حقيبة رئيس حكومة فندق “الشرعية” !

إب نيوز ٢٩ رجب

 عبدالملك سام

كنت أقرأ الأخبار في هاتفي المحمول (أو جوالي كما يفضله البعض)، بينما أذناي تتابعان ما يعرض في التلفاز (أو المرناة كما يسميه جهابذة اللغة).. المهم أنني سمعت تقرير كان يعرض لحظتها عن تعيين السعودية لـ (بن مبارك) رئيسا لوزراء فندق الشرعية، وعندها أنتبهت بأني كنت أشاهد قناة “الحدث” (أعز الله قدركم)، فأستغفرت لذنبي؛ لأني منذ مدة طويلة أقلعت عن مشاهدة هذه المحطات الموبؤة.

لكن ما لفت نظري أن مستوى هذه القنوات قد أنحدر كثيرا، وقد كان المفترض أنها قد أصبحت أكثر ذكاءً وخطورة خلال هذه المدة الطويلة! أما ما شاهدته في هذه الدقائق فهو مستوى بائس فعلا.. ربما هم وصلوا لأقصى مدى يستطيعونه من الكيد والكذب، وربما أنني منذ أحترمت عقلي وأقلعت عن متابعتهم قد أزدت وعياً، وربما أن أنكشاف واقعهم بسبب الأحداث الأخيرة قد شكل ضغطاً عليهم فما عادوا يعرفون ماذا يمكن أن يقولوا.. المهم أن هذه القنوات أنتهت، وربما عما قريب سيكتفون ببث الأغاني ومهرجان الرياض “الترفيهي”، المهم دعارة والسلام!!

بالعودة لما قيل في التقرير، يتضح أن (بن مبارك) قد أكمل فترة تدريبه في أمريكا، ولذلك فقد رأى النظام الأمريكي أن عودته ضرورية لمصالحهم في الفترة القادمة. هذا التغيير كالعادة لم يراعي مصالح اليمنيين، ولم يكن بسبب أنهيار العملة الأخير والمتكرر، بل لأجل التحضير لمواجهة الحكومة اليمنية بعد أن عجزت أمريكا “العظمى” وبريطانيا والأنظمة العميلة في المنطقة عن مواجهة اليمنيين في البحر؛ فهم يحاولون أن يغيروا الواقع المفروض عليهم قبل أن يضطروا لأيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة، والذي لو حدث الآن لأعتبر نصرا كبيرا لصنعاء ومحور المقاومة.

ذكرت في التقرير كلمات مثل أن أهم أسباب تعيين (بن مبارك) هو “علاقته” الجيدة مع الأمريكيين، وهذا أعتراف بأن اختيار (بن مبارك) لم يكن لأجل عيون اليمنيين ومصالحهم، بل أن معيار أختياره هو عمالته للنظام الأمريكي! كما قيل في التقرير أن من أهم الصفات التي يتحلى بها (بن مبارك) هو أنه “راديكالي ضد الحوثيين”، وهذه الكلمة تفضح السياسة التي تتعامل بها أمريكا مع باقي دول العالم، وتفند إدعاءات الحرية والديموقراطية التي يفاخر بها ساسة البيت الأبيض، وأرتباطهم الوثيق بجميع التوترات والأزمات حول العالم التي تضمن سيطرتهم على ثروات ومقدرات الأمم الأخرى.

أما عن تأثير هذا التعيين على اليمن وفلسطين فليس بذى قيمة؛ فاليمنيين أستطاعوا أن يفرضوا معادلة ردع قوية مكنتهم من إرباك وفرض أرادتهم على الدول المعتدية المارقة، والهدنة التي أعتقدوا أنها تشكل ورقة ضغط على الحكومة اليمنية في صنعاء لا تأثير لبقائها أو انتهائها كونها جاءت لإنقاذ إقتصاديات دول تحالف العدوان من الانهيار، كما أن أستمرار اليمنيون في التحشيد وتطوير قدراتهم العسكرية ضمنت أستمرار تفوقهم وطول أيديهم في البر والبحر، فتحولت الهدنة إلى وسيلة قوة بعكس ما توقع المعتدون.

الجنوب أكثر المتضررين من هذه التعيينات الهوجاء، وبجانب تأثيرها الأقتصادي المدمر، فالمتوقع أنها لن تقود سوى نحو المزيد من الأزمات والنكبات، خاصة وأنها لم تأتي لحل مشاكل الجنوب المستمرة في الأزدياد، بل أتت لحل أزمات أمريكا المتصاعدة في المنطقة، وفي الأخير سيتم فرض توقف العدوان الإسرائيلي على فلسطين، وسيؤدي ذلك لظهور مشاكل لا يمكن التنبؤ بها الآن لأمريكا وإسرائيل والأنظمة العميلة في المنطقة، وحول العالم.. العزة لله ورسوله وللمؤمنين، ولله عاقبة الأمور.

ملاحظة: من يتذكر حقيبة (بن مبارك) التي صادرتها الأجهزة الأمنية قبل العدوان؟ ومن يتذكر ماذا كانت تحتوي؟! فعلاً.. الخسيس يظل خسيساً، وذيل الكلب لن يعتدل أبداً!

You might also like