كيف تحولت الجماعات الإسلامية إلى فخ أمريكي؟
إب نيوز 22 سبتمبر
—-
بقلم محمد البخيتي
طُرح سؤال على سعد الفقيه: لو كنت مكان الشرع، هل ستفتح جبهة لتساعد غزة؟
فجاء رده بالنفي، بحجة عدم الاستطاعة مستشهدا بعدم تدخل الرسول صلى الله عليه وآله لإنقاذ المؤمنين في مكة حينما كان في المدينة.
وهكذا اصبح خذلان أهل غزة واجب شرعي يجب على المسلمين الالتزام به حفاظا على سلامتهم وبفتوى شرعية.
الخطورة تكمن في ان الفقية لا يعبّر عن موقفه الشخصي فحسب, بل يجسد أيضًا موقف قادة ومفكري الجماعات الإسلامية في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، الذين تسابقوا لنصح الجولاني بخذلان غزة، بل وسخّروا خطابهم الاعلامي لتبرير صمته أمام الاستباحة الإسرائيلية لسوريا.
إن تماهي تلك الجماعات مع الموقف الرسمي العربي هو ما طمأن نتنياهو ومنحه شيكًا على بياض ليمارس في غزة ما يشاء من عدوان، يضاف إلى ذلك أن شدة خصومتها مع محور المقاومة أزالت ما تبقى من مخاوف لدى إسرائيل من احتمال توحد الأمة كرد فعل على جرائمها.
المفارقة ان موقف هذه الجماعات تغير بالكامل بمجرد وصولها إلى السلطة في سوريا واصبح لها حدود مع فلسطين، مع أنها طالما ندّدت بصمت الأنظمة العربية بل وهاجمت محور المقاومة نفسه على تقصيره.
وإذا قُدّر لها الوصول إلى السلطة في مصر أو السعودية أو الأردن أو الإمارات فلن يختلف موقفها، أما إذا وصلت إلى السلطة في اليمن فسيكون أول احتفال لها هو بإسقاط آخر جبهة مساندة لغزة، تحت ذريعة “قطع يد إيران” في المنطقة.
لكن ما يثير الاستغراب أكثر هو غياب أي انشقاقات أو اعتراضات من أتباع هذه الجماعات، على عكس ما فعلوه عندما أعادت حماس علاقاتها مع إيران وحزب الله. وهذا يثبت أن خضوعها لإسرائيل لا يعبر عن تغير طارئ في مواقفها بل يعبر عن اصالته, وأن خطاباتها السابقة لم تكن سوى تكتيكات إعلامية للمزايدة على الخصوم وخداع الناس.
ولهذا نرى أن أتباعها يصدّقون بسهولة المزاعم التي تنفي وجود عداوة بيننا وبين أمريكا أو إسرائيل وأن الحرب الدائرة مجرد مسرحية لخداع الشعوب، لأنهم ببساطة ينظرون لنا بعين طباعهم.
كل ذلك يطرح السؤال التالي: لماذا تصر الجماعات الإسلامية على خوض الحروب الداخلية التي تزهق أرواح الملايين وتسمّيها “واجبًا جهاديًا”، بينما حين يتعلق الأمر بمواجهة إسرائيل نصرةً لأهل غزة، يصبح خذلانهم وقتال من يناصرهم هو “الواجب الشرعي”؟
وهذا يقودنا إلى السؤال الجوهري والمصيري الذي يجب على كل أبناء الأمة الإسلامية التفكير فيه: كيف تمكنت بريطانيا وأمريكا من صهينة الجماعات الإسلامية وتحريكها بما يخدم مصالحهما؟
لقد أدرك أعداء الأمة منذ وقت مبكر أن الإسلام يشكل حاجزًا أمام أطماعهم. حتى في أوقات ضعف المسلمين، فإن أي غزو عسكري أو ثقافي يوقظ في الأمة روح الجهاد والمقاومة. لذلك سعى هؤلاء الأعداء لضرب الإسلام من الداخل، عبر خلق الظروف الملائمة لنمو حركات إسلامية منحرفة يسهل اختراقها وتطويعها، لتصبح فخًا يتيح لهم احتكار أي تحرك إسلامي.
استنادًا إلى الدراسات الميدانية التي أجراها المستشرقون الأوائل في العالم الإسلامي، أدرك البريطانيون مبكرًا أهمية الحركة الوهابية الناشئة كأداة لضرب المسلمين من الداخل. لذلك قاموا بدعمها عسكريًا وماليًا حتى استولت على الحرمين الشريفين، ثم وفروا لها الغطاء السياسي لنشر فكرها في أرجاء العالم الإسلامي على حساب بقية المذاهب.
ومن خلال الفكر الوهابي، استطاعت الصهيونية العالمية صهينة الجماعات الإسلامية وتحويل بوصلة عدائها لتستهدف كل خصومها، بدءًا بالاتحاد السوفيتي، مرورًا بالصين والهند وروسيا، وانتهاء بمحور المقاومة.
لذلك نلاحظ ان ما يجمع الجماعات الاسلامية المتصهينية ويميزها عن غيرها هو تأثرها بالفكر الوهابي.
وهكذا وجّهت بريطانيا وأمريكا المسلمين نحو خيارين كلاهما مرّ: إما أن يصبحوا ضحية لغزوها الثقافي ويقبلوا هيمنتها، أو أن يقعون في فخ الجماعات الإسلامية المتأثرة بالوهابية، فيقاتلون كل من يعارض هذه الهيمنة.
رغم وضوح انحراف الحركة الوهابية بتطرفها، وكثرة جرائمها، وتحالفها مع أعداء الأمة، ورغم النصوص القرآنية والنبوية التي وصفتها بـ”قرن الشيطان” ووصفت أتباعها بأشد الناس كفرًا ونفاقًا، إلا ان المسلمين تجاهلوا كل ذلك, وما تجاهله المسلمون فطن له أعداؤهم.
https://x.com/TheMediaOfficee/status/1970074800900002130?t=1sJ3Tpvei3tQ-IXvX1TJrg&s=19