ماذا يريد مجلس الأمن من اليمن؟

إب نيوز ١٩ نوفمبر

محمد صالح حاتم

مرة أخرى يكشف مجلس الأمن عن وجهه الحقيقي تجاه اليمن، من خلال قراره الأخير 2801 الذي جدّد العقوبات واستمرارية لجنة الخبراء، في خطوة تعمّق الأزمة بدل أن تسهم في حلّها. فالقرار جاء — كالعادة — مستندًا إلى رواية أطراف شاركت في إشعال الحرب على اليمن، مع استمرار تغييب الصوت اليمني الأصيل عن أي نقاش أممي يخص مستقبل البلاد.

وليس قرار 2801 استثناءً في مسار تعامل مجلس الأمن مع اليمن؛ فمنذ مارس 2015م، ومع اندلاع العدوان على اليمن، اختار المجلس أن يقف إلى جانب المعتدين بدل القيام بدوره المفترض في إيقاف الحرب. بل إنه ذهب أبعد من ذلك حين تبنّى قرار 2216 تحت البند السابع، وهو قرار وضع اليمن عمليًا تحت وصاية دولية، ومنح الغطاء السياسي والقانوني لاستمرار الحرب والحصار، بينما تجاهل جرائم استهدفت المدنيين والبنية التحتية بشكل ممنهج. ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم، أثبت المجلس أنه منحازٌ لطرف ومُقصٍ لطرف، ففقد حياده ومصداقيته كجهة يفترض بها حفظ السلم والأمن الدوليين.

اللافت في القرار الأخير أنه يعكس — بوضوح — هيمنة الولايات المتحدة وبريطانيا على مسار مجلس الأمن، حيث تحاولان استخدامه لشرعنة عسكرة البحر الأحمر وفتح الباب أمام المزيد من التوترات في واحد من أهم الممرات البحرية في العالم. فبدل أن يسهم المجلس في حماية الأمن الإقليمي، أصبح أداة لتمرير السياسات الأمريكية والبريطانية التي تهدّد الملاحة في البحرين العربي والأحمر وتخلق بيئة صراع جديدة.

التقرير الأخير الصادر عن لجنة الخبراء التابعة للمجلس لم يكن أقل سوءًا؛ فقد جاء — بحسب الوقائع والمعطيات الميدانية — مليئًا بالمغالطات والادعاءات غير الواقعية. اللجنة، التي أصبح طابعها السياسي أوضح من أي وقت مضى، تواصل إعداد تقارير تحمل معلومات مضللة وأحكامًا غير مبنية على حقائق، ما يفقدها أي مصداقية أو قابلية للتعاطي الجاد.

إن تجديد العقوبات واستمرار لجنة الخبراء لا يعكس حرصًا على الأمن أو السلام كما يدّعي مجلس الأمن، بل يشير إلى إصرار واضح على إدامة الوضع القائم من الفوضى والضغط السياسي، بما يخدم مصالح القوى المتنفذة داخل المجلس. وهكذا يتحول مجلس الأمن من مؤسسة دولية يُفترض بها حفظ الأمن إلى أداة لإنتاج عدم الاستقرار في اليمن والمنطقة.

وفي مقابل هذا النهج غير العادل، يمكن تقدير موقف روسيا والصين اللتين امتنعتا عن التصويت للقرار، وهي خطوة تعبّر عن بداية وعي متنامٍ بحقيقة ما يجري، رغم الحاجة إلى مواقف أكثر قوة وصلابة في المستقبل.

ما تجاهله مجلس الأمن — وربما تعمّد تجاهله — هو أن قراراته لن تغيّر شيئًا من الموقف اليمني المبدئي تجاه القضايا الكبرى في المنطقة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. كما أنها لن تمنح شرعية لوجود عسكري تُحاول واشنطن ولندن فرضه تحت عناوين مضللة.

وفي الأخير، فإن التاريخ القريب مليء بالشواهد التي تثبت أن أي محاولة لاستغلال قرارات دولية للإضرار بسيادة اليمن أو مصالحه لن تجلب سوى الفشل لأصحابها. أما اليمن فسيظل ثابتًا على مواقفه، مدركًا أن مجلس الأمن — بصيغته الحالية — أصبح جزءًا من معادلة زعزعة الاستقرار، لا صانعًا للسلام كما يدّعي.

You might also like