الثورة   للحكومة بإعفاء الباعة المتجولين من أي رسوم حكومية، وهو قرار إنساني وشجاع بالنظر لما تعانيه الحكومة من صعوبات إقتصادية في ظل الحصار والحرب الإقتصادية، وهو أيضا قرار غير مسبوق في الحكومات السابقة التي رغم أنها كانت تسيطر على جميع الإيرادات وعائدات الثروات، إلا أنها لم تلتفت لمعاناة الباعة المتجولين، ولطالما عاملتهم بطرق لا إنسانية!

إلى هنا فهل انتهت الحكاية؟! لا بالطبع، فقد حصل الباعة المتجولين على حقوقهم، فهنيئا لهم، ولكن ماذا عن واجباتهم نحونا؟ وحتى لا نكون كالذي يتغطى بلحاف قصير، فإذا غطى وجهه لفح البرد رجليه، وإذا غطى رجليه لفح البرد وجهه! فالقرار صدر، ويبقى على الحكومة أن تنظم الجوانب ذات الصلة، فدعوني أوضح الأمر رجاء..

الخطأ لم يكن في الرسوم، بل في آلية تحصيلها؛ فأن تكتفي الحكومة بإستلام مبلغ محدد من أي شخص كان وبعدها تطلق يده لتحصيل الإيرادات كيفما يريد ودون ضوابط، فهذا هو الخطأ بعينه! فالمفترض ألا ينوب أحد عن الدولة في تحصيل الرسوم، وإن أستدعى الأمر ذلك فالمفترض أن يتم عبر شركات متخصصة وعبر المفاضلة ووفق لوائح تحدد طريقة عمل هذه الشركات.

الباعة المتجولين يسببون الزحام في الطرق، فمن سينظمهم؟ ويملأون الشوارع بالمخلفات، فمن سيحاسبهم؟ ويبيعون لك بضائع تالفة ثم يختفون، فمن سيلاحقهم؟ وقد يتسبب هذا القرار في إنتشار هذه الظاهرة التي ستغري أصحاب المحلات الصغيرة لتحويل نشاطهم إلى باعة متجولين، خاصة وهذا الأمر سيوفر عليهم إيجار المحلات والرسوم التي يدفعونها!

ليس الأمر أنني ضد الباعة المتجولين، ولكن ما أقترحه لا يضر بمصالحهم، فلو أننا – مثل باقي الخلق – نقوم بإنشاء أكشاك أنيقة وبسيطة توضع في أماكن محددة كما يفعلون في بلاد العالم الأخرى، ويتم تأجيرها لهؤلاء برسوم رمزية، فبماذا سيضرهم هذا؟!

أنا أعرف أن رأيي هذا سيبدو وكأنني ضد قرار القيادة الإنساني والمنصف، ولكن بالنظر للموضوع من جميع الجوانب فإن ما أقترحه سيصب في مصلحتنا جميعا، وسنضمن بذلك أن يمارس الباعة المتجولين عملهم بشكل راق ومحترم، كما نضمن أن يتم عرض بضائعهم بشكل آمن ونظيف، وتواجد البضائع في أماكن محددة سيؤدي لتقليل الفوضى والأزدحام، ويحافظ على نظافة شوارعنا ونظامها، وبذلك تعود الفائدة علينا جميعا. ويبقى هنا دور حكومتنا الموقرة لتنظيم هذا الجانب.. والله من وراء القصد.

You might also like