اللعبة الأمريكية وأبعادها السياسية والأمنية في العراق خلال الفترة المقبلة..!!

إب نيوز 6 نوفمبر

غيث العبيدي ممثل مركز تبيين للتخطيط والدراسات الاستراتيجية في البصرة.

العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، علاقة معقدة ومتأرجحة، ولم نشهد أنها ثبتت على حالة واحدة، ومبنية دائماً على الهواجس، ومكبلة بالشكوك، طيلة الفترة التى رافقت النظام السياسي الحالي منذ 2003 ولغاية هذه اللحظة، وعلى مايبدو أن واشنطن حسمت أمرها مؤخراً، على أن يكون لها رأى آخر، وتصرف أكثر صرامة من ذي قبل، مع أركان السياق السياسي والأمني والأقتصادي في العراق، بعد الإنتخابات العراقية القادمة، تحديداً فيما يخص ”النفوذ، القوة، توزيع المناصب المتعلقة بالوزارات السيادية، صناعة القرارات“ وعلى مايبدو أكثر إن الاتصال الهاتفي الذي أجراه وزير الدفاع الأمريكي ”هيغسيث“ بنظيرة العراقي ”ثابت العباسي“ من جانب، وما حمله بيان مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص للعراق ”مارك سافايا“ من جانب آخر، يؤكد إن العلاقة بين البلدين لا يمكن أن تكون طبيعية، وغير متوازنة، ولا متماسكة، ومعرضة في أي لحظة للأهتزازات الداخلية والخارجية، ومشكلتها الرئيسية تتمحور حول «طهران والحشد الشعبي»

ومن المؤكد أن واشنطن ستسهم في تعزيز الانقسام السياسي والإجتماعي في المرحلة المقبلة، بين القسم العراقي غير الخاضع لسيطرتها، والذي لا يميل اليها كثيراً ويعتبرها دولة إحتلال تسعى للسيطرة على العراق ونهب ثرواته، وبين القسم العراقي الآخر الذي يراها بلد للتطوير والجودة والرخاء، وحتى يبقى وجودها في العراق ضرورة وليس خيار، أستخدم ترامب وسيستخدم أدوات قياس تموضع بغداد بين ”طهران وواشنطن“ في المرحلة المقبلة وكالاتي..

▪️ التهديد الدبلوماسي.

بالرغم من كون مارك سافايا لم يشغل أي منصب دبلوماسي سابقاً، ولم يتولى رتبة وظيفية على مستوى العلاقات الدولية، سواءً في بلده الأم ”العراق“ أو البلد الذي هاجر إليه ”أمريكا“ وكل ما نعرفه عنه أنه ”تاجر ماريجونا“ وقدومه للعراق ليشغل مهام مبعوث الحكومة الأمريكية الخاص في البلاد، أمر مباغت وغير متوقع، ومن الأستدلالات المؤكدة والبعيدة عن كل درجات التخمين، ما حمله بيانه الرسمي الأول منذ تكليفه بهذا المنصب، حول المسار السياسي في البلاد في المرحلة المقبلة، والذي شدد فيه «تهديد دبلوماسي» على ثلاث نقاط رئيسية ومنها..

1️⃣  ضرورة تقليص التدخلات الخارجية، في إشارة إلى إيران.

2️⃣  لا مكان لأي جماعات مسلحة في الحكومة العراقية المقبلة، في إشارة إلى الحشد الشعبي.

3️⃣  فتح الأسواق العراقية أمام الشركات الأجنبية، في إشارة إلى الشركات التركية والخليجية وربما الإسرائيلية التي تحمل مسميات أخرى.

4️⃣  ربط أمن العراق مع ”تعاون الحكومة المركزية بحكومة أقليم كردستان“ في إشارة الى ضرورة التواصل غير المباشر مع العناصر اليهودية والصهيونية المتواجدة داخل الإقليم، بشأن مستقبل النفط العراقي المباع لأسرائيل عبر شركات وسيطة، وكذلك بشأن دعم التطبيع وتعزيز السلام مع إسرائيل.

وهذا يعني إن مستقبل العراق ”الأمن والمزدهر“ مرتبط كلياً بتنفيذ ما تقدم أعلاه.

▪️ التهديد الأمني.

بلهجة الوعيد والتهديد والتخويف، وإبداء العزم على الحاق الضرر بالعراق، أوصل وزير الدفاع الأمريكي ”هيغيسث“ مجموعة رسائل الى الحكومة العراقية، خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه المذكور سلفاً، مع نظيرة وزير الدفاع العراقي ”ثابت العباسي“ على مرئ ومسمع كبار القادة الأمنيين في البلاد، حول مستقبل العلاقة الأمنية بين البلدين، والتي حذر فيها الحشد الشعبي وفصائل المقاومة العراقية من مغبة التعرض للقوات الأمريكية، خلال قيامها بعمليات في المنطقة، ولم يذكر حسب تصريح العباسي نوع ووقت ومكان تلك العمليات ومن المستهدف فيها، أيران أم اليمن أم حزب الله اللبناني، أم الحشد الشعبي نفسه، وما نوع القواعد والاملاءات التي ستفرضها واشنطن على بغداد من خلالها، ولربما الأمر متعلق بالإنتخابات العراقية القادمة، وتقويض وزن الاجنحة السياسية المرتبطة بالحشد الشعبي وفصائل المقاومة العراقية، والتأثير في نتائجها لصالح جهات أخرى تراها واشنطن مناسبة لها.

تدل مؤشرات التبليغين الذين وردا للعراق في بيان سافايا وإتصال هيغسيث، على إحتمال تجدد المواجهة سواءً مع إيران أو أي طرف من أطراف محور المقاومة، بشكل أكثر ضراوة وأوسع أمتداد، وبنفس هذا السياق فإن البعد الأمني الذي انخرطت فيه واشنطن في المنطقة الإقليمية، يجعلها ملزمة بتحييد العراق ونقله سياسياً وأمنيآ من طهران لواشنطن، ونزع سلاح الحشد الشعبي ذلك المسعى الذي بدا واضحاً جداً في حكومات الكاظمي والسوداني، سيكمل في الحكومة المقبلة حتى وأن كانت مكرهة عليه.

وهناك بعض الدلائل الأخرى التي تقع في نفس خانة ماورد أعلاه ومنها..

أولاً. يمثل الأنسحاب الأمريكي من بعض قواعدها في العراق جزءآ من التحضيرات الأمريكية لتجدد المواجهة مع أي طرف من أطراف محور المقاومة لاحقاً، وتذهب اغلب الترجيحات مع طهران أو حزب الله اللبناني.

ثانياً. التدخلات الأمريكية لمنع إقرار قانون الحشد الشعبي رغم أنف البرلمان والحكومة العراقية.

ثالثاً. مقترح قانون تحرير العراق من إيران المقدم من النائب الأمريكي ”جو ويسلون“ والذي يهدف إلي تقليص نفوذ إيران في العراق.

وفي الختام..

الموقف العراق الرسمي ”الصامت“ لحد هذه اللحظة، حول كل ما تقدم أعلاه يلعب لعبة أدارة التوقيت، والتقاط الاشارات، لترحيل الأزمة للحكومة القادمة، وبدورها ستجد الاخيرة، أن موقف ”الحياد والانخراط“ بكل تلك المعيقات الداخلية والخارجية أمرين أحلاهما مر، لذلك ستكون المرحلة القادمة صعبة للغاية، ولا أعتقد بأنها ستمر بسلام.

وبكيف الله.

You might also like